عُمان تسبق الخليج في ضريبة الدخل.. تنويع استراتيجي لمصادر التمويل
klyoum.com
أخر اخبار سلطنة عُمان:
البديوي: عصابات إجرامية تستهدف الخليج بآفة المخدراتمسقط - مازن المحفوظي - الخليج أونلاين
وزير الاقتصاد العُماني: الضريبة تمثّل أداة تمويلية مهمة لاستدامة التنمية وتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل.
في خطوة مفصلية من شأنها أن تعيد تشكيل المنظومة المالية في الخليج، أعلنت سلطنة عُمان رسمياً تطبيق قانون ضريبة الدخل على الأفراد، لتكون بذلك أول دولة في مجلس التعاون الخليجي تتخذ هذا القرار.
القانون الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم 56/2025، يدخل حيّز التنفيذ مطلع عام 2028، ويستهدف الأفراد الذين يتجاوز دخلهم السنوي 42 ألف ريال عُماني.
الخطوة العُمانية، رغم كونها استباقية على مستوى الخليج، جاءت ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الدخل، وتمويل منظومة الحماية الاجتماعية، في سياق اقتصادي عالمي يتّسم بعدم الثقة مع تقلّبات أسعار الطاقة.
تفاصيل القانون والاستعدادات
يتكوّن قانون ضريبة الدخل الجديد من 76 مادة موزّعة على 16 فصلاً، ويفرض ضريبة بمعدل 5% على الأشخاص الطبيعيين الذين يتجاوز دخلهم السنوي 42 ألف ريال عُماني (ما يعادل نحو 109 آلاف دولار).
ويُعد هذا الحد من الإعفاء من أعلى المعدلات عالمياً، إذ أكّد جهاز الضرائب أن نحو 99% من المواطنين والمقيمين في عُمان غير مُكلّفين بهذه الضريبة، ما يجعل العبء الضريبي محصوراً بالفئات الأعلى دخلاً.
كريمة بنت مبارك السعدية، مديرة مشروع الضريبة على دخل الأفراد بجهاز الضرائب، أوضحت أن التجهيزات الفنية والتشريعية اكتملت، مؤكدة أن اللائحة التنفيذية ستصدر خلال عام من نشر القانون، وأن النظام الإلكتروني مصمم لتعزيز الامتثال الطوعي وربطه بالمؤسسات ذات العلاقة لضمان الدقة في احتساب الدخول.
وتأتي هذه الخطوة بعد دراسات اقتصادية واجتماعية معمّقة استندت إلى بيانات رسمية، خلصت إلى أن التأثير المحتمل على الاقتصاد الكلي سيكون محدوداً، وأثره على الناتج المحلي الإجمالي أقل من 1%، وهو ما يؤكده أيضاً وزير الاقتصاد العُماني سعيد الصقري، الذي شدد على أن "الضريبة تمثّل أداة تمويلية مهمة لاستدامة التنمية وتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل".
سياق اقتصادي محلي وإقليمي
القرار ينسجم مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040" التي تطمح إلى رفع مساهمة الإيرادات غير النفطية إلى 15% بحلول عام 2030، و18% في عام 2040.
إذ تُظهر البيانات الرسمية أن إيرادات النفط والغاز لا تزال تمثل ما بين 68% و85% من إجمالي الإيرادات العامة، ما يجعل الاقتصاد الوطني عرضة لتقلبات الأسواق العالمية.
الضريبة الجديدة تُعد أيضاً جزءاً من استكمال المنظومة الضريبية التي بدأتها عُمان خلال السنوات الماضية، والتي تشمل ضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية، وضريبة أرباح الشركات، ما يجعل ضريبة الدخل خطوة منطقية في إطار البناء المتكامل للسياسة المالية في الدولة.
وبحسب وزارة الاقتصاد، فإن تطبيق ضريبة الدخل سيسهم في تعزيز قدرة الدولة على الاستمرار في تمويل قطاعات أساسية، كالصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية.
فقد خُصص في ميزانية العام المالي 2025 أكثر من 5 مليارات ريال عُماني للقطاعات الاجتماعية، بواقع 39% للتعليم، و24% للصحة، و28% لمنظومة الحماية الاجتماعية التي يستفيد منها نحو مليوني شخص شهرياً.
كما أن تطبيق الضريبة يرسل إشارة قوية للمستثمرين بشأن استقرار واستدامة المالية العامة، إذ تُعد عُمان من الدول القليلة في المنطقة التي حققت تحسناً ملموساً في تصنيفها الائتماني وخفّضت مستوى الدين العام بفضل إدارة رشيدة للعائدات النفطية.
قراءة تحليلية: هل تتبع دول الخليج؟
في قراءة تحليلية للتوجه العُماني يرى المحلل الاقتصادي خلفان الطوقي أن القرار يمثل سابقة خليجية ستخضع للاختبار والتقييم قبل أن تُحذى بها دول أخرى.
ويقول في تصريح لـ"الخليج أونلاين": "عُمان ستكون بمنزلة دراسة حالة لبقية دول الخليج إذا نجحت التجربة، فربما تتشجع الدول الأخرى لتطبيق نماذج مشابهة، وإن فشلت فستُؤجَّل التجربة إلى أجل غير مسمّى".
الطوقي يربط بين الضريبة ورؤية "عُمان 2040"، مشيراً إلى تشابهها في الجوهر مع رؤية السعودية 2030 ورؤية الكويت 2035.
لكنه في الوقت نفسه يُحذر من استنساخ التجربة دون الأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية لكل دولة؛ كعدد السكان، ومستويات الدخل، ونسبة المواطنين إلى الوافدين، ومدى تقبل المجتمعات للضرائب المباشرة.
ويؤكد أن توقيت القرار العُماني جاء بناءً على ظروف اقتصادية معينة، منها الحاجة إلى استدامة الإيرادات غير النفطية، وتوصيات دولية من مؤسسات كصندوق النقد والبنك الدولي، وضغط الإنفاق الاجتماعي، ورغبة الدولة في تقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.
ولا يرى الطوقي أن قرار عُمان سيُستنسخ فوراً في بقية دول الخليج، لكنه يعتقد أن "اليوم الذي تُطبّق فيه هذه الضريبة إقليمياً قادم لا محالة، والاختلاف فقط في التوقيت".