التوعية الصحية ضرورة وطنية لتخفيف فاتورة العلاج
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
أشرف زكي يكشف أسباب استقالتهمعالي الدكتور إبراهيم البدور، وزير الصحة الأكرم،
في ظل ما تتمتعون به من خبرة طبية واسعة، وحضور وطني وسياسي بارز، يتطلع الأردنيون في عهدكم إلى نقلة نوعية في قطاع الصحة العام، ليس فقط في مجال الخدمات العلاجية، بل في جوهر ما يُخفّف من عبء هذه الخدمات على الدولة والأفراد: التوعية الصحية المستمرة.
لقد أصبح غياب الدور التوعوي للمواطنين بجميع فئاتهم من أبرز أسباب ارتفاع فاتورة العلاج في الأردن، حيث تتكبد الدولة وشركات التأمين والمؤسسات الصحية أعباءً ضخمة كان يمكن تجنّبها بالوقاية المسبقة. إن الأمراض المزمنة والحالات الصحية الناتجة عن أنماط حياة غير صحية تستهلك سنويًا جزءًا كبيرًا من الميزانية العامة على حساب التعليم والبنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
التوعية الصحية: وقاية مجتمعية وتوفير للموارد
التجارب العالمية أثبتت أن الاستثمار في التوعية الصحية ينعكس إيجابيًا على صحة المواطنين ويُقلّل الأعباء المالية. إن تعزيز الوعي بأهمية الأنماط المعيشية الصحية وتجنب العادات الضارة يحد من انتشار أمراض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والتي تُعدّ الأكثر استنزافًا للقطاع الصحي.
التدخين والأرجيلة مثال صارخ:
التدخين والأرجيلة بين الشباب والأمهات من أكبر التحديات التي تواجه الصحة العامة، حيث يؤديان إلى ارتفاع معدلات السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية. كما أن سهر الشباب والنوم بالنهار، نتيجة البطالة أو أنماط الحياة غير الصحية، يسبب اضطرابًا في الساعة البيولوجية ويزيد من خطر الأمراض المزمنة.
الرياضة والمشي والبيئة الحضرية:
تفتقر الأحياء السكنية في معظم المدن الأردنية إلى المساحات الخضراء والمرافق الرياضية، مما يجعل المواطنين – وخاصة الأمهات والأطفال – غير قادرين على ممارسة النشاط البدني والمشي. وقد تحولت الأجهزة اللوحية وألعاب الفيديو إلى بديل للنشاط الحركي، ما رفع معدلات السمنة والأمراض المزمنة بين الأطفال واليافعين. هذا الواقع يفرض إعادة النظر في دور البلديات ووزارة الأشغال بإنشاء أحياء توفر مرافق ومساحات عامة تخدم الصحة العامة، بدلاً من الأحياء المكتظة التي أصبحت أقرب للسجون الكبيرة.
الغذاء غير الصحي وضعف الرقابة:
كما يتعرض المواطنون لمخاطر غذائية بسبب ضعف الرقابة على الأغذية المعروضة تحت الشمس أو المصنعة بملونات صناعية ونكهات مضافة ومواد حافظة. هذه المواد تؤدي على المدى الطويل إلى أمراض مزمنة وسرطانات. إن تطبيق برامج رقابية صارمة على سلامة الغذاء ومعايير تصنيعه يُعد ضرورة وطنية لحماية صحة المواطنين.
صحة المواطنين والأمن القومي:
تدهور صحة المواطنين يُضعف الدولة ككل، إذ تصبح القوى العاملة أقل إنتاجية، وتزداد الحاجة للرعاية الصحية، مما يستنزف الموارد المالية والبشرية ويضعف القدرة على الاستجابة للأزمات. إن مجتمعًا صحيًا يعني إنتاجية أعلى، وكلفة علاج أقل، وقدرة أكبر على بناء دولة قوية وآمنة.
مقترح عملي: خطة خمسية للتوعية الصحية
معاليكم، يمكن في عهدكم وضع خطة خمسية شاملة لتخفيض فاتورة العلاج عبر التوعية الصحية، تشمل:
1. حملات وطنية شاملة عبر الإعلام التقليدي والحديث.
2. تضمين التوعية الصحية في المناهج المدرسية منذ الصفوف الأساسية.
3. تهيئة الحدائق والمرافق الرياضية بالتعاون مع البلديات
4. تطبيق رقابة غذائية صارمة على المصانع والأسواق.
استثمار بعائد كبير:
تخصيص جزء من ميزانية القطاع الصحي لنشر الوعي الصحي سيحقق عوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة على المدى الطويل:
تقليل الإنفاق على علاج الأمراض المزمنة.
زيادة الإنتاجية وتقليل الإجازات المرضية.
تعزيز النمو الاقتصادي والأمن القومي.
معالي الوزير، إن التوعية الصحية ليست ترفًا، بل صمام أمان للدولة وللأجيال القادمة. وبما أنكم اليوم على رأس وزارة الصحة، فإننا نعوّل على خبرتكم الطبية والسياسية لإطلاق هذا التحوّل النوعي، كي يصبح المواطن الأردني شريكًا في وقاية نفسه وأسرته، لا مجرد متلقٍ للخدمات العلاجية.