خطة ترامب – نتنياهو .. بين الوهم السياسي ومصادرة الإرادة الفلسطينية
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
اليابان تجدد التزامها بدعم برنامج التغذية المدرسية في الأردنالحديث عن "خطة سلام" يفترض بالضرورة وجود طرفين متكافئين ، يتنازل كل منهما ليضمن سلاماً عادلاً يفتح أفقاً جديداً للتاريخ ، غير أن ما طُرح تحت عنوان "خطة ترامب للسلام" لا يحمل هذا الطابع الجدلي التبادلي ، بل ينتمي إلى عالم آخر : عالم الإملاءات الفوقية التي تُفرغ فكرة السلام ذاتها من مضمونها.
إنها ليست عقداً اجتماعياً بين شعبين ، بل هي أقرب إلى "وثيقة إذعان" يوقّعها الضعيف مرغماً ليعترف بشرعية القوة العارية.
تغييب العدالة كأساس لأي مشروع سياسي
العدالة ليست تفصيلاً يمكن تجاوزه في مشاريع السلام ؛ فهي الشرط الأول لإمكانية المستقبل. ومع ذلك ، تخلو الخطة من أي ذكر لجرائم الحرب أو الإبادة التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين ، كما تغيب عنها تماماً فكرة التعويض للضحايا المدنيين ، الأسوأ أنّها لا تُلزم إسرائيل بالمساهمة ولو بدولار واحد في إعادة إعمار غزة ، وكأن المعتدي يصبح هو القاضي والجلاد في آن واحد ،
إن إقصاء العدالة هنا ليس عجزاً في الصياغة ، بل مقصداً سياسياً : تحويل الألم الفلسطيني إلى "فراغ قانوني" لا يستوجب أي التزام.
المصادرة المسبقة للإرادة الفلسطينية
حين يُقال للفلسطيني: "هذه هي الخطة ، ليس لك حق تعديلها أو إعادة صياغتها ، إما القبول أو الإقصاء"، فهذا يعني أن الفلسطيني ليس طرفاً سياسياً ، بل موضوعاً لإرادة الآخر ، وهنا تتجلى المفارقة : حتى حركة حماس ، رغم قوتها العسكرية وحضورها الشعبي ، لا تملك في هذه المعادلة الحق في تعديل بند واحد ، فالخطة ليست حواراً مع الفلسطينيين ، بل تفاهم داخلي بين ترامب ونتنياهو أُعلن على شكل "عرض سلام".
الرفض لا يتحول إلى فعل سياسي ، بل يُقرأ كجريمة عصيان ، والقبول لا يُفهم كاختيار حر، بل كخضوع لإملاءات القوة.
بند "قد تتهيأ الظروف": تأجيل الوجود
العبارة المفتاحية في البند التاسع عشر – "قد تتهيأ الظروف" – لا تُقدّم وعداً ، بل تؤسس لوهم طويل الأمد ، فهي تؤجل تقرير المصير إلى زمن غامض ، وكأنّ وجود الدولة الفلسطينية ليس حقاً ثابتاً ، بل احتمالاً قد ينشأ أو قد يتبخر مع مرور الزمن.
إنها صياغة فلسفية خطيرة، لأنها تنقل الفلسطيني من كونه "فاعلاً سياسياً" يملك حق تقرير المصير، إلى كونه "موضوعاً للتجربة" قد تتوافر له الظروف أو لا تتوافر ، وهكذا يصبح المستقبل الفلسطيني مؤجلاً إلى ما لا نهاية ، بينما الاستيطان يتوسع بلا قيد.
الاستيطان كفلسفة دائمة
ان غياب أي بند لوقف الاستيطان خلال فترة تنفيذ الخطة ليس سقطـة تقنية ، بل هو تكريس لرؤية أيديولوجية ترى في الاستيطان مشروعاً أبدياً لا يُجمَّد ، وهذا يعني أنّ كل أرض جديدة تُسرق ، تُختزل معها إمكانية الدولة الفلسطينية حتى تُمحى تدريجيا ، و بهذا المعنى ، فإن الخطة ليست مجرد وثيقة سياسية ، بل فلسفة وجودية لإسرائيل : أن تبقى الدولة العبرية في حالة تمدد دائم ، وأن يُعاد تعريف الأرض الفلسطينية كأرض "معلقة" ، مفتوحة أمام الضم والاستيطان.
وان ما يمكن اعتباره ايجابيا بهذه الخطة وهو وقف الحرب على غزة وادخال المساعدات الانسانية مقابل تسليم الرهان، وهنا ايضا يوجد كمين واضح مهما خفيا في نص الاتفاقية ، فما هي الضمانة لان يعاد العدون على غزة بمجرد تسليم الرهائن ، ومن هو الضامن لهذة الاتفاقية ؟ وهو من يسلح اسرائيل ويحميها منقرارات الامم المتدة ومجلس الامن ، ويمكن القول ان جميع البنود تصب النار على حماس وشعب غرة و الفلسطينيين داخل الاراضي المحتلة .
وفي الختام خطة ترامب – نتنياهو ليست مشروعاً للسلام ، بل مشروعاً لإعادة صياغة معنى السلام ذاته ليصبح مرادفاً للإذعان ، فالفلسطيني لا يُمنح الحق في الرفض أو التعديل ، بل فقط في التصديق على إملاءات مسبقة ، والعدالة غائبة ، والزمن مؤجل ، والأرض تُسرق تحت غطاء قانوني مُختلق ، إن قبول هذه الخطة هو اعتراف ضمني بأن القوة قادرة على إعادة كتابة التاريخ ، وأن الضحية لا حق لها إلا في أن تصمت ، لكن الوعي الفلسفي يعلمنا أن أي مشروع سلام بلا عدالة ، وبلا مساواة في الكرامة ، ليس سلاماً بل استدامة للنزاع بأدوات أخرى ، و الامر متروك لقيادة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية والغزيين ليقولوا كلمتهم .
حمى الله الاردن وقيادة وشعبه وسددهم على طريق السداد