اخبار لبنان

جريدة اللواء

ثقافة وفن

«مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية» نظّمت محاضرة في طرابلس عن أرشيف المصوّر أنترنيك أنوشيان

«مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية» نظّمت محاضرة في طرابلس عن أرشيف المصوّر أنترنيك أنوشيان

klyoum.com

نظمت «مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية» في مقرها في طرابلس محاضرة عن أرشيف المصور أنترنيك أنوشيان بالتعاون مع جمعية «ذاكرة إهدن - زغرتا»، قدّمها عضو الجمعية سميح زعتر صاحب محترف يحمل إسمه ومقره في مدينة زغرتا.

حضر الندوة جمع من المهتمين والهيئات والجمعيات الثقافية والفنية، افتتحت بالنشيد الوطني ونشيد الفيحاء لشاعر الفيحاء سابا زريق.

زريق

وألقى زريق كلمة قال فيها: «إن موضوع محاضرتنا اليوم نوعي بكل المقاييس، لما يتسم به من فرادة. أنترنيك أنوشيان، مصور فوتوغرافي، ولد في تركيا العثمانية عام 1908، هاجر منها إلى طرابلس ورحل عنها عام 1991. انضم أنوشيان في بادئ الأمر إلى استوديو فاهان ديرونيان إلى أن امتلكه لاحقا. إن الصور ليست فقط انعكاسا لتفاصيل خلق إنسان أو تضاريس مكان، بل تقرأ فيها كذلك معالم أخرى عدة، مثل موضة الشعر والشوارب والثياب والنظرات، وفي الصور التي تظهر آثارا مدنية، تتكشف الهندسة المعمارية لمبان في العصر التي تم تصويرها فيه، إلى ما هنالك من أشياء لا تكذبها عدسات الكاميرات. وهذا ما يميّز الصورة عن كتاب تاريخ مثلا قد تنسل فيه أخبار تجافي الحقيقة».

أضاف: «إن مجموعة صور أنوشيان تُعدّ بالآلاف؛ التقطت بين عامي 1935 و1970، وتضم صورا كانت تستعمل في الأوراق الثبوتية مثل بطاقات الهوية وجوازات السفر وما شابه، بالإضافة الى الصور العائلية، حتى تلك التي كانت تلتقط خارج الاستوديو مثل المناظر الطبيعية والمباني والشوارع. تعتبر هذه المجموعة إرثا ثقافيا وتاريخيا قيّما. استحوذ عليها محاضرنا وهو صاحب محترف سميح زعتر. الأستاذ زعتر مصور محترف، متخصص في أعمال الأرشفة وإدارة الأرشيف. ومحترفه في زغرتا معروف كذلك كصالون ثقافي، يُعنى ليس فقط بالفن الفوتوغرافي، بل يتعدّاه إلى نشاطات ولقاءات أدبية وعلمية وفنية وبيئية. زرت المحترف منذ مدة، بمعيّة الدكتور جورج دحدح، القيّم على جمعية ذاكرة إهدن – زغرتا، الناشطة في جمع وحفظ الذاكرة الجمعية والفردية لزغرتا وإهدن، والتي سبق أن نظمت معارض فوتوغرافية عن موضوع تلك الذاكرة. وعقب تلك الزيارة، عقدت النيّة، بالاتفاق مع الدكتور دحدح، على إطلاعكم على ماهية مجموعة أنوشيان التي تضيء على نواح عدة من فيحائنا وجوارها، تمهيدا لإقامة معرض لتلك الصور في الخريف القادم إن شاء االله؛ بالتزامن مع ندوة متخصصة حول كيفية استثمار هذه الثروة النادرة ووسائل المحافظة عليها وحمايتها من التلف. ما نصبو إليه هو استقطاب أصحاب الهمم من مؤسسات رسمية وشبه رسمية ليسهموا بتحقيق البرنامج الذي سوف يرسمه الأستاذ زعتر، لما في ذلك من فائدة تاريخية للمستقبل».

زعتر

ثم تحدث صاحب المحترف سميح زعتر معرّفا بجمعية ذاكرة إهدن «التي يعود تاسيسها إلى سنة 2017 بناء على مبادرة فردية وفكرة من مجموعة أصدقاء مع العضو المؤسس بسام يمين، في ضوء ما لمسناه لدى أي إنسان يقلّ عمره عن 25 سنة وسألناه عن أي موضوع يعود إلى فترة تزيد عن 10 سنوات فإنه لا يدرك عنه، سواء في مدرسته أو خارجها، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بمسألة عمرها سنوات وسنوات وأقصد بذلك الصور الفوتوغرافية التي تعلق في الصالونات والمؤسسات الكبرى وتؤرشف لمجموعات يكبروننا في السن، ما جعلنا نتنبّه إلى أن الذاكرة الجماعية في زغرتا مصيرها إلى زوال. وأخذنا على عاتقنا أن نؤسس جمعية ليكون دورها جمع وحفظ ونشر الصور الفردية والجماعية وخاصة تلك التي أشرت إلى أهميتها حيث ينتشر تواجدها في أماكن عدة في مجتمعنا وفي منازل الأهل والأصحاب. وباشرنا مع الشباب في جمع «الذاكرة» والمعلومات حول الأشخاص والأمكنة والأزمنة التي تعود إليها هذه الصور التي أصفها بالكنز، انطلاقا من مبدأ أساسي وهو أن هذه اللوحات والصور لم يبتدعها هؤلاء الرسامون الكبار لتبقى صامتة، بل المطلوب أن نسعى إلى تأمين إطلاع الجمهور على حقيقتها وعلى المناسبات التي ساهمت في تكوينها ودفعت إلى تعليقها كمادة أزلية في الأماكن والصالونات كما أشرت سابقا».

أضاف: «كان هدفنا وما زال أن نعيد الملك لأصحابه وبخاصة الأدباء والرسامين منهم، ونحيي بذلك تلك الذاكرة التي تكاد تندثر. وها نحن هنا وسط هذا الجمع المحب وبيننا من سبقنا بالنشر والكتابة والمعارض ولفت النظر إلى تلك الكتب التي تحظى بقيمة نفيسة، وأنوّه بشكل خاص إلى دور من يشاركنا في هذا اللقاء وأعني به الزميل محسن يمين الذي سبقنا في الكتابة والنشر والمعارض، ولا بد من الإشارة إلى أنه ليست كل الأخبار موجودة بالكتب فالكثير منها غير مكتوب وذاكرتنا تحتفظ بالقليل، وإتخذنا قرارا للقاء الناس التي لم يزل أفرادها يعون بعض التواريخ حيال اللوحات التي تتكدس في منازلهم وهي مليئة بالمعلومات وبإمكاننا أن نعقد لقاءات مع اصحابها ونسجل لهم بالصوت والصورة تلك المعلومات من خلال عمر هذه اللوحة أو تلك وما توحي به إذ بالإمكان لاحقا جعل هذه الذاكرة في تصرف المهتمين».

تابع: «في هذا الإطار نظمنا شجرة خاصة بعائلات إهدن بالتعاون مع الأستاذ جوزاف ساروفيم، وتنظيم هذه الشجرة ضرورية من حيث أهمية وجودها في القرى ولدى العائلات وذلك لمعرفة تاريخها من حيث التواجد والتكوين، بالإضافة إلى المواد التي تتضمنها تلك الصور وأهميتها التاريخية وتحديد الحقب التي تواجدت فيها ومحاولة كتابة الدراسات ونشر المعلومات التي تم التمكّن من جمعها. عام 2023 أقمنا لحفظ الذاكرة اول معرض للصور الفوتوغرافية ضمن كتابين للزميل محسن يمين وكان عنوان المعرض «ظلال صور» (عشقها)، ومن خارج اهدن كانوا يأتون ويصيفون فيها للاستمتاع بتلك الصور التاريخية وما تتضمنه من معلومات، وكم كانت فرحة الطرابلسيين كبيرة عندما يجدون ان صور أقاربهم وأجدادهم موجودة في هذه اللوحات وانه قد تم إعطائها قدرها، وسنة 2024 كنا قد دخلنا في مرحلة أنوشيان، حيث أجاد الكاتب زعتر في إعطاء المعلومات عن كيفية الحصول على مجموعة صور الفنان أنوشيان ومن بينها صور لأشخاص من طرابلس وكيفية التمكّن من جمعها في زغرتا».

أضاف: «نحن ندرك أن تاريخنا يرتبط عضويا بتاريخ طرابلس وأهلها وناسها من جميع الأعمار، فازددنا بحثا ومتابعة لجمع هذه المعلومات والبيانات وما كتب من دراسات وأبحاث وبعضها يعود إلى أهالي المناطق المجاورة وفي مقدمها مدينة طرابلس العزيزة، (فهي مع زغرتا جارتان تاريخيتان) وهذا التقارب موجود منذ زمن بعيد، وللدلالة نشير إلى أنه في العام 1975 كان يسكن طرابلس 450 عائلة من زغرتا، ونضيف إليهم عائلات عديدة كانت تنزل يوميا إلى طرابلس للقيام بأعمالها وإنجاز معاملاتها لتعود ظهرا إلى زغرتا وتستكمل النشاط اليومي. هذا النوع من النزوح من زغرتا إلى طرابلس كان يستمر لشهور طوال باستثناء فصل الصيف حيث يرد الطرابلسيون مع عائلاتهم هذه الإقامة فيقصدون إهدن وفنادقها ومطاعمها للزيارات اليومية أو للإقامة حتى حلول الخريف. ويذكر ان أهالي زغرتا إذا أرادوا الحصول على صور فوتوغرافية لهم كانوا يقصدون إستوديوهات التصوير في طرابلس ومن بينها إستوديو أنوشيان، والجدير ذكره انه تم العثور على مجموعة من 183 مشهداً وصوراً خاصة عن زغرتا وأهاليها في استوديو انوشيان في طرابلس».

ختم: «لقد ذهل عدد كبير من أهالي زغرتا عندما وجدوا صورا لهم مع عائلاتهم داخل الاستوديو وكان لذلك الحدث محطة لزيادة عمق العلاقة بين المدينتين، هذا ما يؤكد انه من الصعب الفصل بين الإنسان والذاكرة. من هنا، إن كل قرية أو مدينة مدعوة على امتداد الساحة اللبنانية للاستثمار في المجالات التي بإمكانها زيادة الإلفة والمحبة والعلاقة الطيبة بين اللبنانيين وأن تزداد مسألة حفظ الأرشيف العائلي فلربما تكشف الصور عن علاقات طيبة بين سائر أبناء مناطق الشمال الأمر الذي يزيد من روابط الألفة والمحبة والتي كانت طبائع اللبنانيين على مرور الزمن إلى اليوم».

ثم أجاب المحاضر عن أسئلة الحضور. وأقيم كوكتيل بالمناسبة.

*المصدر: جريدة اللواء | aliwaa.com.lb
اخبار لبنان على مدار الساعة