شذرات الروابدة والهوية الأردنية
klyoum.com
في شمال المملكة في عاصمة السياسة و الثقافة (إربد) أقيم حفل توقيع لكتاب دولة الدكتور عبدالرؤوف الروابدة ( شذرات من تاريخ الأردن) و كان عنوان الحفل الأبرز هو (الهوية الوطنية الأردنية) و هذا ما كان بيِّنًا في محتوى الكتاب و مضمونه على المستوى التاريخي و الثقافي و السياسي و الحضاري للأردن.
في كتاب (شذرات من تاريخ الأردن) و هذه الشذرات هي قطع من الذهب تضيء تاريخ الأردن المشرف و الكبير، و نوراً يسلَّطُ على الأردن بتاريخه و حضاراته و ثقافاته و نشأته و شعوبه.
تجلَّت الحروف و هي تخُطُّ عن الأردنِّ بكل صدق و عنفوان، و تناغمت الكلمات لتسطر لنا من المجد و القوة و السؤدد سطوراً متتابعة لا تهدأ من فيض المضمون و لا ترقد من انهمار الحقائق و الوقائع ؛ لأنها بنيت بحجارة الأساس و ثُبِّتَت بأوتاد مستقرة و راسخة ، فكونت توليفة تحمل اسم وطن بهوية تاريخية لا تنضب و لا تستبدل بل قائمة و باقية ؛ضاربة في التاريخ و الحاضر و المستقبل.
لم تكن شذرات عبدالرؤوف الأردنية، شذرات عابرة، بل وضحت مفهوم : ( من لا يعرف الأردن تاريخيا وحضاريا لن يفهم هويته بتفاصيلها و مكانتها، و من لا يفهم تاريخه لن يتشبث بهويته الوطنية الأردنية ،فالماضي أساس للحاضر و المستقبل) .
الهوية الوطنية الأردنية حاضرة بين ثنايا شذرات عبدالرؤوف الأردنية ، باعتزاز في الجذور ، و بناء للحاضر ، و رسم ملامح للمستقبل، من هذه الهوية بحث عن الأردن القديم الذي له مساحات واسعة في عصور ما قبل التاريخ و عصور التاريخ و ما بعدها من الحضارات و الثقافات العربية و الإسلامية، و منها تشكلت شخصية الشعوب و الممالك و الحضارات التي سكنت الأردن، و منها تكونت الثقافة المجتمعية و العلمية و التاريخية، ومنها بسط الأردن كفيه ليحمل العروبة بأمانة ، و منها يضمد الأردن جراح العروبة المكلومة ، إنها الهوية الوطنية الأردنية العظيمة التي نقرأها في كل زاوية من زوايا هذا الكتاب بسمو و رفعة محافظين عليها بقناعة ؛ لأنها كياننا و سر تكويننا كأردنيين .
في كتاب (شذرات من تاريخ الأردن) كان مواظبا د. الروابدة على السرد التاريخي للأردن في كل العصور القديمة و الممالك السامية والعصور الحديثة، و دوره في كل المجالات السياسية و العسكرية و الثقافية و انعكاس ذلك على المنطقة العربية (الآسيوية).
عرض الكتاب كل ما يخص الأردن و ذكر الغزاة الذين غزوا الأردن (العبرانيون، الهكسوس ،الفرس، الرومان ،اليونان و غيرهم) ، و سرد كيفية تكوين مدنا رومانية اتحدت في حلف الديكابوليس و الذي يضم (بيسان، طبقة فحل، جرش ،إربد ،ايدون ابيلا ،بيت راس، درعا ،بصرى ،عمان دمشق،أم قيس).
سرد الكتاب تاريخ الأنباط و ماقبلهم من الحضارات و أسباب الهجرات العربية التي كونت مدنا و ممالك( الأدومية ،المؤابية و العمونية و غيرها) ، و عرض الكتاب صورا و حقائق عن الأردن في العهد الإسلامي، الفتوحات الإسلامية و العهد النبوي و الراشدي و ما تبعهم من عهود أموية و عباسية و أيوبية و مملوكية و غيرها ، و مكانة الأردن بما تعرضت له المنطقة من حملات صليبية.
وكتب د. الروابدة عن غنى الأردن بالحضارات المتعددة ذات الشواهد التي مازالت قائمة ،كمواقع بعض معارك المسلمين و مقامات الأنبياء و الصحابة.
أشار الكتاب على بداية العهد العثماني و نهايته و تأثيراته على بلاد الشام ومصر، و نهايته كانت بانطلاق الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي.
ثم استعرض الكتاب كيفية تأسيس إمارة شرق الأردن بقيادة الأمير عبدالله الأول بن الحسين.
كتب الروابدة ، عن كل المتغيرات و المحطات و التحديات التي واجهت الأردن منذ تأسيس الإمارة إلى الآن ( الإنتداب، و الحركات التحريرية و السياسية و المجتمعية) ، و دور الهاشميين في حماية وطن عظيم بشعبه و أرضه و هويته.
كتب الروابدة عن تسلسل حكم الملوك الهاشميين على الأردن ،من جلالة الملك عبدالله الأول (المؤسس) وحادثة إغتياله ، إلى الملك طلال و الملك الحسين ودوره السياسي في الأحداث الكثيرة التي طرأت على الأردن بسبب الصراعات الإقليمية المحيطة و أهمها القضية الفلسطينية .
لم يغفل الروابدة في كتابه عن العلاقة بين فلسطين و الأردن ضمن إطار القضية الفلسطينية و دور الأردن المحوري في الدفاع عن فلسطين قديما و حديثا ، ولكم جزءا منها ، عندما واجه الأردنيون في معركة تل الثعالب محاولات احتلال اليهود لفلسطين بمباركة إنجليزية - فرنسية ومنهم ، أول شهيد على أرض فلسطين كايد مفلح عبيدات و رفاقه بالإضافة إلى المجاهدين الذين جاهدوا من أجل فلسطين في ذات المعركة مثل (الزعيم عزام جبر عبيدات) و كانت هذه المعركة نتيجة لمؤتمر قم الذي عقده وجهاء من نواحي شمال الأردن.
وكتب الروابدة عن دور الهاشميين في احتضان القضية الفلسطينية بكل ثوابتها و تحولاتها و متغيراتها و ظروفها و الدور الأردني الرئيسي في الدفاع عن فلسطين و الحفاظ على الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس.
و كتب الروابدة في كتابه عن بعض التحولات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني حتى عام (2022) م بما تتضمنه المرحلة السياسية من متغيرات و كتب عن نظام الحكم و الحياة البرلمانية و تطرق لبعض القضايا العربية و الإقليمية الأساسية و التي كان الأردن جزءا منها أو محوريا فيها .
كتاب د. الروابدة فيه الكثير عن الأردن ودوره في التاريخ و الحاضر ، قرأته بشغف و استمتاع ، قناعة مني بأن الأردن و هويته أولا، لذلك علينا أن نحافظ على وطننا و نكن له سياجا أمينا منيعا في ظل قيادتنا الحكيمة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم (عميد آل البيت) و ولي عهده الميمون سمو الأمير الحسين بن عبدالله.