طبق الشاورما… كيف نجعله صحياً؟
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
البترا تسجل مشهدا سماويا استثنائيا لظاهرة الثبات القمريطبق الشاورما… كيف نجعله صحياً؟
اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني
باتت الوجبات الجاهزة والسريعة جزءاً يومياً من نمط الحياة المعاصر، إلا أن هذا الانتشار الواسع ترافق مع ارتفاع معدلات السمنة وارتفاع ضغط الدم والمشاكل الهضمية وغيرها من الأمراض المرتبطة بالغذاء. ومع أن الجهات الصحية تبذل جهوداً في التوعية، إلا أن اعتماد السوق على الوجبات السريعة عالية الأملاح والدهون ما يزال يشكل عبئاً صحياً كبيراً, الأمر الذي يجعل تدخّل المؤسسات الرقابية ضرورة ملحّة لحماية صحة الناس، ووضع حد لاستسهال تقديم الأطعمة السريعة الجاهزة دون مراعاة معايير الجودة والسلامة.
في ورشة عمل حول نهج فريق صحة الأسرة نظّمتها مؤسسة دولية متخصصة في الصحة العامة على مستوى الإقليم، قُدّمت وجبة غداء للمشاركين عبارة عن طبق شاورما دجاج فاخر من أحد أرقى المطاعم المتخصصة في عمّان. ورغم جودة التحضير وسُمعة المطعم، إلا أن الوجبة كشفت عن مشكلات شائعة تتكرر في معظم محال الشاورما: ملوحة مرتفعة في الدجاج، بطاطا مقلية مالحة ومشبعة بالزيت، مخللات غارقة في الملح، علبتان من صوص "الثومية” عالية الصوديوم والدهون، إضافة إلى عبوة كاتشب مغلّفة، وكل ذلك في وعاء بلاستيكي يُفترض أن يكون قد أصبح من الماضي لأسباب صحية وبيئية.
وبعد ساعتين فقط من تناول هذه الوجبة اللذيذة شعرت بحرقة شديدة انعكست سلباً على مزاجي العام، وهي تجربة تتكرر لدى كثيرين عند تناول وجبات مماثلة، ما يطرح سؤالاً مشروعاً: كيف يمكن لوجبة بسيطة وشعبية مثل الشاورما أن تُقدَّم بطريقة أكثر صحة دون زيادة الكلفة؟
نحو "بروتوكول صحي” لوجبات الشاورما
من هنا تأتي الحاجة لتدخّل المؤسسة العامة للغذاء والدواء لوضع بروتوكول إلزامي يضمن تقديم طبق الشاورما بطريقة أكثر صحية، دون المساس بطعمه أو إرهاق المطاعم بكلفة إضافية. ويمكن أن يتضمن هذا البروتوكول النقاط التالية:
1. خفض الملوحة في جميع مكونات الوجبة: يجب أن تكون الملوحة خفيفة في الدجاج، البطاطا، والمقبلات، مع توفير عبوة ملح صغيرة لمن يرغب بالزيادة. هذا الإجراء سيساهم في حماية المستهلك من استهلاك كميات هائلة من الصوديوم.
2. استبدال المخللات المالحة بخضار طازجة: إضافة شرائح من البندورة والخيار والجزر الطازجة أكثر فائدة وصحة من مخللات الخيار والجزر والفلفل الغنية بالأملاح، مع الحفاظ على نكهة الوجبة وخفتها.
3. تقليل كمية البطاطا المقلية إلى النصف مقابل إضافة شرائح بطاطا مسلوقة خفيفة الملح، مما يقلل الدهون المشبعة ويعطي الخيار الأكثر صحية دون تغيير جوهري في شكل الوجبة.
4. استبدال إحدى عبوتي الثومية بعلبة زبادي صغيرة (50 غراماً): الزبادي خيار أكثر فائدة للهضم وأقل ضرراً، ويمكن أن يكون بديلاً صحياً لا يقل لذة في مرافقة الشاورما.
6. استبدال العبوة البلاستيكية بأخرى كرتونية: حماية للصحة والبيئة، وتقليلاً من التعرض لمواد قد تتأثر بالحرارة وتتفاعل مع الطعام.
فوائد صحية بلا كلفة إضافية
هذه التعديلات المقترحة ليست رفاهية، بل هي خطوة ضرورية نحو تحسين صحة المستهلكين، خصوصاً في مجتمع ترتفع فيه معدلات الضغط والسكري وأمراض القلب. والأهم أنها لا ترفع كلفة الوجبة على المطاعم ولا على المستهلك، إذ إن الخضار الطازجة والبطاطا المسلوقة والكرتون البديل ليست أغلى تكلفة من المخللات المالحة والزيوت المستخدمة للقلي المتكرر.
ختاما، آن الأوان لأن تتعامل الجهات الصحية والرقابية مع الوجبات الشعبية بنفس الجدية التي تتعامل بها مع الصناعات الغذائية المعبّأة. فالشاورما، رغم كونها طبقاً محبوباً، لا ينبغي أن تظل مصدراً خفياً للملح والدهون والمواد التي قد تضر بالصحة العامة. إن وضع بروتوكول صحي موحّد لتقديم الشاورما سيحقق معادلة بسيطة: وجبة لذيذة… لكن صحية، وبيئة غذائية آمنة تعزز صحة المجتمع بدلاً من أن تقوّضها.