من طاولة الاجتماعات إلى خزينة الدولة: رحلة الأموال الضائعة
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
فرنسا تمنح امراة وسام الشرف .. والسبب !!من طاولة الاجتماعات إلى خزينة الدولة: رحلة الأموال الضائعة
أحمد عبدالباسط الرجوب
الروتين الذي يأكل المال :في مؤسسات القطاع العام، أصبحت الاجتماعات طقساً إدارياً روتينياً يعقد بشكل دوري - شهرياً، أسبوعياً، وأحياناً بشكل طارئ. ورغم تبريرها بـ"ضرورات التنسيق"، يكشف الواقع عن فاتورة باهظة تدفعها الدولة: وقتٌ يُهدر، ومالٌ يُحرق، وإنتاجيةٌ تتراجع. فهل تعي المؤسسات الحكومية التكلفة الحقيقية لهذه الاجتماعات؟
بين التنظيم والشلل الإداري
- الموظفون في القطاع الحكومي غالباً ما يُستدعون للاجتماعات في أوقات العمل الرسمية، فيغادرون مكاتبهم قبل الموعد بوقت طويل، وقد لا يعودون إليها بعد الاجتماع، خاصة إن كانوا قادمين من محافظات بعيدة. وهكذا يُقضى يوم عمل كامل في الحضور والانتظار والنقاش، دون إنجازات فعلية تذكر.
- الأمر لا يقتصر على الموظفين القادمين من المحافظات البعيدة، بل يمتد ليشمل تعطيل سير العمل في الإدارات بسبب غياب الكوادر عن مكاتبهم لساعات، ما يخلّف تراكماً للمهام ويزيد من الأعباء لاحقاً.
الأرقام لا تكذب:
بتكلفة تقديرية تصل إلى (10 مليون دينار سنوياً) - ( التحليل متوفر ) -، تصبح هذه الاجتماعات أحد أوجه التسرب المالي الذي يحتاج إلى مراجعة عاجلة. هذه التكلفة تشمل:
· رواتب الموظفين خلال ساعات الاجتماعات الضائعة
· نفقات النقل والإقامة للموظفين من المحافظات
- تكاليف التحضير (طباعة الأوراق، الضيافة، صيانة القاعات)
المشاكل الخفية: أكثر من مجرد وقت ضائع
1. الوقت الضائع: الموظفون في المحافظات يضيعون يوماً كاملاً في حضور اجتماع مدته ساعتان فقط
2. انخفاض الإنتاجية: الاجتماعات الطويلة تُضعف تركيز الموظفين وتقلص وقتهم للمهام الأساسية
3. التكرار وعدم الفعالية: كثير من الاجتماعات تنتهي دون قرارات واضحة
4. الإرهاق الوظيفي: كثرة الاجتماعات تُفقد الموظفين طاقتهم الإبداعية وتزيد التوتر
من الورق إلى الرقمنة: 6 بدائل عملية
1. الاجتماعات الافتراضية: استخدام منصات مثل Zoom مع ضوابط صارمة للمدة والحضور
2. تقارير الحالة المكتوبة: إرسال تحديثات عبر البريد الإلكتروني أو منصات مثل Procor & Trello
3. التسجيلات التعليمية: استبدال بعض الاجتماعات بفيديوهات مختصرة (5-10 دقائق)
4. الاجتماعات القصيرة: لا تتجاوز 15 دقيقة وتركز على النقاط الحرجة فقط
5. لوحات الأفكار الرقمية: استخدام منصات مثل Miro للمناقشات غير المتزامنة
6. تفويض الصلاحيات: عدم دعوة جميع المدراء إذا كان الموضوع لا يحتاج آراءهم جميعاً
الخاتمة: إصلاح أم إلغاء؟
الاجتماعات الجيدة كالملح: القليل منها يُنعش العمل، والإفراط فيها يُفسده. آن الأوان لتحويل هذه الاجتماعات من طقس إداري مكلف إلى أداة استثنائية تُستخدم فقط عندما تكون الحل الوحيد. البدائل موجودة، والتكلفة محسوبة، فهل من مُبادر؟
توصيات ختامية:
1. وضع معايير صارمة لجدولة الاجتماعات (متى تكون ضرورية؟)
2. تدريب الموظفين على أدوات العمل الرقمي التعاوني
3. رقمنة الإجراءات لتقليل الاعتماد على الاجتماعات الورقية
4. إلزام جميع الاجتماعات بجدول أعمال واضح ومحدد زمنياً
5. تقييم فعالية كل اجتماع بناءً على النتائج المحققة
الهدف ليس إلغاء الاجتماعات، بل تحويلها من عبء مالي وإداري إلى أداة فعالة تدعم العمل الحكومي بدلاً من أن تعيقه.