نتنياهو .. انت تكتبُ نهايةَ ذاتِكَ ونهايةَ الكيانِ الذي تَحمِلُهُ على ظهرِكَ
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
اليابان تجدد التزامها بدعم برنامج التغذية المدرسية في الأردنفي زمنٍ باتت فيه الحقيقةُ أوضحَ من شمسِ الظهيرة، لم يَعُدْ مُجديًا التلاعبُ بالكلمات، ولا التحايلُ على العقول، ولا حتى استغلالُ الصمتِ الدوليِّ المُريب. فما يجري اليوم في فلسطين ليس مجرّد حربٍ على شعبٍ أعزل، بل هو محاولةٌ يائسةٌ من نظامٍ عنصريٍّ مُتعطّشٍ للدم، يقوده بنيامين نتنياهو، لفرضِ واقعٍ مزيفٍ عبر القتلِ والتدميرِ والتهجير.
لقد حوّل نتنياهو قطاعَ غزة إلى سجنٍ مفتوحٍ تحت القصفِ المستمر، وجعل من الضفةِ الغربية ساحةً للاستيطانِ والضمِّ والتنكيل، وامتدّت يدُهُ العابثةُ لتَقصفَ لبنانَ وسوريا واليمن، وكأنّه يُريدُ أن يُذكّرَ العالمَ بأنّه لا سلطةَ فوقَ سيفِهِ، ولا رادعَ لغطرسته. لكنّه، في غمرةِ هذا الغرورِ السياسيِّ، نسي أو تجاهل أنّ الشعوبَ لا تُقهَرُ بالقنابل، وأنّ التاريخَ لا يُكتَبُ بدماءِ الأبرياء، بل بإرادةِ الأحرار.
كلّ يومٍ، تطلّ علينا وسائلُ الإعلامِ بعرضٍ جديدٍ لـ"وقفِ إطلاقِ النار"، كأنّنا في سوقٍ نتاجرُ بدماءِ الأطفال، ونقارنُ بين عروضِ القتلِ كما نقارنُ بين خصوماتِ المتاجر. هذه المسرحيةُ الهزيلةُ لم تعد تخدعُ أحدًا. فالعالمُ اليومَ يرى بعينيهِ كيف يُحاوِلُ نتنياهو أن يُضللَ الرأيَ العامَ الإسرائيليَّ، بل والدوليَّ أيضًا، مستخدمًا آلةَ الدعايةِ الصهيونيةِ المُتقَدِّمة، مُتخيّلًا أنّه عبقريُّ السياسةِ، وأنّه قادرٌ على توجيهِ مصائرِ الشعوبِ كما يشاء.
لكنّ الحقيقةَ التي لا تخفى ولا تُدارَى هي أنّك، يا نتنياهو، تكتبُ نهايةَ نفسِكَ بيديك. كلّ قنبلةٍ تسقطُ على بيتٍ فلسطينيّ، وكلّ طفلٍ يُقتَلُ وهو يحملُ رغيفَ خبزٍ، وكلّ امرأةٍ تُطرَدُ من دارِها، هو حرفٌ جديدٌ في سِفرِ سقوطِك. لقد ظننتَ أنّ الدمارَ يُرهبُ، وأنّ القتلَ يُذلّ، وأنّ التهجيرَ يُنسي. لكنّك أخطأتَ الحسابَ مرّةً أخرى، لأنّك لم تدرُسْ شعبًا اسمُه "فلسطين".
لو أنّ الحركةَ الصهيونيةَ كانت تمتلكُ ذرّةً من الحكمةِ، لدرستْ سِجِلَّ هذا الشعبِ قبل أن تختارَه ساحةً لعبثِها. ففلسطينُ ليست أرضًا عابرةً في التاريخ، بل هي وطنٌ نبتَ من صميمِ الكرامة، وشعبٌ نما في ترابِه الإيمانُ بالحقّ، والتمسّكُ بالهوية، والرفضُ للذلّ. فحتى لو أرسلتَ كلَّ الفلسطينيين إلى القمر، أو أبعدَ من ذلك، فإنّهم سيعودون. سيعودونَ لأنّ الأرضَ تعرفُ أبناءَها، ولأنّ الدمَ الفلسطينيَّ لا يُجفّهُ قصفٌ، ولا يُطفئُهُ حصارٌ، ولا يُنسيهُ نفيٌ.
أنتَ وحلفاؤك، مهما امتلكتم من قوّةٍ عسكريةٍ أو دعمٍ سياسيٍّ، لا تساوونَ مجموعةً من الشبابِ الفلسطينيِّ الذي يخرجُ من تحتَ الرُّكامِ حاملًا العلمَ، مُناديًا بالحرية، مُؤمنًا بأنّ النصرَ قادمٌ لا محالة. فالأقوياءُ حقًّا ليسوا من يملكونَ الطائراتِ، بل من يملكونَ الإرادةَ التي لا تُقهَر.
لقد باتت ألاعيبُ الصهيونيةِ اليومَ أكثرَ من مكشوفة. كلُّ حيلةٍ تستخدمها هي نسخةٌ مُعادَةٌ من مخططٍ قديمٍ فشلَ مرارًا. والجديدُ عندكَ هو القديمُ عندنا، والقديمُ عندنا هو اليقينُ الذي لا يتزعزع. الواقعُ اليومَ يشهدُ على فشلِ كلِّ خططِك، رغم الدمارِ والقتلِ الذي ظننتَ أنه سيُخضِعُ الشعوب.
فلا تغترّ بدعمِ أمريكا، ولا بمماشاة بعضِ الأنظمة. فالأرضُ تُطالبُ بحقِّها، والزمنُ يعملُ لصالحِ الحقّ، لا لصالحِ الغطرسة.
وأخيرًا، أُذكّركَ — وأنتَ تُخطّطُ لمستقبلِ كيانِكَ المُهدَّد — أنّ الحركةَ الصهيونيةَ ارتكبتْ خطأً قاتلًا حين اختارتْ فلسطينَ والفلسطينيين. فهذا الشعبُ لا يُقهَر، وهذه الأرضُ لا تُسلَم.
وإن غدًا لناظره قريب.