اخبار الاردن

جو٢٤

سياسة

بين المثال والواقع

بين المثال والواقع

klyoum.com

بين المثال والواقع

الكابتن اسامة شقمان

حين نتأمل في جوهر عقيدتنا، ندرك أننا أمام رسالة تتجاوز حدود الزمان والمكان، لتمنح الإنسان بوصلة داخلية تهديه إلى الحق والخير والجمال. إنها منظومة متكاملة من القيم والمبادئ التي تضيء الطريق للعقل والروح معاً، وتربط بين عبادة الخالق وإعمار الأرض، بين صفاء القلب وحسن المعاملة.

غير أن المفارقة المؤلمة تكمن في المسافة التي صنعناها نحن بين المثال والواقع. فبينما يرفع الدين راية الصدق والوفاء والإخلاص والاحترام، نجد أنفسنا في حياتنا اليومية نمارس عكس ذلك: نُهمل الوقت، نستخف بالعهود، نغفل عن الإخلاص، ونفقد القدرة على احترام الآخر المختلف عنا. وهنا يتجلّى التناقض: ليس بين الدين وما يدعو إليه، بل بيننا وبين ما ندّعي الانتماء إليه.

إن هذه الفجوة ليست عجزاً في النصوص، بل ضعفاً في النفوس. فالدين منحنا خارطة واضحة، لكننا اكتفينا بترديد شعاراته دون أن نجعلها جزءاً من كياننا. صارت كلمات عظيمة كالعدل والإحسان مجرد أصوات على المنابر، بينما كان من المفترض أن تكون نبضاً في سلوكنا اليومي.

قيم ضائعة على مفترق الطرق

الصدق: الذي يصنع الثقة ويمنح للحياة معنى الثبات.

الوفاء: الذي يحفظ للعهود قدسيتها، ويجعل الكلمة أغلى من الذهب.

الإخلاص: الذي ينقّي العمل من شوائب المصلحة والرياء.

الاحترام: الذي يضع كل إنسان في مكانته، مهما اختلفت معتقداته وأفكاره.

إنها ليست شعارات، بل هي أركان لبناء إنساني متين. وإذا غابت، صرنا نعيش ازدواجية مؤلمة: ظاهر متدين وباطن هشّ، مظاهر فخمة وأرواح فارغة.

سؤال مفتوح على أنفسنا

في زمن التقنية والانفتاح، حيث صارت المسافات أقصر والعقول أسرع، يظل سؤالنا الأساسي بلا إجابة:

هل انعكست عقيدتي في صدقي مع نفسي ومع الآخرين؟

هل ظهر إخلاصي في عملي وإنتاجي؟

هل وفائي بعيوبي ووعودي علامة على أصالتي؟

وهل احترامي للآخرين يعكس حقاً جوهر ما أؤمن به؟

الخلاصة

الدين لا يحتاج إلى كثير من الخطابات ليثبت جماله، فهو جميل بذاته. ما يحتاجه حقاً هو أن يتحوّل إلى حياة تُعاش، وسلوك يُجسَّد، وقلوب صادقة تُنير الطريق للآخرين. عندها فقط يصبح كل واحد منا رسالة صامتة، ودعوة ناطقة بلا كلمات.

اللهم ردّنا إليك رداً جميلاً، واغرس فينا الصدق والوفاء والإخلاص والاحترام، واجعلنا مرآةً تعكس جمال هذا الدين في أبهى صوره.

*المصدر: جو٢٤ | jo24.net
اخبار الاردن على مدار الساعة