اخبار الاردن

وكالة عمون الاخبارية

سياسة

بين مطرقة المصالح الخاصة وسندان القوانين .. تكمن أزمة المواقع الإخبارية!!

بين مطرقة المصالح الخاصة وسندان القوانين .. تكمن أزمة المواقع الإخبارية!!

klyoum.com

في زمنٍ باتت فيه الكلمة أثمن من الذهب وأخطر من الرصاص، تقف المواقع الإخبارية الإلكترونية في الأردن أمام أزمة حقيقية؛ فهي عالقة بين مطرقة المصالح الخاصة لبعض المالكين والممولين، وسندان القوانين التي فُصّلت بعناية لتكبيل حرية التعبير. هذه ليست أزمة إدارة أو تمويل فحسب، بل أزمة وجود وهوية، لأن الإعلام الحر فقد أهم سلاح له: الجرأة في قول الحقيقة.

الحكومات وجدت في القوانين وسيلة مثالية لإحكام السيطرة على الفضاء الإعلامي، فمرّرت تعديلات متتالية على قوانين المطبوعات والنشر والعقوبات والجرائم الإلكترونية، لتتحول من نصوص لحماية المجتمع من السب والتشهير، إلى أدوات جاهزة لكبح جناح الكلمة الناقدة. لكن المسؤولية لا تقع على الحكومات وحدها، فمجلس النواب الذي يُفترض أن يكون حارسًا للديمقراطية والحرية، بات شريكًا في تفصيل هذه القوانين على مقاس الحكومات، مفضّلًا الانسجام مع إرادتها على حساب دوره التشريعي والرقابي، في مخالفة واضحة لروح الدستور.

المبرر الرسمي كان دومًا حماية السمعة ومنع اغتيال الشخصية، ولا أحد يرفض ذلك. غير أن ما جرى فعليًا هو توسيع هذه النصوص حتى طالت حرية الرأي ذاتها، فأصبح الكاتب والصحفي والمحرر يخشى أن ينشر رأيًا أو تحليلًا صريحًا، خوفًا من أن يُفسَّر كلامه على أنه مخالفة قانونية. هكذا باتت المواقع الإخبارية بين نارين: نار المصالح الخاصة التي تقيد أصحابها من الداخل، ونار القوانين التي تحاصرهم من الخارج، حتى غاب الصوت الجريء وتحوّل الإعلام إلى ساحة حذرة تتوجس من كل كلمة.

الأردن، وهو بلد نفاخر به كدولة دستورية ذات حكم هاشمي راسخ، لا يحتاج إلى تكبيل الكلمة حتى يحفظ استقراره، بل يحتاج إلى إطلاق العنان لحرية التعبير المسؤولة. الكلمة الصادقة لم تكن يومًا خطرًا على الأوطان، بل كانت صمام أمانها، وما يضعف الدولة ليس النقد المسؤول، بل غياب النقد وتراكم الأخطاء في الصمت.

إن أزمة المواقع الإخبارية الإلكترونية اليوم ليست أزمة أفراد أو مؤسسات بعينها، بل أزمة وطنية تمسّ صورة الأردن أمام نفسه وأمام العالم. المطلوب إعادة التوازن: قوانين تحمي المجتمع من التشهير والقدح، نعم، لكن دون أن تتحول إلى قيود تقتل روح الحرية. فحرية التعبير حق دستوري أصيل، وإذا وُضعت بين مطرقة المصالح وسندان القوانين، فلن ينجو الإعلام من الخوف، ولن يربح الوطن شيئًا سوى الصمت وارتقاء صوت الكذب والنفاق للتحايل على القانون من جهه وارضاء المسؤول من جهة اخرى ... والضحية هو الوطن في النهاية.

*المصدر: وكالة عمون الاخبارية | ammonnews.net
اخبار الاردن على مدار الساعة