الدكتورة دانا السليمان: "في هذا اليوم الوطني، أشعر بالفخر لما حققناه من إنجازات"
klyoum.com
بمناسبة اليوم الوطني السعودي، التقت Elle Arabia مع الدكتورة دانا السليمان، وهي أستاذة مشاركة في علوم المواد والهندسة الحيوية في جامعة الملك عبد الله، والباحثة الرئيسية في مختبر BioMAD. تُعد الدكتورة دانا من رواد الابتكار على مستوى العالم، حيث تُغير من مفهوم الرعاية الصحية من خلال أبحاثها المبتكرة في مجال تقنيات التشخيص المبكر للأمراض والطب الشخصي.
لقد حظيت أبحاثها، التي تتناول منصات الإبر الدقيقة وتقنيات الاستشعار الحيوي وأدوات التشخيص المتطورة، بالعديد من الجوائز المرموقة، منها جائزة لوريال-اليونسكو للمرأة في العلوم، وجائزة رواد الابتكار تحت 35 عامًا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بالإضافة إلى اعتراف دولي بأبحاثها ذات الأثر العملي. وبجانب إنجازاتها العلمية، تُعد الدكتورة دانا أيضًا مرشدةً للباحثات الشابات، ودعيمةً للنوعية المتنوعة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وممثلةً بارزة للمملكة العربية السعودية على الساحة الدولية. وفي ظل مسيرة المملكة المتميزة نحو الابتكار والتقدم، يعكس عمل الدكتورة دانا روح رؤية 2030: الرؤية الطموحة والشاملة والمؤثرة. وفي لقائنا معها، كان هذا الحوار.
يحتفي اليوم الوطني السعودي بالتقدم والابتكار؛ ماذا يعني هذا اليوم لك كعالم سعودي يقود أبحاثًا متطورة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية؟
يُعدّ هذا اليوم احتفالًا بالتقدم الملحوظ الذي أحرزته المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات، بدءًا من الرعاية الصحية والطاقة والاستدامة، وصولًا إلى الإنجازات الملهمة لشبابنا المتميزين الذين يحظون بتقدير عالمي. أشعر بامتنان عميق للفرص التي أتاحتها لنا المملكة العربية السعودية، بدءًا من المنح الدراسية والزمالات وصولًا إلى البنية التحتية وبرامج الإثراء عالمية المستوى، مما يوفر لنا بيئةً تُمكّننا من الابتكار والازدهار. كعالمة سعوديّة، أسعى جاهدة لغرس هذه الروح الثاقبة للشباب السعودي في مختبري، مُلهمة فريقي لمواجهة أكثر تحديات الرعاية الصحية إلحاحًا، مع رفع اسم بلدنا عاليًا على الساحة العالمية. في هذا اليوم الوطني، أشعر بالفخر بالتقدم الذي أحرزناه، وأنا واثقة من أنّ المملكة العربية السعودية ستواصل تحقيق إنجازات أكبر، لتصبح قريبًا مركزًا عالميًا للتكنولوجيا الحيوية والابتكار.
ما الذي ألهمك في البداية للتركيز على تطوير تقنيات طفيفة التوغل للكشف المبكر عن الأمراض والرعاية الصحية الشخصية؟
لطالما آمنتُ بأن حلول الرعاية الصحية يجب أن تكون متاحة للجميع، وشاملة، ومُركزة على المريض. وقد ترسخت هذه القناعة في ذهني عندما اكتُشف سرطان والدي صدفةً أثناء فحص روتيني. كان الكشف المبكر سببًا رئيسيًا في نجاته، وأظهر لي كيف يُمكن للكشف المبكر أن يُؤثر بشكل كبير على نتائج المرضى. ألهمتني هذه التجربة لصياغة مهمة مختبري حول تطوير تقنيات محمولة قليلة التدخل، تُتيح رعاية صحية متقدمة للجميع في كل مكان. يُمكن للكشف المبكر عن السرطان أن يُحسّن بشكل كبير من فرص البقاء على قيد الحياة ويُقلل العبء الاقتصادي للعلاج، بينما يُمكن للكشف المبكر عن الأمراض المعدية أن يُساعد في منع الأوبئة القادمة. ولكن حتى أكثر التقنيات تقدمًا لا يكون لها تأثير يُذكر إذا لم تكن متاحة للجميع. بالنسبة لي، يكمن جوهر الابتكار في ابتكار علم هادف، وتطوير حلول مُتجذرة في التعاطف والتعاطف والشمول.
من بين ابتكاراتك، مثل مصفوفات الإبر الدقيقة المُغلفة بالهيدروجيل ورقعة ProT-Patch، أيها تعتقد أنه سيُحدث نقلة نوعية في رعاية المرضى في المستقبل القريب؟
تتمتع تقنيتا الإبر الدقيقة اللتان طورناهما بإمكانيات هائلة: إحداهما مصممة للاستشعار الحيوي، والأخرى لتوصيل الأدوية، إلا أنهما تعتمدان على الجلد كواجهة مريحة وغير مؤلمة للمرضى. ومن المثير للاهتمام أن فريقي، مختبر BioMAD، يعتمد على هذه الخبرة ويبتكر منصة إبر دقيقة أكثر تطورًا، متعددة الاستخدامات وقابلة للتصنيع بكميات كبيرة. أكثر ما يثير حماسي هو تعدد استخداماتها: إذ يمكن برمجتها للكشف عن مجموعة واسعة من مؤشرات الصحة والعافية في تطبيقات مختلفة. أحد المجالات التي نركز عليها حاليًا هو الرياضة، حيث يمكن لهذه المنصة مراقبة المؤشرات الحيوية الرئيسية لتوجيه التدريب، ومنع الإصابات، أو تحسين أداء الرياضيين. نأمل أن تُمكّن الابتكارات السعودية الرياضيين السعوديين، مما يُبرز تميزهم العلمي والرياضي على الساحة العالمية، لا سيما مع استعداد المملكة لاستضافة فعاليات رياضية دولية كبرى في السنوات القادمة.
كيف أثر العمل في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وداخل المملكة العربية السعودية على طموحاتكم البحثية وفرص التعاون؟
لقد كان العمل في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) وضمن منظومة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) المزدهرة في المملكة العربية السعودية تحولاً حقيقياً ومجزياً. إذا عملت في السعودية، فسترى بسهولة أن الطموح يقترن بالفرص، من خلال مرافق عالمية المستوى، واستثمارات وطنية في الابتكار، ورؤية قيادية تتبنى العلم والابتكار كمحركين رئيسيين للتقدم. لقد دفعتني هذه البيئة إلى طموحات أكبر، وبناء تعاون مع شركاء دوليين رائدين من الأوساط الأكاديمية والصناعية، وضمان أن يعالج بحثي تحديات الرعاية الصحية العالمية مع مواءمته مع الأولويات الوطنية السعودية. إنه لأمر مُرضٍ للغاية أن أعمل في مكان تتحقق فيه رؤية 2030، وكوني جزءًا من هذه الجهود يملؤني بالفخر والحماس لما ينتظرني في المستقبل.
أنتِ تشرفين على مجموعة متنوعة من الباحثين الشباب وتُقدمين لهم الإرشاد - كيف تُشجعين الإبداع والشمولية في مختبرك؟
بما أن العلم ملكٌ للجميع، فينبغي أن يُمارس من قِبل الجميع. أعتقد أن الأبحاث ذات الأثر الكبير والحلول القوية تظهر عندما يعمل أفراد من مختلف الجنسين والخلفيات والثقافات والتخصصات معًا، كل منهم يُضيف نظرةً فريدة. لهذا السبب، حرصتُ على تعزيز التنوع في فريق عملي. إذا تعرفتم على فريقنا، ستلاحظون التوازن بين الجنسين وتمثيلًا واسعًا من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والصين والمكسيك وإندونيسيا وباكستان والمملكة المتحدة.
إن إرشاد هذا الفريق من الباحثين وشاهدة تطورهم كانت من أكثر جوانب مسيرتي الأكاديمية استحقاقًا للتقدير. بالنسبة لي، الإرشاد لا يقتصر على توجيه البحث، بل يشمل أيضًا دعم الجيل القادم، والاعتراف بقدراتهم، وترشيحهم للمناصب والفرص، وضمان إبراز إنجازاتهم ليتجاوزوا أحلامي.
بصفتكِ نائبة رئيس لجنة أخلاقيات البحث والسلامة البيولوجية في جامعة الملك عبد الله، كيف توازن بين الابتكار السريع والمسؤولية الأخلاقية؟
في المملكة العربية السعودية وفي جامعة الملك عبد الله، نتقدم بسرعة في مجالات مثل النانو تكنولوجي، والمواد الحيوية، وتعديل الجينات، وغيرها من مجالات البحث المتعلقة بالإنسان، ولكننا نفعل ذلك دائمًا ضمن إطار من المسؤولية. هدفنا كُلجنة هو ضمان أن يكون كل إنجاز في جامعة الملك عبد الله مُحاطًا بأعلى معايير السلامة والأخلاقيات واحترام الإنسان. من خلال جعل النزاهة والأخلاقيات في صميم العلم، نبني الثقة ونحمي مجتمعنا، ونضمن أن تكون الابتكارات السعودية رائدةً ومبنية على الأخلاقيات والقيم والمبادئ.
ما الرسالة التي ترغبين في توجيهها إلى الشابات السعوديات الطموحات في مجالات العلوم والتكنولوجيا في هذا اليوم الوطني؟
تُحقق الفتيات والنساء السعوديات نجاحًا غير مسبوق في مجالات العلوم والتكنولوجيا، لذا لا داعي لإقناعهن بأهمية هذه المجالات. ما أريد قوله لهن هو: استمرّن في هذه المجالات، واطمحن إلى المزيد، وأبدعن في تطبيق علومكن. حولن أبحاثكن من المختبر إلى المجتمع ومن المعمل إلى الممارسة العملية. نحتاج إلى المزيد من ابتكاراتكن في الميدان، وفي الشركات الناشئة، وفي الحلول التي تدعم رؤية المملكة العربية السعودية لإقتصاد مستدام ومتنوع. نحن بحاجة إلى رؤية المزيد منكم في مواقع صنع القرار، سواء في اجتماعات الأقسام الأكاديمية أو مجالس الإدارة أو اللجان الوطنية، لأن آرائكم أساسية لبناء حلول فعّالة وشاملة. وبهذه المناسبة الوطنية، أدعوكم إلى الثقة بأنفسكم وإلى إمكانياتكم، وأن تتبنوا الصفات التي تميزكم، وأن تفتخروا بدوركم في قيادة المملكة العربية السعودية نحو آفاق أرحب من التميز العلمي والاجتماعي، تحت قيادتنا الحكيمة وبموجب رؤية المملكة 2030.