اخبار لبنان

جريدة الديار

سياسة

تنصيب البابا لاوون 14 رسمياً اليوم: لكنيسة تبشيريّة موحّدة ومُحِبّة للمهمّشين

تنصيب البابا لاوون 14 رسمياً اليوم: لكنيسة تبشيريّة موحّدة ومُحِبّة للمهمّشين

klyoum.com

بينما ينهمك لبنان اليوم الأحد بالمرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية التي ستجري في كلّ من بيروت والبقاع وبعلبك - الهرمل حيث يُتوقّع أن تشهد معارك إنتخابية حامية بين مرشّحي الأحزاب والعائلات، ينشغل العالم ولا سيما 1.4 مليار مسيحي ينتمي الى الكنيسة الكاثوليكية بمتابعة حفل التنصيب الرسمي للبابا ليو الرابع عشر الذي سيرأس عند العاشرة صباحاً (بتوقيت روما) القدّاس الإلهي بمناسبة بدء حبريته كبابا الفاتيكان في ساحة القدّيس بطرس. وبهذا الحدث التاريخي تنطلق حبرية البابا الجديد في 18 أيّار الذي يُصادف عيد مولد البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني الذي أعلن مقولته الشهيرة خلال زيارته التاريخية الى لبنان في أيّار 1997، بأنّه "وطن الرسالة".

فبعد صعود الدخان الأبيض من كنيسة سيستينا في 8 أيّار الجاري، معلناً انتخاب روبرت فرنسيس بريفوست باباً جديداً، ها إنّ الفاتيكان يشهد اليوم يوماً تاريخياً آخر. حفل تنصيب البابا ليو 14 الذي يُشارك فيه رؤساء الدول والحكومات، ومن بينهم رئيس الجمهورية جوزاف عون والسيدة الأولى. كما يحضره باللباس الأبيض الكرادلة والبطاركة والأساقفة والكهنة الراغبين في المشاركة في القدّاس من كلّ أنحاء العالم، ومن بينهم الكرادلة الذين انتخبوا البابا ليو 14 خلفاً للبابا فرنسيس، ووفود الكنائس المسيحية وممثلون عن الديانات الأخرى، والسلك الديبلوماسي وسواهم.

ويُعتبر هذا اليوم التاريخي الذي سيعتمد على قواعد جديدة أكثر تواضعاً، وفق مصادر كنسية مطّلعة، أحد أهمّ الأيام بالنسبة للبابا الجديد، نظراً الى قيمته والطقوس التي تُصاحبه. وتتوقّع أن يكون عدد المؤمنين الحاضرين في ساحة القدّيس بطرس، متمشياً مع العدد الذي حضر جنازة البابا فرنسيس، أي نحو 250 ألف شخص، في حين سوف يُتابع هذا الحدث التاريخي ملايين المشاهدين في العالم إن من خلال الشاشات الضخمة التي ستوضع في عدد من الساحات في روما، أو عبر محطات التلفزة التي ستنقل الحدث مباشرة.

أمّا الطقوس الدينية، فتبدأ، على ما تشرح المصادر، بالدخول الرسمي للبابا الى البازيليك برفقة الكرادلة بالملابس الليتورجية. ويتوقّف البابا أمام قبر القدّيس بطرس القائم تحت المذبح المركزي، للصلاة بصمت. ويكون هناك موكب خارج البازيليك مع الأغاني والدعوات للقدّيسين، بما فيهم البابوات القدّيسين. من ثمّ يبدأ القدّاس الإحتفالي في ساحة القدّيس بطرس بإشارة الصليب. ومن المتوقّع أن يحتفل عشرات الكرادلة بهذه المناسبة الدينية الى جانب البابا ليو 14، وسيتمّ سماع الكثير من اللغة اللاتينية خلال الحفل، فضلاً عن قراءة الإنجيل باللغة اليونانية. وإذا كانت العظة باللغة الإيطالية، فسيتم أداء القراءات والصلوات بلغات أخرى. على أن يختتم الإحتفال بتلاوة صلاة "ريجينا كايلي"، التي تحل في هذه الفترة الليتورجية محل صلاة التبشير الملائكي.

ويودّ البابا الجديد، على ما تؤكّد المصادر الكنسية العليمة، العودة الى الإحتفالات القديمة خلال حفل التنصيب الذي يُسمّى "القدّاس الإلهي لبداية البابوية"، والتي فضّل البابا فرنسيس نسيانها، والبقاء وفياً لأسلوبه المتواضع. علماً بأنّ بداية البابوية، على مرّ القرون، كانت تتضمّن تتويجاً حقيقياً، وهو جزء لا يتجزّأ من اعتلاء البابا العرش. ويتمّ ختم ذلك بفرض التاج البابوي، أو التاج الثلاثي على رأس البابا من قبل عميد رهبانية الشمامسة. وكان البابا بولس السادس آخر بابا يتمّ تتويجه، إذ وضع خلال الحفل في 13 ت2 1964 التاج على المذبح ليقدّمه للفقراء. وتمّ بيع التاج وجرى التبرّع بالعائدات للأعمال الخيرية. وهو محفوظ اليوم في كنيسة "الضريح الوطني للحبل بلا دنس" في واشنطن.

كما حلّ "قدّاس التنصيب"، على ما تلفت، منذ عهد البابا يوحنا بولس الأول، في العام 1978 (الذي لم تستمرّ حبريته سوى 33 يوماً فقط)، محل تتويج البابا الذي كان يُمارس منذ قرون. واكتسب القدّاس معنى رمزياً، إذ يتولّى البابا منصبه فور قبول انتخابه. ولم يتضمّن سوى ثلاثة فصول: فرض "الباليوم" على كتفي البابا الجديد، وخاتم الصيّاد واستقبال طاعة الكرادلة. ومنذ الألفية الأولى، كان الخاتم هو الشعار الخاص بالأسقف. والخاتم الذي أُعطي للبابا الجديد، والذي يحمل ختم صورة القديس بطرس والقارب والشبكة، يحمل معنى خاتم الختم الذي يثبت الإيمان ويرمز إلى المهمة الموكلة إلى بطرس لتثبيت إخوته. ويُعد هذا الحفل اليوم، من بين أهمّ الاحتفالات في الفاتيكان، حتى مع قيام البابا فرنسيس بتبسيط الطقوس، وسيكون أكثر جديّة، وسيتماشى مع بعض التقاليد، ويستمر لبضع ساعات على الأقلّ.

ويقول بعض السفراء الذين تمّت دعوتهم الى المشاركة في القدّاس، وفق المعلومات، بأنّها تضمّنت وجوب ارتداء زوجاتهم الوشاح على الرأس خلال الحفل، على ما كان يحصل سابقاً، من دون أن يتمّ تأكيد هذا الخبر. كما سيكون هناك جيش من رجال الشرطة، وقوّات الأمن وأجهزة مكافحة الطائرات بدون طيّار، والقنّاصة ومدرّبي الكلاب، ورجال الإطفاء، ومتطوّعين من الحماية المدنية لتأمين أمن وسلامة جميع المشاركين في الحفل. وتشمل الحماية الأمنية منطقة كنيسة "سانتا ماريا ماجوري" سيما أنّ العديد من الوفود الأجنبية ترغب في زيارة قبر البابا فرنسيس بداخلها.

أمّا عظة البابا في "قداس التنصيب"، فتُمثّل، وفق المصادر الكنسية، لحظة تاريخية بحدّ ذاتها، لأنّه الوقت الذي تبدأ فيه حبرية البابا ليو الرابع عشر فعلياً، حتى ولو كانت الفكرة الأولى عن شكل حبرية قداسته قدّ تمّ التقاطها من خلال التحية للمؤمنين مباشرة بعد الإنتخاب، ومن بعض الخطابات اللاحقة. من هنا، يمكن القول إنّ البابا الجديد سيعمل خلال حبريته على عناوين عديدة أبرزها:

1"- الإهتمام بحسّ الإيمان والتقوى الشعبية: أي العودة الى أولوية المسيح كنور للعالم، والدعوة الى إحلال السلام من خلال بناء الجسور، بالحوار واللقاءات، وتوحيد الشعوب لتُصبح شعباً واحداً يعيش دائماً في سلام.

2"- التحوّل التبشيري للجماعة المسيحية بأكملها: أي السعي من أجل بناء كنيسة موحّدة تسعى إلى السلام والعدالة، وتحاول دائماً العمل، كرجال ونساء مؤمنين ليسوع المسيح، دون خوف، لإعلان الإنجيل، من خلال التبشير. كنيسة مجمعية تنشر المحبّة، وتحاول دائماً أن تكون قريبة من الأشخاص الذين يُعانون، والمهمّشين والأقلّ شأناً.

3"- النمو في الجماعة والمجمعية: لفتة الى الشباب في العالم: "لا تخافوا"...

4"- إقامة الحوار الشجاع والواثق مع العالم المعاصر في مختلف مكوّناته وواقعه.

وتجدر الإشارة الى أنّ البابا أعلن عندما سئل لماذا اختار إسم "ليو 14"، بأنّه هناك أسباب عديدة لذلك، ولكن السبب الرئيس هو أن البابا ليون الثالث عشر، من خلال رسالته العامة التاريخية "الشؤون الحديثة"، تناول المسألة الاجتماعية في سياق الثورة الصناعية الكبرى الأولى؛ واليوم تُقدّم الكنيسة للجميع تراثها من العقيدة الاجتماعية للرد على ثورة صناعية أخرى وتطوّرات الذكاء الاصطناعي، التي تجلب تحديات جديدة للدفاع عن الكرامة الإنسانية والعدالة والعمل.

هذا وسيقوم البابا بجولة أولى في سيارة البابا الجديدة لتحية الآلاف من المؤمنين الذين سيتزاحمون.

*المصدر: جريدة الديار | addiyar.com
اخبار لبنان على مدار الساعة