الصادرات ترتفع .. لكن أين نصيب المحافظات؟
klyoum.com
أخر اخبار الاردن:
مركز صحي عجلون الشامل يباشر عمله بعد إغلاقه نتيجة ظهور تصدعاتالأرقام تبعث على التفاؤل، لكن التنمية الشاملة تحتاج خطة وطنية طويلة الأمد.
الأرقام التي أعلنتها غرفة صناعة الأردن تمثل تحولًا استثنائيًا في مسار الاقتصاد الوطني.
بلوغ الصادرات الصناعية 4.7 مليار دينار خلال سبعة أشهر، وتسجيلها 91% من إجمالي الصادرات الوطنية، إضافةً إلى ارتفاع نسبة تغطية المستوردات إلى 51% كأعلى مستوى في تاريخ الاقتصاد الأردني، هي نتائج تبعث على التفاؤل وتستحق الإشادة.
فهي تؤكد أن الصناعة الأردنية قادرة على الصعود رغم التحديات العالمية، وأنها باتت المحرك الأول للنمو.
غير أن هذه الأرقام تفتح سؤالًا لا يقل أهمية، كيف يتوزع هذا الإنجاز على جغرافيا المملكة؟
وهل يلمس المواطن في المحافظات والقرى حصته من هذا النمو ؟
ان الصناعة بطبيعتها تنمية محلية ، فالمصنع ليس هناجر وآلات فقط؛ هو وظيفة لأسرة، وبنية تحتية مصانة ، وكما انه تلك البقالة التي تقتات من موظفي المصنع، كما انه ذلك المعهد الذي يدرب شباب المنطقة.
ومع ذلك، نجد محافظات تُسجَّل كمقرات لصناعات كبرى تُشكل العمود الفقري لصادرات الأردن، بينما القرى المجاورة لا تنال سوى اسم المنشأة على عنوانها.
هذه الفجوة تجعل الأثر الوطني واضحًا في المؤشرات، لكن الأثر المحلي ضعيفًا في حياة الناس، وهذه التنمية مسؤولية الحكومة التي ننتظر ان نرى اثرها.
هنا تبرز الحاجة إلى خطة وطنية شاملة طويلة الأمد، لا تُبنى على جولات وزراء دون اثر أو قرارات آنية، بل على رؤية متكاملة تنسق بين المحافظات والقطاعات لعقد كامل على الأقل.
خطة تضمن أن لكل محافظة مسارًا صناعيًا يتلاءم مع ميزاتها النسبية ومواردها.
ويبقى سؤال الاستدامة حاضرًا. فنجاح الصادرات الأردنية في الأسواق العالمية لن يُقاس مستقبلًا بقدرة المصانع على الإنتاج فقط، بل أيضًا بمدى التزامها بمعايير البيئة وكفاءة الطاقة.
فمثلا نجد ان أوروبا، الهند، وأسواق عديدة بدأت تضع هذه الشروط كمدخل رئيسي للتجارة.
الاستثمار في الطاقة المتجددة والنقل منخفض الكربون لم يعد خيارًا تكميليًا، بل ضرورة لحماية القدرة التنافسية وضمان استمرار المكاسب.
وهنا يجب أن تكون الاستدامة جزءًا أصيلًا من الخطة الوطنية الطويلة الأمد.
أما منظومة الحوافز، فهي بحاجة إلى إعادة تصميم أكثر عدالة وربطها بالخطة طويلة الأمد. الإعفاءات والتسهيلات المالية لا تكفي إذا لم تُترجم إلى أثر مباشر في المجتمعات.
المطلوب أن تُربط الحوافز بسلاسل توريد محلية، وبنسب تشغيل من أبناء المنطقة، وباستثمارات في التدريب والبنية المجتمعية.
ويمكن أن تتحول المحافظات الأقل حظًا إلى مختبرات للحوافز الخضراء، حيث تُنشأ صناعات تعتمد الطاقة النظيفة وإعادة التدوير كجزء من هويتها.
الصناعة الأردنية أثبتت مرونتها وقدرتها على الصعود، لكن نجاحها الحقيقي يُقاس عندما ترى كل محافظة نصيبها العادل من العائد، لا عندما تبقى الأرقام حكرًا على نشرات الاقتصاد.
هذه مسؤولية الدولة أن تضع خطة وطنية شاملة طويلة الأمد تضمن أن كل قرية ومدينة شريك فعلي في قصة النمو.
عندها تتحول الأرقام التاريخية إلى شهادة إنصاف وطنية، ويصبح التفاؤل الذي تبعثه الصناعة اليوم حقيقة يعيشها الناس قبل أن يُسجل في التقارير.