حراس الزُرقة.. هكذا تحمي عُمان كنوزها البحرية من الخطر
klyoum.com
أخر اخبار سلطنة عُمان:
نيكي الياباني يهبط من قمة أسبوعين مع ترقب نتائج انتخاباتمسقط - مازن المحفوظي - الخليج أونلاين
- حظيت المحميات الطبيعية البحرية باهتمام خاص ضمن سياسات السلطنة البيئية.
- أنشأت السلطنة عدة محميات معترف بها دولياً، من أبرزها:
محمية السلاحف برأس الجنز.
محمية جزر الديمانيات الطبيعية.
محميات الأخوار في محافظة ظفار.
تمتد السواحل العمانية بطول يتجاوز ثلاثة آلاف كيلومتر، تتوزع فيها الجزر والشواطئ والسهول الساحلية من محافظة مسندم شمالاً حتى ظفار جنوباً، ما يمنح السلطنة موقعاً مميزاً ضمن أغنى دول المنطقة بالتنوع البيئي البحري.
وتزخر هذه السواحل المطلة على بحر العرب وبحر عُمان بنظم بيئية فريدة، تشمل الشعاب المرجانية، وأشجار القرم، والأسماك، والطيور البحرية، والحيتان، والدلافين، إضافة إلى كونها موئلاً طبيعياً لعدد من الكائنات البحرية المهددة بالانقراض، أبرزها السلاحف البحرية.
مع هذه الثروات البحرية القيمة، وفي ظل تزايد الأخطار التي تهددها، من تغيرات مناخية وتلوث وصيد جائر، وضعت سلطنة عُمان البيئة البحرية في صميم أولوياتها البيئية والاقتصادية.
ووفق ذلك تبنّت السلطنة برامج حماية متقدمة، في إطار رؤية وطنية شاملة رسمتها رؤية عمان 2040 التي تؤكد على ضرورة الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية والحفاظ على النظم البيئية الحيوية.
موائل ترمم وأخرى تحمي
من أبرز المشاريع التي نفذتها هيئة البيئة خلال السنوات الأخيرة، مشروع الشعاب المرجانية الاصطناعية، الذي يستهدف إعادة تأهيل المواطن البيئية المتضررة نتيجة التغيرات المناخية والأنشطة البشرية.
يقوم المشروع على إنزال قوالب إسمنتية وهياكل معدنية ومعدات عسكرية منتهية الصلاحية إلى قاع البحر في مواقع مختارة، لتكون بيئة حاضنة لنمو الشعاب المرجانية والكائنات البحرية.
وبحسب تصريح المهندس أحمد بن سعيد الشكيلي، مدير دائرة صون البيئة البحرية في هيئة البيئة لـ"الخليج أونلاين"، فإن الهدف هو إعادة تأهيل الشعاب المرجانية المتضررة، وتعزيز التنوع البيولوجي، ودعم الصيد المستدام، وحماية المناطق الساحلية.
وحظيت المحميات الطبيعية البحرية باهتمام خاص ضمن سياسات السلطنة البيئية، حيث أنشئت عدة محميات معترف بها دولياً، من أبرزها محمية السلاحف برأس الجنز، ومحمية جزر الديمانيات الطبيعية، ومحميات الأخوار في محافظة ظفار.
تشكل هذه المحميات ملاذاً آمناً للعديد من الكائنات النادرة والمهددة بالانقراض، مثل السلاحف الخضراء وصقرية المنقار، وحيتان العنبر والدلافين، إضافة إلى كونها مناطق غنية بالشعاب المرجانية وأشجار القرم.
وتعد جزر الديمانيات تحديداً من أهم المواقع البيئية في عمان، وتعتبر محطة رئيسة في مسارات هجرة الطيور البحرية.
توفر هذه المحميات مظلة قانونية للحماية، إذ يُمنع فيها الصيد الجائر، ويتم تنظيم زيارات السياح، فضلاً عن أنها تخضع لبرامج مراقبة بيئية مستمرة.
التزام دولي وسياسات محلية
لا تنفصل الجهود العُمانية لحماية البيئة البحرية عن التزاماتها الدولية، حيث صادقت السلطنة على عدد من الاتفاقات البيئية المهمة، منها:
اتفاقية التنوع البيولوجي.
اتفاقية الاتجار في الأنواع المهددة بالانقراض (CITES).
اتفاقية رامسار للأراضي الرطبة.
مذكرة التفاهم بشأن حماية السلاحف البحرية في المحيط الهندي.
في حديثه لـ"الخليج أونلاين" لفت مدير دائرة صون البيئة البحرية في هيئة البيئة، إلى أن سلطنة عُمان تُولي أهمية كبيرة للتعاون الدولي وتمثل ذلك في المشاركة في عدد من الاتفاقيات والبرامج البيئية العالمية، التي تُعنى بالحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان استخدامه بشكل مستدام.
ويشير إلى ان هذا الاهتمام يسهم في تعزيز جهود السلطنة في مواجهة التحديات البيئية العالمية المتعلقة بالمحيطات.
وتلتزم السلطنة بتقديم تقارير دورية ضمن هذه الاتفاقيات، وتقوم بتعزيز الرقابة على تجارة الكائنات الفطرية، ومكافحة الاتجار غير المشروع بها.
وأيضاً، تنظم حملات توعية تستهدف شرائح المجتمع المختلفة، لإبراز أهمية حماية البيئة البحرية، ورفع وعي المجتمع المحلي، خصوصاً في القرى والمناطق الساحلية.
وفي إطار الجهود المستمرة لحماية البيئة، تنفذ هيئة البيئة مشروعاً سنوياً لرصد الملوثات في البيئة البحرية، حيث تُؤخذ عينات من المياه والرسوبيات من مواقع تمتد من محافظة مسندم شمالاً إلى محافظة ظفار جنوباً.
وتهدف هذه الدراسات إلى قياس تركيزات المعادن الثقيلة والمركبات الهيدروكربونية، وتقييم آثار الأنشطة البشرية، لا سيما في المناطق القريبة من الموانئ والمناطق الصناعية.
ويشكل هذا المشروع أداة علمية لرصد مؤشرات التلوث، وتحديد مواقع الاختلال البيئي، مما يساعد في رسم السياسات واتخاذ إجراءات تصحيحية مبنية على بيانات دقيقة.
التكنولوجيا في خدمة البيئة
لم تقتصر أدوات حماية البيئة البحرية في عُمان على الدراسات المخبرية، بل استعانت الهيئة بالتقنيات الحديثة لتتبع الكائنات البحرية المهددة بالانقراض.
وتشمل هذه التقنيات أجهزة تتبع، تُركب على الحيتان والسلاحف البحرية، لتسجيل تحركاتها، وسلوكها، ومواقع التغذية والتكاثر، ومسارات هجرتها.
وتنفذ الهيئة حالياً المرحلة النهائية من مشروع مسح الحيتان والدلافين في محافظة مسندم، والذي يستهدف إعداد خطة وطنية لحماية الثدييات البحرية، وتحديد المناطق الحرجة التي تحتاج إلى حماية إضافية.
في المقابل، تبرز جمعية البيئة العُمانية كشريك محوري في جهود حماية التنوع الأحيائي البحري بالسلطنة، عبر تنفيذ حزمة من المشروعات النوعية؛ أهمها:
مشروع دراسات الحيتان والدلافين وصونها.
مشروع حماية السلاحف البحرية.
مشروع دراسات الشعاب المرجانية.
مبادرة التوعية بأهمية محمية جزر الديمانيات الطبيعية.
وتعمل الجمعية على توسيع نطاق الوعي البيئي داخل المجتمع المحلي، وذلك بتنظيم حملات ومبادرات تستهدف كافة شرائح المجتمع، لتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على المنظومة البيئية البحرية، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية تجاه الموارد الطبيعية.
وأيضاً تسهم الجمعية بشكل فاعل في رسم السياسات واتخاذ القرارات البيئية على المستوى الوطني، من خلال توفير نتائج الدراسات والبيانات العلمية اللازمة للجهات الحكومية، مما ينعكس إيجاباً على الإجراءات التنظيمية والقانونية.
ولعبت البرامج التعليمية والتثقيفية دوراً بارزاً في تعزيز جهود حماية البيئة البحرية، إذ نظمت العديد من الفعاليات وحلقات العمل والزيارات الميدانية للمحميات الطبيعية بالتعاون مع المدارس والجامعات، مما أسهم في رفع الوعي بين الأجيال الناشئة.
وفي السياق نفسه، بادرت المؤسسات الأهلية بالتنسيق مع الجهات الحكومية بتنفيذ حملات تستهدف تعديل السلوكيات اليومية الضارة بالبيئة البحرية، مثل الحد من استخدام البلاستيك، والتخلص من المخلفات بطرق مستدامة، والتوعية بمخاطر الممارسات السياحية غير المسؤولة، التي باتت تشكل تهديداً مباشراً للحياة البحرية.
تهديدات متراكمة
ورغم ما تحقق من تقدم، ما تزال البيئة البحرية في عُمان تواجه تحديات متزايدة، أبرزها ظاهرة التغير المناخي التي تؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة المياه، ما يؤثر مباشرة على صحة الشعاب المرجانية ومسارات هجرة الكائنات البحرية.
ويشكل الصيد الجائر والصيد العرضي خطراً مستمراً يهدد السلاحف والدلافين وغيرها من الكائنات البحرية النادرة.
وتواجه البيئة البحرية أيضاً تهديدات متفاقمة من التلوث النفطي والبلاستيكي؛ نتيجة تزايد النشاط البحري وحركة السفن، بالإضافة إلى التلوث الصوتي الناجم عن حركة الملاحة البحرية، والذي يُخل بالتواصل الطبيعي للكائنات البحرية ويؤثر على سلوكها في التغذية والتكاثر.
وسعياً لمواجهة هذه التحديات، تعمل السلطنة على تطوير إدارة المحميات البحرية، عبر تحديث الأطر القانونية، وتوفير الموارد المالية اللازمة، وإشراك المجتمعات المحلية في جهود الحماية وإدارتها بشكل مستدام.
ويجري حالياً إعداد خطط إدارة شاملة لكل محمية بحرية، تشمل:
إجراءات مراقبة مستمرة للتنوع البيولوجي.
تنظيم للسياحة البيئية وفقاً لمعايير علمية.
تعزيز دور الجامعات والمؤسسات البحثية في دراسة ورصد الأنظمة البيئية البحرية، لتوفير بيانات دقيقة تبنى عليها السياسات البيئية المستقبلية.