ندوة بمعرض الكتاب تتناول تقاطعات أدب السيرة والرواية
klyoum.com
عمان - السوسنة
تناولت ندوة بعنوان "تقاطعات أدب السيرة والرواية في الكتابات الأدبية" التي عُقدت مساء أمس الخميس في المركز الدولي للمعارض بمكة مول في عمان، وذلك ضمن البرنامج الثقافي لفعاليات معرض عمان الدولي للكتاب بدورته الـ24.
وشهدت الندوة التي شارك فيها كلٌ من الناقدة الدكتورة رزان إبراهيم والروائي والكاتب المسرحي هزاع البراري والشاعر والروائي سمير القضاة، نقاشاً عميقاً عن حدود التخييل والتوثيق، ودور التجربة الشخصية في تشكيل النص الروائي، وأدارتها الكاتبة وداد أبو شنب.
وأكدت أستاذة النقد في جامعة البترا الناقدة إبراهيم أنه "لا يوجد روائي يكتب بمعزل عن تجربته الداخلية"، مبينة أن الكاتب يستعير من سيرته الذاتية والغيرية في بناء الشخصيات.
ولفتت إلى أهمية دور الخيال وأنه "لا بد وأن يدخل الخيال في كل الأعمال الروائية".
كما سلطت الضوء أيضًا على دوافع كتابة الذات بالنسبة للروائي، ومن أبرزها: الوظيفة التطهرية والاعترافية التي تمنح الكاتب شيئاً من التطهر، وإعادة تصفح الماضي والرغبة في دراسة معنى الحياة التي عاشها، والرغبة في دفع شبح الموت ومقاومته، مستحضرة قول الكاتبة رضوى عاشور: "أنا جعلت من الكتاب فعل مقاومة للموت".
وحذرت الناقدة إبراهيم في مداخلتها من الوقوع في "خطأ منطق المطابقة" بين الشخصية الحقيقية والشخصية داخل الرواية، مبينة أن قيمة السيرة الذاتية تكمن كذلك بكونها تحيل إلى "تجربة جماعية" وشاهدة على عصرها (مثل رواية "الأيام" لطه حسين التي تصور حياة الصعيد في مصر).
ومن جهته، أكد الروائي البراري أن السيرة الذاتية والغيرية تنساب في النص الروائي "كما تنساب الرطوبة في جدران البيت"، وتظهر حتى في روايات الخيال العلمي.
ورأى أن الروائي لا يستطيع أن يحيد سيرته أو سيرة مجتمعه وأهله، لافتًا إلى أن سيرة المكان والزمان حاضرة بقوة، فـ"مزاج من يعيش في الصحراء يختلف عن مزاج من يعيش في الجبال".
كما ربط بين الحضارة والكتابة وبين الخوف من الموت، معتبراً أن الحضارة الإنسانية هي "حضارة خوف"، واستشهد بملحمة جلجامش التي ولدت عندما اكتشف جلجامش حتمية الموت بعد وفاة صديقه.
وحدد البراري براعة الكاتب في قدرته على "إخفاء وتخفية" السيرة الذاتية والغيرية، مشددًا على أن "الكتابة فن الخديعة".
ونصح الكاتب الجيد بأن "ينغمس في السير الغيرية" وأن تبقى السيرة الذاتية مجرد فواصل، مشددًا على الفرق بين الرواية السيرية التي يدخلها التخييل والبناء الروائي، وبين السيرة الذاتية التي هي أشبه باليوميات.
وبدأ الشاعر والروائي القضاة مداخلته بتحية غزة، قائلاً إنه لو قام كل فرد في القطاع بكتابة روايته الشخصية، لتطابقت كلها في "رواية الموت ورواية الصمود".
وعن موقفه من الرواية السيرية، نفى أن يكون قد كتب هذا النوع من الرواية، ورأى أن الكاتب يستطيع أن يتوارى خلف روايته، مؤكدًا أن هذا الحياد مريح للطرفين.
واعتبر أن الروائي "الطاعن في سنين الأعمال الروائية" يصبح قادرًا ومستحقًا لكتابة سيرته.
كما تطرق القضاة إلى قضية النشر محذرًا من "الانفلات الذي نراه في عالم النشر واستسهال إصدار الكتب"، واصفًا إياه بـ"الموضة المرعبة"، مشددا على أن "الكتابة مسؤولية قصوى" توازي التعليم والطب وتسبقهما، وداعيًا إلى ضرورة "ضبط الجودة" في عالم الثقافة.