ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون
klyoum.com
ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون
خلود العجارمه
حين ينفطر القلب من صور الموت والجوع وحين يختنق الصدر امام صرخات الاطفال التي لا تجد من يجيبها وحين نرى العيون الغضة وهي تحدق في فراغ بلا طعام ولا ماء يتوه الانسان في دوامة الاسى يبحث عن كلمة تخرجه من عجزه فلا يجد اصدق ولا ابلغ من قوله تعالى
ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين
هذه الاية لم تخاطب جيلا مضى فحسب ولم تنزل لتكون عزاء لجند بدر وحدهم بل تخاطبنا نحن في هذا الزمن الذي تموج فيه الالام وتتعاظم فيه صور الظلم والقهر ونحن مقيدون خلف شاشاتنا نرى ونسمع ونتألم ولا نملك الا ان نرفع قلوبنا بالدعاء هذه الاية ترفعنا من قاع الانكسار وتنتشلنا من وحل اليأس لتعيد الى ارواحنا معنى العلو الحقيقي العلو الذي لا يقاس بالعدة والعتاد ولا بالهيمنة والسطوة بل يقاس بالثبات على الحق وباليقين الراسخ ان ما عند الله اعظم من كل قهر وابلغ من كل قوة
ومع ذلك يبقى السؤال الذي يثقل الروح ويمزق الصمت كيف نقبل ان يموت الاطفال جوعا كيف نقف متفرجين مكتفين برؤية الصور خلف هواتفنا ماذا لو كانت تلك الوجوه وجوه اولادنا ماذا لو كانت تلك الصرخات تخرج من افواه فلذات اكبادنا هل كنا سنرضى بالسكوت حين تذبل ارواحهم بين ايدينا وتموت بلا دواء ولا كسرة خبز
ان الحزن الذي يملأ الارض لا يزاح بالبكاء وحده ولا يندمل بالانين انما يزاح حين يتحول الى فعل الى كلمة حق تقال بلا خوف الى دعاء صادق يرفعه العبد الى السماء ودموعه شاهدة على صدقه الى وعي يوقظ القلوب من غفلتها نحن لا نملك ان نوقف حربا بيدنا ولا ان نغير مجرى التاريخ لكننا نملك ان نكون شهودا لا صامتين نملك ان نكون اصواتا لا تخضع ولا تستسلم نملك ان نحمل هم المظلومين في قلوبنا وان نربي ابناءنا على ان العدل لا يزول وان الحق لا يموت وان غاب عنه النصير يوما فسيبعث الله له نصيرا من حيث لا نحتسب
يا الله ان القلوب مثقلة باليأس والقهر وان الضعف قد احاط بنا من كل جانب يا الله اننا نراك ونشهد اننا لا حول لنا ولا قوة الا بك فنلوذ بك وحدك نرفع اليك هذا الحزن صرخة وهذا العجز دعاء فحول يا رب صمتنا الى صرخة تصل وحول يا رب دموعنا الى نور يضيء طريقا نحو الفرج واجعل يا الله من آلامنا بذورا لصبر ومن وجعنا جسورا لعبور ومن انكساراتنا قوة تقيمنا من جديد
فالحياة مهما اسودت يبقى وعدك حقا فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا ولا يخلف الله وعده وما النصر الا من عند الله