خاص الهديل: اقتراح لتطوير قانون الانتخابات: إجازة ترشح الزعيم بعد موته لمرة واحدة!!
klyoum.com
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
انتهت الانتخابات البلدية في لبنان على نتائج لا تقول بالسياسة ولا بالاجتماع الشيء الكثير أو أقله شيئاً مهماً. فالمدن والقرى في محافظات لبنان أنتجت ذات تعبيراتها الاجتماعية والسياسية التي يعود جزءاً كبيراً منها إلى جذور اجتماعية نشأت خلال الحرب الأهلية أو تظهرت خلال مرحلة السلم التي تلت الحرب وكان عنوانها عفا الله عن مضى ويمكن أن يستمر لبنان بعد توقف الحرب بنفس الاجتماع السياسي الذي خاض الحرب أو جاء ليرشي من الجهات التي قبلت تبديل بزتها العسكرية بالبزة المدنية.
بعد كل انتخابات بلدية أو نيابية أو حتى انتخابات على مستوى لجنة بناية يتضح أن الانتخابات في لبنان ليست وسيلة لتغيير دم السلطة بل لتثبيت الدم المتخثر ذاته في شرايين الدولة والمجتمع المتصلبة.
المشكلة بنيوية ولها صلة بأن الاجتماع اللبناني منذ العام ١٩٧٥ وهو في حالة أزمات وانهيارات عميقة متتالية، تؤدي بالعموم إلى انقطاع تراكم تجربة ارتقائه الاجتماعي والسياسي نتيجة استمرار نزيف الديموغرافيا اللبنانية بفعل هروب الشباب من الواقع اللبناني الخالق الطارد للحياة (تناقص وسائل الحياة الأساسية)، إلى البحث في الخارج عن فرص حياة وليس فقط عن فرص عمل.
.. وعلى هذا لا يمكن توقع أن تفعل الانتخابات أكثر من كونها سيخرج عنها نتائج تصور صورة أزمة المجتمع..
.. ومع ذلك تصر القوى السياسية على تقديم منطقها أو خطابها السياسي بوصفه أنه لا يزال صالحاً للإيمان به، وأنه هو المخلص؛ ويحدث ذلك رغم أن هذه القوى السياسية عينها تكرر منذ عدة عقود مشهد تقديم نفسها على أنها المخلص فيما البلد يحتضر والدولة تتحلل؛ وهي رغم الحال هذا؛ فهي لا تقدم اعتذاراً للشعب عن فشلها ولا تشعر بمسؤولية عن ما حدث ويحدث للبلد في عهود حكمها؛ وأيضاً والأنكى من ذلك، فإن الاجتماع اللبناني أو ربعه المتبقي في الوطن يواكب فشل هذه القوى السياسية بمكافأتها بالاقتراع لها وتجديد ثقته بفشلها.
..وهكذا تتحول الانتخابات في لبنان إلى مشهد سوريالي غير واقعي رغم أنه موجود ومعاش؛ ورغم أن هناك لوائح شطب تحصي المكلفين بدفع ضريبة إبقاء الحال على حاله وتأبيد المأساة؛ ورغم أن المقترعين هم قلة من الناخبين المسجلين؛ ورغم أن الأموات تنتخب أو يتم تنخيبها في أحايين كثيرة؛ ولم يعد ينقص والحال هذا، إلا أن يتم سن قانون يوافق عليه البرلمان يجيز للزعيم بأن يستمر بالترشح حتى بعد مماته وذلك لمرة واحدة ستكون قابلة للتجديد لمرات كثيرة.
لعل أغرب ظاهرة في انتخابات البلدية هو أنها أظهرت كيف أن النواب التغييرين الشباب أصيبوا بالشيخوخة المبكرة؛ وصار الواحد منهم ينطبق عليه القول "ولقد بلغت من العمر عتياً".. ولا شك أن هذا هو عمر اليأس وهذا وقت خروجهم من شبابيك التجربة بعد أن أدخلوهم الناس بيوت أحلامهم من أبوابها..
سوف تنام البلدات والمدن والضيع بعد أربع جولات من رياضة الهرولة هروباً من صناديق الاقتراع أو باتجاهها من قبل نحو ٢٥ بالمئة من أصحاب الاقتراع الممل؛ ثم بعد نحو عام سينادي المنادي داعياً ال ٢٠ إلى ٢٥ بالمئة من المكلفين بإبقاء الحال على حاله للاقتراع وتجديد ثقتهم بفشل الطبقة السياسية التي تحكم الخراب.