تسريب الروائز يربك مشروع "مدارس الريادة" ويضع تكافؤ الفرص على المحك
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
طقس حار وأمطار رعدية مرتقبة غدا الإثنين بعدد من المناطق المغربيةفي واقعة تضرب في صميم مشروع "مدارس الريادة" الذي جاء به الوزير الأسبق شكيب بنموسى "لإصلاح" المدرسة العمومية، شهدت منصات التواصل الاجتماعي تسريبا واسع النطاق لنسخ من روائز المرحلة الثالثة لمستويات الابتدائي، قبل أيام فقط من موعد إجرائها الموحد على الصعيد الوطني والمحدد في يوم الاثنين المقبل.
هذه "الفضيحة" لم تثر قلق الأوساط التربوية فحسب، بل فتحت الباب على مصراعيه أمام تساؤلات جدية حول آليات تأمين الامتحانات ومستقبل مشروع إصلاحي وُلد ليقوم على مبادئ الجودة والإنصاف.
واعتبر متتبعون للشأن التربوي أن الخطر المباشر لهذا التسريب يكمن في نسفه الكامل لمبدأ تكافؤ الفرص، فالروائز التي صُممت لتكون أداة قياس محايدة، تحولت بفعل هذا الخرق إلى أداة تمييزية، فالتلميذ الذي اطلع على الأسئلة مسبقا وتدرب عليها ليس كمن يخوض الاختبار للمرة الأولى، مما يحول التقييم من قياس للفهم الحقيقي إلى مجرد اختبار للذاكرة، ويفقد النتائج أي مصداقية. وبهذا، تصبح البيانات التي ستُجمع مشوهة وغير قادرة على عكس المستوى الحقيقي للمتعلمين، وتفقد العملية التقييمية قيمتها كأداة للتشخيص والتطوير.
وأضافوا أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الأثر التربوي بعيد المدى، فربط التفوق بالقدرة على الحصول على تسريبات يخلق جيلا يعتمد على الحلول الجاهزة بدلاً من التفكير النقدي، ويزيد المشهد تعقيداً التسارع الملحوظ من قبل أولياء الأمور أنفسهم نحو طلب هذه الروائز، وهو سلوك، وإن كان نابعاً من حرص على مستقبل أبنائهم، إلا أنه يشارك في ترسيخ ممارسة خاطئة تحول التنافس الشريف إلى سباق غير أخلاقي للحصول على نتائج زائفة.
وحول الموضوع، قال قاشا كبير، عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، إن تعاظم الغش في كل مستويات التعليم المغربي من الجامعة مرورا بالثانويات والإعداديات وصولا إلى المدارس الابتدائية هو تعبير عن إفلاس آليات تدبير المنظومة التعليمية وانهيار أخلاق المجتمع الذي أصبح مطبعا أكثر مما مضى مع هذه الظاهرة الخطيرة التي أصبحت بنيوية قائمة على قاعدتها السياسية الاجتماعية
واعتبر أن الخاسر الأكبر من هذه التسريبات هو المدرسة العمومية وقيمة المعرفة وهيبة البلد الذي أصبح يشار إليه كنموذج للغش المكيف حسب المستويات، إما قبيل الامتحان أو بعيد بدئه بدقائق بالنسبة للأعمار العليا، أو قبل الامتحانات بأيام بالنسبة للمستويات الابتدائية.
وأضاف قاشا ضمن تصريح لجريدة "العمق" أن وزارة التربية الوطنية لم تقم بأي دور يستحق التقدير إسوة بمجموعة من الدول التي استطاعت وقف الانهيار بتغيير نظام امتحاناتها جذريا أو اعتماد أوراق امتحانات غير قابلة للتصوير مثلا.
وأبرز بأن هذا التساهل والفتور في تشديد الرقابة وإجراءات التصدي والوقاية من حالات الغش المتعاظمة سواء من حيث طرقها وتطورها وسوقها (تقنيات، وسائل، موردي خدمات الغش…) وإن كان يحقق مكاسب لحظية سياسوية لجهة الإيهام بتعافي المنظومة من خلال النفخ في النتائج والمعدلات، فإنه يعمق التدهور سنة بعد أخرى مكرسا اللامساواة والظلم وعدم تكافؤ الفرص.
وخلص المتحدث نفسه إلى أن تطويق هذه الظاهرة يحتاج إلى تظافر جهود العديد من المؤسسات بما فيها وزارة الداخلية والنيابة العامة والشرطة الإلكترونية والقضاء ناهيك عن الإعلام المسؤول، عوض الاكتفاء بفحص أجسام بعض المترشحين بطريقة غير قانونية ولا تربوية من طرف حراس أمن مراكز الامتحانات الذين يجبرون على أداء هذه المهام التي لا تدخل في نطاق اختصاصاتهم.