الأردن وسوريا: المجلس الأردني السوري المشترك بوابة لمرحلة جديدة
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
الحلواني تكتب: الأردن لا يركع.. ومن يضغط سيخسر الرهان#سواليف
#الأردن و #سوريا: #المجلس_الأردني السوري المشترك بوابة لمرحلة جديدة
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
إن قرار إنشاء المجلس الأردني السوري المشترك هو خطوة استراتيجية طال انتظارها، ويستحق التقدير والإشادة لما يحمله من دلالات سياسية عميقة ورسائل إيجابية نحو إعادة بناء العلاقات الأخوية بين البلدين على أسس جديدة من التنسيق والتعاون والتكامل. فهذا القرار يعكس إرادة سياسية ناضجة لدى قيادتي البلدين، واستشعارًا مشتركًا بأهمية تجاوز مرحلة القطيعة، والانطلاق نحو آفاق أرحب من التفاهم والتقارب.
لقد كان الأردن ولا يزال يؤمن بوحدة سوريا أرضًا وشعبًا، ويقف مع استقرارها وعودة أمنها، إدراكًا منه أن استقرار سوريا هو ركيزة من ركائز استقرار الإقليم برمته، وأن بوابة التعافي تبدأ بالحوار والتنسيق، لا بالعزلة والانكفاء. والمجلس المشترك يشكّل منبرًا مؤسسيًا لترجمة هذه القناعة إلى واقع ملموس، عبر مشاريع مشتركة، ورؤى متبادلة، وحلول توافقية في الملفات العالقة، لا سيما الاقتصادية والمائية.
إن الأردن بحكم موقعه الجغرافي، هو بوابة سوريا الجنوبية، وبحكم سمعته الدولية وعلاقاته المتوازنة، هو الأقدر على لعب دور محوري في دعم جهود المصالحة الوطنية السورية، والمساهمة الفاعلة في مرحلة إعادة الإعمار، لا بوصفه طرفًا خارجيًا، بل شريكًا تاريخيًا له امتداداته في وجدان الشعب السوري.
ويأتي هذا القرار متزامنًا مع بوادر انفراج في الموقف السوري تجاه فتح المعابر الحدودية أمام الشاحنات الأردنية، في خطوة تعبّر عن إدراك متجدد بأهمية الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتمثل تمهيدًا لإعادة الحياة إلى الشرايين التجارية التي ظلت معطّلة لسنوات، وألحقت خسائر جسيمة بالاقتصادين الأردني والسوري على حد سواء.
إننا نأمل أن يكون هذا المجلس بداية حقيقية لطيّ صفحة الخلافات، ومعالجة الملفات العالقة وفي مقدمتها الملف المائي، الذي عانى الأردن فيه من تغييب طويل لحقوقه المائية في نهر اليرموك وسدود الشمال، بسبب سياسات النظام السوري السابق. ومن هنا، فإن المصالحة المائية المنشودة يجب أن تكون بندًا دائمًا على جدول أعمال المجلس المشترك، بما يضمن التوزيع العادل للموارد المائية ويؤسس لشراكة استراتيجية في مشاريع حيوية تضمن الأمن المائي لكلا البلدين.
إن تأسيس المجلس الأردني السوري المشترك ليس مجرد إجراء إداري أو رمزي، بل هو خطوة في اتجاه استعادة روح التضامن العربي، وبناء نموذج ناجح من العلاقات الثنائية التي تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وبهذا، فإننا نتطلع إلى أن يكون هذا المجلس حجر الأساس لعلاقة دائمة ومستقرة، تعود بالنفع على الشعبين، وتُسهم في استقرار الإقليم، وتفتح الباب أمام عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بكرامة وأمان، وتُخفّف من أعباء الأردن التي تحملها طيلة السنوات الماضية بصبر ومسؤولية.
مرحبًا بسوريا الشقيقة وهي تستعيد موقعها في الفضاء العربي، ومرحبًا بهذه الروح الجديدة في العلاقات الأردنية السورية، التي نتمنى أن تتجذر وتزدهر لما فيه خير الشعبين وأمن واستقرار المنطقة.