اخبار الاردن

وكالة عمون الاخبارية

سياسة

قراءة أولية في خطة ترامب

قراءة أولية في خطة ترامب

klyoum.com

وأخيراً تقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخطته الموعودة التي يأمل من خلالها أن يسود السلام في منطقة الشرق الأوسط، وقد اشتملت الخطة على (21) بنداً علّق عليها وفصّل بعضها في مؤتمره الصحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، والمدقق بموضوعية في هذه الخطة يلاحظ أنّها حاولت تحقيق أهم أهداف الطرفين: المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، ففيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية تُحقّق لها الخطة ما يلي:

أولاً: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة (وإن كان على مراحل وطبقاً لتطورات تطبيق الخطة)، وتعهد إسرائيل بعدم احتلال القطاعة أو ضمه.

ثانياً: الحيلولة دون تهجير الفلسطينيين من أرضهم وضمان العودة لمن يريد أن يغادر ويعود.

ثالثاً: استئناف الإمدادات الإنسانية إلى القطاع، وتوزيعها عن طريق وكالات الأمم المتحدة والهلال الأحمر، وبالكميات التي يحتاجها المواطنون (بمعدل 600 شاحنة يومياً).

رابعاً: إطلاق عدد مُعتبر من الأسرى الفلسطينيين بما في ذلك بعض أصحاب المؤبدات والسجناء الذين اُعتقلوا من أبناء القطاع بعد السابع من أكتوبر (250 من أصحاب المؤبدات و 1700 من السجناء العاديين).

وأما بالنسبة لإسرائيل، فالخطة تحقق ما يلي:

أولاً: إعادة الرهائن (الأسرى) الإسرائيليين: الأحياء منهم والأموات دفعة واحدة، وخلال أول (72) ساعة من إقرار الخطة.

ثانياً: إدارة قطاع غزة من خلال "مجلس سلام" يرأسه ترامب ويشرف على تشكيل حكومة من الفلسطينيين (عدا أعضاء من حركة حماس) وغيرهم، بحيث تتأكد من أن القطاع لن يشكل خطراً على إسرائيل مستقبلاً.

ثالثاً: نزع سلاح المقاومة من القطاع، وتدمير ما تبقى منه، والسماح لرجال المقاومة بالمغادرة إذا أرادوا، و"بالعيش السلمي" لمن يريد البقاء.

وإذا دققنا في مجمل بنود الخطة، فإننا نلاحظ من ناحية أنها أكثر ميلاً للجانب الإسرائيلي، فإسرائيل إذا ما تم تطبيق الخطة فعلياً تحقق جميع أهدافها بصورة واضحة وجلية، وهذا أمر مفهوم لأنّ واضع الخطة (ترامب) هو متماهٍ وإدارته مع إسرائيل، وهو أفضل صديق لإسرائيل داخل البيت الأبيض على حد تعبير نتنياهو، وهو مفهوم أيضاً لأنّ إسرائيل هي صاحبة اليد الطولى في حربها الشرسة مع المقاومة الفلسطينية، الأمر الذي يجعلها تفرض شروطها فالمفاوضات دائماً محصلة لتوازن القوى على الأرض.

ومن الناحية الأخرى فإنّ الخطة أبعد ما تكون عن الاعتراف بحق تقرير المصير للفلسطينيين، فهي "تدوّل" الصراع وتترك القطاع بأيدي خارجية مدة خمس سنوات، وهي فضلاً عن استبعاد "حماس" من حكم قطاع غزة لا تشرك السلطة الوطنية الفلسطينية بوضوح (تشترط إصلاح السلطة لنفسها أولاً!)، وعدا عن ذلك، فهي لا تشير من قريب أو بعيد إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية طبقاً لحال الدولتين الذي تبنته (157 من أصل 193) دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بل تنص بعمومية على ضرورة بدء مفاوضات لاحقاً بين ممثلين إسرائيليين وفلسطينيين لبلورة حل يحقق الأمن والازدهار لكلا الطرفين.

وفي الختام فإنّ من المنطق بعد هذا التوضيح لأبعاد الموضوع أن نسأل السؤال الآتي: هل إذا رفضت المقاومة الفلسطينية بزعامة حماس الخطة تستطيع تحقيق الانتصار في ظل التوازن العسكري القائم؟ وهل من العدالة والمنطق أن تستمر معاناة الشعب الفلسطيني بعد كل ما قدم من صمود اسطوري، وما تحمل من "إبادة جماعية"، وترويع وتجويع؟

إنّ الشعوب الحية تتقدم وتتراجع، تنهزم وتنتصر، وكلنا يعرف كيف أن اليابان هُزمت في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) واستسلمت استسلاماً غير مشروط (unconditional surrender) ولكنها نهضت وأصبحت ثالث اقتصاد في العالم، وألمانيا هُزمت هي الأخرى واستسلمت في الحرب العالمية الثانية، ولكنها نهضت وهي الآن رابع اقتصاد في العالم، وعليه فإنّ من الحكمة أن توزن الأمور بدقّة، وأن نعرف أنّ قبول الخطة على علاتها ليس نهاية التاريخ بل نهاية مرحلة من الصراع والسياسة في النهاية هي "فن الممكن" ويظل المنطق أن يُترك القرار النهائي بقبول الخطة أو رفضها إلى الذين يحملون السلاح ويخاطرون بحياتهم في سبيل قضيتهم، والذين هم أدرى بظروف المعركة ومآلاتها، وبحجم معاناة شعبهم وآماله وطموحاته.

*المصدر: وكالة عمون الاخبارية | ammonnews.net
اخبار الاردن على مدار الساعة