السنيد يكتب: في الدفاع عن الشرف الوطني، والبهتان المبين
klyoum.com
رم - كتب علي السنيد
عدت كل الامم والشعوب على الارض، وعلى مدار التاريخ مقاومة الاجنبي ، والدخيل ، والدفاع عن الوطن من الشرف الوطني، واعتبرت التخلي امام المحتل، والنكوص عن واجب التحرير مدعاة للعار، والمس بالشرف الوطني.
وكان رموز التحرير والمقاومة منارات تستضيء بها الاجيال، وتخلدها في ذاكرتها الوطنية ، وتدرس سجاياها لدى الناشئة في التربية الوطنية. وظلت مثار اعتزاز، وافتخار استقرت في عرف كل الشعوب.
وكذلك خلدت الامم يوم التحرير، والجلاء وعدته عيداً وطنياً تحتفي به الدول، وتقام لاجله المناسبات العامة في كل عام.
والشعوب الحرة لم تقبل بالاحتلال يوماً، وظلت تقاومه، وتقدم اجيالها على التوالي حتى التحرير، وقدمت ملايين الشهداء من خيرة ابنائها في سبيل اوطانها، وصنعت مجدها وتاريخها ، ولم تقبل بالعار، وانما كان يندحر الاجنبي، والدخيل ويستقر في قعر التاريخ مهما طال الزمان.
وظلت المقاومة الوطنية وتضحياتها الجسام امانة في اعناق الشعوب وخلدتها في ذاكرتها الوطنية.
وبذلك استقر في عرف الامم والشعوب مفهوم السيادة ، واعتبر المساس به خادشا للدول ، ولكرامتها الوطنية، واصبح الجيش حامي السيادة والاستقلال في كل دولة.
وفي مسيرة كل شعب تعرض للاحتلال، و للتدخلات الاجنبية وقائع ومعارك وحروب تعد من اهم محطات تاريخه الوطني سواء انتصرت فيها ام اخفقت .
وتظل حركة المقاومة مستمرة مهما بلغت التضحيات حتى الوصول الى الغايات، والاهداف االوطنية المنشودة في التحرير .
ولذلك عدت القوانين الدولية ، والشرعة الدولية مقاومة الاجنبي ، والمحتل من الحقوق الاساسية للشعوب، ولم تعمد الى ادانة هذا الحق، ونزعه عن الشعوب المحتلة، او وصم مقاومتها بالارهاب، وتجريدها من حقها في الاستقلال والسيادة على ترابها الوطني.
وفي خطاب البهتان الذي يصدر اليوم في حق مقاومة الشعب الفلسطيني البطل المشروعة مخالفة صريحة لكل احداث ومجريات التاريخ، وذلك مرده لنظرة بعض الساسة الغرب الذين يعكسون في سلوكهم الدولي كرها ً عميقا للعرب والمسلمين، وهم لا يؤمنون بحق العرب في العيش والكرامة الانسانية، ويدعمون الاحتلال الاسرائيلي علنا ، ويمدونه بالسلاح والعتاد منذ عقود، ويصفون مقاومته الطاهرة والجليلة بالارهاب، ويعملون على سحقها، واخراجها من الوجود.
وسعوا من خلال الدعم اللامحدود الذي قدموه للاحتلال الاسرائيلي وتشجيع حروبه في المنطقة الى تدمير عنفوان الامة العربية، والمس بدولها ، وسيادتها، وتدمير منظومتها السياسية، واشغالها عن معركة التنمية، وبناء دولها الحديثة، وهو الذي لا يتوقف مشروعه عند فلسطين ويرفع شعار اسرائيل الكبرى كلما خفت صوت المقاومة، وهذه حقيقة لا تغيبب.
وكان الشعب الفلسطيني العملاق اتخذ قراره بالمقاومة حتى التحرير، ووضع كل مقدراته، وامكانياته واجياله في سبيل الله، ووطنه، وكان في كل محطات البحث عن تحرره الوطني يصنع وجها وشكلا جديدا للمقاومة، وحماس مرحلة من سجل مقاومته الشريفة ، وما اصابه الوهن رغم عظم التضحيات، ولم تسقط الراية من يده، وما اعلن استسلامه يوماً، وظل في مقاومة مفتوحه مع الاسرائيلين الذين يمثلون الوجه الاستعماري الاشد قبحا في التاريخ البشري، والمدعوم من دول الحضارة الغربية الموغلة في كره العرب والمسلمين.
ووجد الاسرائيليون المحتلون الذين مارسوا كل المحرمات في القوانين الدولية، وفي عرف الانسانية، وهبطوا بها الى الحضيض دعماً وتأييداً ورعاية سياسية ، وفتحاً لمخازن السلاح في الدول الغربية على خلفية الكره الذين يكنونه للاسلام. وهذه الحقيقية تؤكدها كل المجريات، ولا يمكن تغييبها عن وعي الشعوب العربية والاسلامية.
وحظي الصهاينة بالدعم المطلق، والحصانة في الامم المتحدة من قبل امريكا وتوابعها من الدول الغربية.
ورغم كل ما ارتكبته عصابات وخنازير الدولة الاسرائيلية من مجازر في حق المدنيين والعزل من الفلسطينين بقي هذا الدعم قائما، ويتواصل طرح الخطط والافكار والمبادرات الدولية التي تصب في صالح الاحتلال.
ولم يجد العرب الفلسطينون نفس المعاملة التفضيلية من دول امتهم، وانما واجهوا مصيرهم لوحدهم، وقدموا مشهد مقاومة اسطوري سيكون سفرا من اسفار البشرية الخالدة، ولم تفتح لهم مخازن اسلحة الدول العربية، ولم تصلهم المساعدات بالمليارات، او يحظوا بالرعاية السياسية والحضانة لمشروعهم الوطني، وانما باتوا يواجهون الضغوط بالتخلي عن حقهم المشروع في المقاومة ، والدفاع عن ترابهم الوطني ومقدساتهم، وهي مأساة تضاف الى سجل الامة العربية والاسلامية المعاصر .
وفي الاثناء انبرى البعض لادانة الحق الفلسطيني المشروع في المقاومة، والدفاع عن الوطن، وتطهيره من الدخلاء ، واخذوا يشككون بنوايا المجاهدين، ويحملونهم المسؤولية التاريخية عن الدمار الذي حل بغزه على خلفية الاحتلال، ويريدون تغيير طعم الشرف الوطني، ولعمري فهذا هو الاستلاب الحضاري المبين، وهم ضحايا الدعاية الغربية المغرضة.
ولا شك ان هنالك تباينا في فهم مقتضيات الشرف الوطني، على خلفية التوجه السياسي، والفكري، وذلك كوننا نعيش في عالمين مختلفين، وهما عالم المثال، وعالم الواقع ، وكلا العالمين تحكمه توانات مختلفة.
فعالم المثال مشتق من المثل والكرامة والكبرياء والقيم السامية ، والخير، واثرت فيه الاديان، والفكر الانساني العظيم، والمشاعر الانسانية والوطنية، وكل الجمال الموجود في العالم ، وكافة اشكال الابداع والخيال الانساني، وهو ما يؤكد على انسانية الانسان.
وعالم الواقع يعتمد على المصالح والتوازنات ومنطق الربح والخسارة وفيه السلوك البشري الذي يستثني المشاعر الانسانية والحق الانساني من الحسابات. وكلا العالمين محكوم بالفناء والحضور اخيرا بين يدي الله العظيم في الاخرة كي تتم المحاسبة على كل مجريات السلوك البشري على الارض.
وصدق الله العظيم القائل " ولكل وجهة هو موليها".