تبقى الرياضة أرفع من كلّ المناصب
klyoum.com
الرياضة لها قدرة مذهلة على الإلهام والتحفيز، خصوصًا عند الصغار الذين يقتدون بمن سبقوهم في مجالاتها، وجميل أن يكون لنا ذكريات مؤثرة عن ألعابها في وطننا منذ الصغر.
من الواضح مع وجود المفكرين والقادة الرياضيين إداريين وفنيين، انه كان لها تأثير كبير عليّ عندما كنت صغيراً. يوم كانت الميدان الأجمل للبراءة والتحدي، والمختبر الأول لإكتشاف الذات. كانت شغفنا اليومي، نركض خلف الكرة في الأزقّة، نحلم بالقميص الوطني، ونرسم البطولات على جدران القلب قبل أن تكتبها الصحف.
عشقت الرياضة يافعاً، حين أدركت أنها ليست مجرّد فوز أو خسارة، بل منظومة قيمٍ وأخلاقٍ وعطاء (مع معلمي نقولا غلام). يومها كان الرياضي يُربّى قبل أن يُدرَّب والمدرِّب يُعلّم قبل أن يُحاسب (مع معلمي فيليب عازار)، والإدارة تُخطط للوطن لا للواجهة (مع ضمير الرياضة انطوان شارتييه). كنا نرى في الرياضة طريقاً لصناعة الإنسان، لا وسيلةً للتباهي أو للمنصب.ى الرياضة كبيراً، بعدما تحوّلت بعض ميادينها إلى منصاتٍ للمصالح، وغُيبت عنها العدالة، وتقدّم فيها الدخيل على الأصيل، والمُجامل على المُجتهد.
أحزن لأن الرياضة التي كانت تُهذّب النفوس صارت تُستهلك في نزاعاتٍ تافهة، ولأن الإدارات التي وُجدت لتبني، باتت بمعظمها تُفكّك.
الرياضة اليوم في حاجةٍ إلى من يُعيد إليها روحها لا بريقها فقط، وإلى من يزرع فيها الصدق والإيمان بالإنجاز لا الشعارات، فالمدرجات لا تصفق للأسماء بل للأفعال، والجماهير لا تُخدع طويلاً، وإن صمتت الآن فإنها تُراقب وتنتظر.
آن الأوان أن نعيد إلى الرياضة معناها الأول: أن تكون مرآةً للوطن، لا مرآةً لأشخاصٍ يتبدّلون كل موسم. فمهما تغيّر الزمن، تبقى الرياضة أصدق من كلّ الإدعاءات، وأجمل من كلّ الخطابات، وأبقى من كلّ المناصب. عبدو جدعون