اخبار الاردن

وكالة عمون الاخبارية

سياسة

أسطول الصمود .. حين يُحاصر العالم إسرائيل

أسطول الصمود .. حين يُحاصر العالم إسرائيل

klyoum.com

لم يكن أسطول الصمود مجرد مبادرة إنسانية عابرة، ولا مجرد قوارب تحمل بعض الأدوية والمؤن إلى غزة. لقد كان حدثاً استراتيجياً بكل ما تعنيه الكلمة، لأن السفن التي أبحرت نحو غزة حملت معها ما هو أثقل من الغذاء والدواء: حملت إرادة الشعوب ورسالة ضمير عالمي يرفض الاستسلام لسطوة القوة والعربدة .

إسرائيل، التي لطالما قدّمت نفسها كـ”واحة ديمقراطية” في الشرق الأوسط، كشفت للعالم عبر هذا الاعتراض العسكري العنيف حقيقتها الحربية العدائية. لم يكن الأسطول مسلحاً، ولا كان تهديداً عسكرياً، ومع ذلك تعاملت معه تل أبيب كما لو أنه غزو بحري. مدافع المياه، الطائرات المسيّرة، والاعتراض في المياه الدولية كلها ممارسات تضع إسرائيل أمام مرآة القانون الدولي باعتبارها دولة قرصنة تتحدى الشرعية الإنسانية قبل السياسية.

المفارقة أن ما حاولت إسرائيل فعله – إسكات الصوت – انتهى بانفجار الضجيج في كل مكان. مظاهرات في أثينا وبرلين وإسطنبول لم تكن مجرد تضامن عاطفي، بل كانت إعلاناً صريحاً أن حصار غزة لم يعد شأناً فلسطينياً فقط، بل قضية كونية تضع العالم أمام سؤال أخلاقي: كيف يقبل المجتمع الدولي أن تُحاصر مدينة كاملة منذ قرابة عقدين بشكل عام وسنتين حصار مميت مع ابادة إنسانية ، ثم يُجرَّم من يحاول كسر هذا الحصار؟

إن خطورة أسطول الصمود على إسرائيل ليست في إمكانية وصوله إلى شواطئ غزة، فهذا احتمال تعرف تل أبيب كيف تُفشله. الخطورة الحقيقية تكمن في أن الأسطول كسر جدار الصمت الإعلامي والسياسي، وفتح المجال أمام سردية بديلة تُضعف الدعاية الإسرائيلية وتفضح عجزها. لقد تحوّل من قافلة إلى منصة عالمية تعرّي الاحتلال أمام الرأي العام الغربي الذي لم يعد يبتلع ويصدق خطاب “الأمن الإسرائيلي” كتبرير للقتل والدمار والحصار .

لقد أظهر الحدث أن القوة البحرية لا تكفي، وأن الدبابات والمدمرات لا تستطيع أن تُغرق فكرة أو تُحاصر وعياً. إسرائيل ربحت معركة ميدانية بإيقاف القوارب، لكنها خسرت معركة السردية أمام ملايين العيون التي تابعت الأسطول وشهدت كيف تتعامل قوة نووية مع قوارب صغيرة يقودها نشطاء سلام.

أسطول الصمود أعاد تذكير العالم بأن غزة ليست وحدها. ومن المفارقات المريرة أن إسرائيل، بسلوكها الحربي المفرط، هي التي ساعدت على إيصال الرسالة أبعد مما كان يحلم به منظمو الأسطول. لقد أرادت أن تقتل الحدث، فإذا به يُولد من جديد في كل عاصمة وفي كل شاشة.

إن أسطول الصمود ليس نهاية المطاف، بل بداية مسار سيجعل إسرائيل أكثر عزلة كلما تمادت في عسكرة البحر والسياسة. وفي النهاية، قد لا تصل السفن إلى ميناء غزة، لكن الأكيد أن رسالتها وصلت إلى موانئ الضمير الإنساني، وهناك يصعب على إسرائيل أن تفرض حصارها.

*المصدر: وكالة عمون الاخبارية | ammonnews.net
اخبار الاردن على مدار الساعة