ريادة التفوق: قرى أطفال الأردن SOS نموذجًا.
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
سفير المكسيك: سنسهل منح التأشيرات للأردنيين لحضور مباريات كأس العالمريادة التفوق: قرى أطفال الأردن SOS نموذجًا.
د. محمود المساد
ما يلفت النظر حقا في المجال التربوي والتعليمي، هو التفكير المستقبلي الذي ذهبت إليه جمعية قرى الأطفال الأردنية SOS في قدرتها التربوية الهادفة لتحديد خصائص طلبتها، ومواصفاتهم عند التخرج، وما يتوجب عليهم أن يتمتعوا به في مجال المعرفة، والمهارات، ونوع القيم التي عليهم اكتسابها؛ وفق الأنظمة، والخطط التنفيذية المنبثقة عنها؛ وبما ينبغي عليهم توظيفها في حياتهم العملية، وكيفية السبل لتحقيق هذا النموذج.
إنه تفكير مستقبلي ناضج يضع إطارا شاملا متكاملا لنموذج الطفل الذي يسعون إلى تجسيده؛ بوصفه منتجا ناجحا لقراهم، مختلفا عن أقرانه الطبيعيين الذين يدخلون مؤسسة المدرسة العادية الحكومية، أو الخاصة.
فالطفل الذي يدخل قراهم هو طفل مثقل بالهموم، والمشاكل الأسرية، طفل غير مستقر نفسيّا، وعاطفيّا، وقلِق اجتماعيّا، ويحتاج إلى جهود خاصة في إعادة البناء، والترميم التي تجعل منه طفلا طبيعيّا يقف بكل ثقة، وصلابة نفسية إلى جانب الأطفال الآخرين الأسوياء العاديين على خط واحد؛ من أجل البدء في رحلة الإعداد، واكتساب المعرفة والخبرات التي من شأنها أن تعيد له بناء شخصيته المتوازنة معرفيّا، واجتماعيّا، وعاطفيّا.
لقد رافقت في الأسبوع الفائت مجموعة متميزة من الخبراء التربويين الأردنيين، وهم يتحاورون في ورشة متخصّصة انعقدت في قرية أطفال عمان، جمعت معنيّين ومتخصّصين من فروع قراهم في إربد، والعقبة، وعمان، حول هذا الموضوع الوطني المهم الذي يشكل الأساس الرئيس للتخطيط للمستقبل الضامن لتحقيق رؤيتهم، وأهدافهم الاستراتيجية، التي تسعى لجعلهم نماذج إنسانية تساهم في بناء الوطن بعد مرورهم بالفعاليات، والعمليات المختلفة؛ ابتداءً من مرحلة بناء الاستقرار، والصحة النفسية، ومرورا برحلة الإعداد المعرفي، واكتساب المهارات، وثبات الهُوية، والنضج العاطفي، ثم الانتهاءً بالتهيئة لمتطلبات الحياة العملية الناجحة مجتمعيا، بعد تخرجهم من قراهم. باعتماد هذه الصورة التي تشكل معيارا ناجحا لتحديد خصائصهم، ومواصفاتهم الضامنة لحياة ناجحة في مستقبل متغير عند تخرّجهم.
نعم، إنها الحلقة المفقودة لعديد النظم التربوية على مستوى الدول، وإن وجِدت فقد تكون غير محددة وفضفاضة، ويصعب على الفنيين، والمخططين التنفيذيين الاستفادة منها في وضع استراتيجياتهم، ومشاريعهم، وأنشطتهم الناظمة التي تحقق لهم صورة خريجي أنظمتهم.
وبسبب ما شاهدناه على أرض الواقع، فنحن نبارك لقرى الأطفال في الأردن، وللقائمين عليها هذا العمل المتميز، الناجم عن تفكير علمي، وعملي، واضح وناضج، يسهل ترجمته في تشكيل أطر تفكير الطلبة التي توجه سلوكهم المقبول والمطلوب من أجل تطوير مجتمعهم، ونهضته.
كما ندعو المؤسسات التربوية الأردنية، الحكومية، والخاصة إلى الاستفادة من هذا النموذج في العمل الجاد الذي يشكل الأساس الضروري لتحقيق الأهداف.
حمى الله الأردن، وقيّض لمؤسساتها التربوية من ينتشلها بدافع الغيرة الوطنية ذات الانتماء الصادق مما آلت إليه.