قانون الادارة المحلية.. اشكالات دستورية #عاجل
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
طلبة التوجيهي يواصلون اليوم امتحاناتهم قبل اختتامها الخميسقانون الادارة المحلية.. اشكالات دستورية #عاجل
كتب أزهر الطوالبة ـ
في سياقِ الإصلاحات السياسيّة والإداريّة، الّتي تسعى الدَّولة الأردنيّة إلى ترسيخها، يبرُز قانون الإدارةِ المحليّة رقم 22 لسَنة 2021 كأحدِ التّشريعاتِ المِحوريّةِ في تنظيمِ العلاقا بينَ الحُكومة والمُجتمَع المحليّ وإعادَة هيكَلة السُّلطاتِ اللامركزيّة. غيرَ أنَّ المادة 34/أ مِن هذا القانون، الّتي تمنَخ وزيرِ الإدارةِ المحليّة صلاحيّة حلّ المحالِس المحليّة أو تأجيل انتِخابها أو تعيين لجانٍ مؤقّتة، تطرَح إشكالاتٍ دستوريّة جديّة، ينبَغي التّوقفَ عندها.
وتبرُز هذه الإشكالاتِ الدستوريّة على النّحو الآتي:
أولًا: بشكلٍ واضحٍ وجليّ، تظهَر مُخالَفة هذا النَّص لمبدأ "سيادَة الأمّة" الوارِد في المادة (24 ) من الدّستورِ الأُردنيّ، والّتي تنُص على أنَّ "الأمّة مصدَر السُّلطات"، وأنّها تُمارِس هذه السُّلطات عن طريقِ "الإنتِخاب". وتأسيسًأ على ذلك، فإنَّ حلّ المجالِس المُنتَخبة بقرارٍ وزاريّ، ولو بموافَقة مجلسِ الوزراء، يُمثِّل نقضًا ل"الإرادةِ الشعبيّة"، وانتِقاصًا مِن شرعيّةِ تمثيلٍ لا يجوز المساس بِهِ ؛ إلّأ بقرارٍ قضائيٍّ أو بنهايةِ المُدّة القانونيّة.
ثانيًا: إنَّ القراءةَ القانونيّة الدّقيقة والحَصيفة للنَّص، تُوضِّح المكانة الّتي منحها النّص للسُلطةِ التنفيذيّة. فهي سُلطةٌ أخذَت مكانة "الخَصم والحَكم" في آنٍ واحد. حيثُ أتاحَ لها النَّص صلاحيّة سحبَ شرعيّة المجالِس "المُنتَخبة"، دون أيّ شكلٍ مِن أشكالِ الرقابة القضائيّة (وبالطّبع، بعيدًا عن اعتِبار هذا الحل قرارًأ إداريًّا، يُمكِن، بموجب قانون القضاء الإداريّ، الطّعنَ بهِ أمامِ المحكمةِ الإداريّة) وفي ذلكَ مُخالَفة صريحة لمنطوق المادة (27) مِن الدّستور، والّتي حصرَت سُلطَة الفَصل في المُنازعات في يدِ القَضاء. وبذلك، تكون هذه المادة، أي 34/أ، قد فتَحَت نوافذَ التغوُّل الإداريّ على الهيئاتِ المُنتخبة.
ثالثًا، بشكلٍ لا لُبسَ فيه، نجِد أنَّ نَص المادة 34/أ يُعاني ممّا يُمكِن تسميَته ب "الفراغِ المعياريّ". إذ لا يُحدِّد الحالاتِ الّتي تُبرِّر اتخاذ هذا النّوع من القرارات، ولا يُلزِم الوزيرَ بإظهارِ الأسباب أو إخضاعها للتّدقيقِ المؤسّسيّ أو الرّقابيّ أو البرلمانيّ، ما يجعَل "السُّلطة التقديريّة "، لا تُلزِم الوزيرَ بتقديمِ أسبابٍ موضوعيّة أو حالاتٍ طارئةٍ واضحة، وهذا يُخالف مبادئ الشفافية وحُسن الإدارة العامة التي يتضمّنها الدستور ضمنيًا، كما أنّها تكون سُلطة.غير مُنضَبِطة، تحتَمل التّأويلَ السياسيّ أو التوظيفَ الإجرائيّ.
إنَّ المجالسَ المحليّة هي، وفقَ المفهومِ الديموقراطيّ، الأقرب إلى نبضِ المواطن. وأيّ مساسٍ بها، هو مساسٌ بالبُنى التمثيليّة التحتيّة، الّتي يقوم عليها نظام الحُكم. وفي السياق الأردني الذي يسعى إلى تحديثٍ سياسيّ وإعادةِ الاعتبار للمُشاركةِ الشعبيّة، فإنَّ المادة ٣٤/أ تُعدّ نُكوصًا عن هذا التوجّه.
فأمام هذا الواقع، فإنَّنا ندعو إلى مُراجعة هذه المادة تشريعيًا، أو الطَّعن بها أمام المحكمةِ الدّستوريّة، بوصفِها نصًا يُهدِّد مبدأ "سيادة الشعب"، ويخلّ بالتّوازُن الواجب بين السُّلطات، ويُنذِر بمزيدٍ من التّآكُل في ثقةِ المواطنينَ بالمؤسساتِ المُنتخَبة.
وبناءً على ما تقدَّم مِن قراءةٍ دستوريّة وتحليلٍ قانونيّ للمادّة34/أ،، وتعزيزًا لشرعبّة التّمثيلِ الشعبيّ، وصونًا لمبادئ الحُكم الدستوريّ الرّشيد، فإنَّني أضَع التّوصياتِ الآتية:
- تعديلِ المادة تشريعيًّا ؛ لضبطِ الصلاحيّاتِ الممنوحة للوزير، والعمَل على تقييدها بحالاتٍ مُحدَّدة و وا١ِحة، مثل: الكوارِث، الإستقالَة الجماعيّة، فُقدانِ النِّصابِ القانونيّ، مع اشتراط قرارٍ قصائيٍ أو رقابةٍ برلمانيّة مُصاحِبة.
- إحالَة المادة إلى المحكمةِ الدستوريّة، بموجبِ طلبٍ من الجهاتِ صاحِبة الحقّ في ذلك ؛ وذلكَ للفَصل في مدى انسِجامها مع المبدأ الدصتوريّ الأعلى، المُتعلِّق ب"إرادَة الشّعب ومشروعيّة التّمثيل".
- إشراكِ المُجتمَع المدنيّ في الرّقابة على تطبيقِ هذا النَّص، وتفعيلِ حقّ الطّعن أمامَ القضاء الإداريّ، في جالَة اتّخاذ قراراتٍ تمسّ بشرعيّة المجالِس المُنتَخبة.
- تعزيز ثقافَة احتِرام المُدَد الدّستوريّة والدّيمقراطيّة التّمثيليّة، والتّأكيد على أنَّ تعطيلِ العمليّة الانتِخابيّة أو إسقاطَ نتائجها، لا يجوز ؛ إلّأ وفقَ مُبرّراتٍ دستوريّةٍ مشروعة، وخاضِعة للرّقابةِ المؤسّسية.
ختامًا، إنَّ احترامَ الدُّستور، أمرٌ لا يتحقَّق فقَط عبرَ سنّ القوانين، بل بمدى انسِجام هذه القوانين مَع روحِه ومبادئه العُليا. والمادة 34/أ، بصيغَتها الحاليّة، تُهدِّد التّوازُن بينَ السُّلطات وتفتَخ باب المساس بالتّمثيلِ الدّيمقراطيّ، وهو أمرٌ يستدعى إعادَة النَّظَر من قِبل المُشرِّع، والمحكمةِ الدّستوريّة، وكُلّ مَن يؤمِن بأنَّ القانون أداةٌ لحِماية الشَّعب، لا وسيلة للإلتِفاف على صَونه.
ونُذكّر، بأنَّ الديمقراطية لا تُقاس فقط بصناديقِ الاقتراع، بل بصونِ نتائجها، وحماية من تمخَّضَت عنهُم، وعدم ترك مصيرهم خاضعًا لمزاج السّلطة التنفيذيّة.