حرب "إسرائيل" وإيران تضع الأمن السيبراني بالخليج أمام اختبار جديد
klyoum.com
أخر اخبار البحرين:
وزير الخارجية الإيراني يدعو لعقد جلسة لمجلس الأمن لإدانة أمريكالندن - الخليج أونلاين
استعدادات دول الخليج للتصدي لخطر الهجمات السيبرانية أصبحت أكثر أهمية وإلحاحاً مع اندلاع المواجهة بين إيران و"إسرائيل"
تفرض الحرب الحالية بين إيران و"إسرائيل" تحديات كبيرة على دول مجلس التعاون الخليجي، في عدة مجالات، من بين أبرزها الأمن السيبراني، الذي أصبح سلاحاً أساسياً في الحروب الحديثة.
ومع بدء الصدام بين إيران و"إسرائيل" استخدم الطرفان الهجمات السيبرانية لتعطيل قدرات الطرف الآخر، أو على الأقل التشويش عليها، وجرى توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز تلك الهجمات وجعلها أكثر تأثيراً.
دول مجلس التعاون بحكم موقعها الجغرافي، وانفتاحها الاقتصادي، وحرصها على التحوّل الرقمي، تتأثر بشكل مباشر بأي تصعيد من هذا النوع، وهذا يفرض عليها رفع مستوى الاستعداد وتعزيز الدفاعات السيبرانية لمواجهة هذه الأخطار.
وتدرك دول الخليج أن تصاعد الحرب السيبرانية بين إيران و"إسرائيل" لا يقتصر تأثيره على أطراف الصراع المباشر، بل يمتد إلى دول الجوار بحكم تشابك المصالح والأنظمة الرقمية في المنطقة.
وتشير تقارير دولية إلى أن بنوكًا، ومطارات، ومرافق للطاقة في الخليج جرى استهدافها بهجمات سيبرانية خلال السنوات الأخيرة، ما يعزز المخاوف من أن التصعيد بين طهران وتل أبيب قد يفتح الباب أمام هجمات انتقامية عشوائية قد تطال البنى التحتية الحيوية الخليجية.
ويحذر خبراء من أن السيناريو الأخطر يتمثل في استهداف أنظمة الطاقة والمياه أو تعطيل أنظمة الملاحة الجوية في الخليج عبر برمجيات خبيثة تُزرع خلسة، وربما تنشط عند وصول التصعيد إلى ذروته.
وتبدي الدول الخليجية اهتمامًا متزايدًا بابتكار أدوات كشف استباقي لهذه البرمجيات قبل أن تسبب أضرارًا فعلية.
حرب سيبرانية
في مقابل الضربات العسكرية بين إيران و"إسرائيل"، هناك حرب ظروس تدور في أروقة الفضاء السيبراني، وهي حرب ذات تأثيرات مدمرة، كونها قد تتسبب بانهيار النظام التقني، أو إصابته بالشلل، وهذا ينعكس على كل المجالات الأخرى.
ووفق تقرير لموقع "العربية نت"، فقد تعرضت إيران خلال أيام معدودة لـ6700 هجمة سيبرانية، يعتقد أن وراءها "إسرائيل"، شملت الهجمات مؤسسات مالية وعسكرية، ومنشآت نووية، وبنية تحتية حيوية إيرانية.
وتعتبر "إسرائيل" من أكثر الدول تطوراً في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وقد نجحت في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في استراتيجيتها العسكرية والاستخباراتية، كما نفذت هجمات سيبرانية لأغراض تتعلق بالحرب النفسية.
وتمتلك "إسرائيل" قدرات سيبرانية هائلة، تقودها "الوحدة 8200" التابعة للاستخبارات العسكرية، والتي تعتبر من بين أكثر وحدات الحرب الإلكترونية تقدماً في العالم، ووفق المعطيات فقد نجحت "إسرائيل" في اختراق الأنظمة الإيرانية، وزرع برمجيات خبيثة، ما تسبب في تسريب بيانات حساسة.
وفي المقابل تحرص إيران على تعزيز قدراتها السيبرانية، للتصدي للهجمات المعادية، وتنفيذ هجمات سيبرانية على الخصم، وتشير التقارير إلى أن لدى الحرس الثوري عدداً من المجموعات السيبرانية، تعرف باسم "مجموعات التهديد المستمر المتقدم"، وفق ما جاء في تقرير لـ"المجلة".
وهذه المجموعات تملك قدرات عالية على التسلل والتخفي والعمل لفترات طويلة داخل شبكات الخصم دون أن تُكشف، ومن تلك المجموعات "APT33" المتخصصة في استهداف قطاعات الطيران والطاقة، ومجموعات أخرى متخصصة في التصعيد الإلكتروني، واختراق القطاعات المالية، والاتصالات، والحسابات الشخصية.
ويرى الخبير المصري في عمليات الأمن السيبراني الدكتور محمد محسن رمضان، أن ما يحدث بين "إسرائيل" وإيران هو جرس إنذار لكل دولة في المنطقة.
وأوضح رمضان أن بدء المعارك في المستقبل قد لا يعلن في نشرات الأخبار، بل قد تبدأ باختفاء شبكة الكهرباء أو توقف النظام البنكي أو انتشار شائعة على منصة افتراضية تؤدي إلى اضطرابات حقيقية.
وأشار في تصريح لـ"العربية نت" إلى "أنالقوة لم تعد تُقاس بحجم الجيوش بل بعدد الخوادم، وكفاءة الكود، ومرونة الذكاء الاصطناعي".
الخليج والأمن السيبراني
وخلال السنوات الأخيرة، شهدت دول مجلس التعاون الخليجي تحولاً رقمياً واسع النطاق بمختلف القطاعات، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الرقمي، وتعزيز الأمن السيبراني أيضاً.
ولمواجهة تحديات الأمن السيبراني وتعزيز تصديها لأي هجمات عملت دول على الخليج على اتخاذ خطوات مهمة لحماية مرافقها الرقمية.
وأظهرت دراسة صادرة عن "بوزيتف تكنولوجيز" حول سوق الخدمات السيبرانية الإجرامية في دول مجلس التعاون الخليجي، ارتفاع نسبة هجمات حجب الخدمة الموزعة (DDoS) بنسبة 70% منذ بداية عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
وأشار تقرير صادر عن شركة "Kaspersky" الروسية للأمن الرقمي في نوفمبر 2023 إلى أن "67% من الشركات في الخليج تواجه صعوبة في العثور على محترفين مؤهلين في مجال الأمن السيبراني، ما يشكل عائقاً أمام القدرة على التصدي للتهديدات المتطورة".
جهود لمواجهتها
يؤكد مسؤولون خليجيون خطورة التحديات الرقمية وأهمية مواجهتها، ففي تصريحات له خلال مؤتمر الأمن السيبراني الدولي بالرياض في فبراير 2023، أكد مساعد العيبان، وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السعودي، أن "الأمن السيبراني ليس مجرد قضية تقنية، بل هو جزء لا يتجزأ من أمننا القومي، ويجب علينا أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهة التهديدات المتطورة التي تستهدف بنيتنا التحتية الحيوية".
كما قال الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي في أبريل 2023، خلال إطلاق مبادرة "الدرع السيبراني": "إن حماية اقتصادنا الرقمي وأمننا السيبراني يمثلان أولوية قصوى، التحول الرقمي يوفر فرصاً هائلة، لكنه في الوقت نفسه يجلب تحديات جديدة تتطلب منا تعزيز تعاوننا وتطوير قدراتنا لمواجهتها بفعالية".
وفي مواجهة هذا الواقع، سارعت دول الخليج لتفعيل آليات التعاون السيبراني المشترك، حيث أعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في 2024 عن خطة متكاملة لتبادل المعلومات الاستخباراتية الرقمية، وإجراء تدريبات سيبرانية موحدة لمحاكاة الهجمات واسعة النطاق.
ويُنظر إلى هذه الجهود على أنها خطوة ضرورية لبناء "جدار رقمي" يحمي اقتصاد المنطقة ومجتمعاتها.
كما قامت الدول الخليجية باستثمارات ضخمة لتعزيز بنيتها التحتية السيبرانية، أهمها:
الإمارات
في يناير 2023 أعلنت إنشاء مركز متقدم للأمن السيبراني يعنى بمراقبة وحماية البنية التحتية الرقمية للدولة، ويعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة للكشف عن الهجمات السيبرانية بشكل استباقي.
في فبراير 2023 أطلقت مبادرة "المبرمجين السيبرانيين"، وهي برنامج تدريبي يهدف إلى تطوير مهارات الشباب الإماراتي في مجال الأمن السيبراني، بالشراكة مع كبرى الشركات التقنية العالمية.
في مارس 2023 وقعت الرياض اتفاقية مع الولايات المتحدة لتعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني، تشمل تبادل الخبرات، وتنظيم تدريبات مشتركة، وتطوير حلول تقنية متقدمة لمواجهة التهديدات السيبرانية.
افتتحت في أبريل 2023 مركزاً بحثياً في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST) لتطوير حلول مبتكرة للتحديات السيبرانية التي تواجهها المنطقة.
افتتحت في يوليو 2023 أكبر مركز عمليات أمن سيبراني في المنطقة، بتكلفة تجاوزت 500 مليون دولار. لمراقبة الأنشطة السيبرانية والكشف المبكر عن التهديدات، بالإضافة إلى تقديم التدريب المتخصص للكوادر الوطنية في هذا المجال.
أصدرت الحكومة القطرية في سبتمبر 2023،قانوناً جديداً للأمن السيبراني يفرض على الشركات والمؤسسات الحكومية اتباع معايير صارمة لحماية البيانات والشبكات لضمان أمن المعلومات.
في نوفمبر 2022، أطلقت الكويت استراتيجيتها الوطنية للأمن السيبراني، التي تركز على تعزيز الوعي السيبراني، وتطوير الكفاءات المحلية، وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين لمواجهة التهديدات.
في مارس 2023 أعلنت الحكومة البحرينية عن تحديث قانون الأمن السيبراني الذي يهدف إلى تعزيز حماية البيانات الشخصية والشبكات الإلكترونية.
القانون الجديد يفرض عقوبات صارمة على الجرائم السيبرانية ويسعى إلى تعزيز الوعي السيبراني بين المواطنين والشركات على حد سواء.
في يونيو 2023، وقعت البحرين اتفاقية تعاون مع المملكة المتحدة لتعزيز القدرات السيبرانية من خلال تبادل الخبرات والتدريب.
في أكتوبر 2022، أطلقت عمان "الهيئة الوطنية للأمن السيبراني"، التي تعمل على وضع سياسات وتنسيق جهود الدفاع السيبراني بين مختلف القطاعات، لحماية البنية التحتية الحيوية مثل قطاعات الطاقة والمواصلات من الهجمات السيبرانية.
في فبراير 2023 أصدرت قانوناً جديداً للأمن السيبراني، يهدف إلى حماية البيانات الشخصية للمواطنين والمقيمين، ويفرض على الشركات والمؤسسات العامة والخاصة الالتزام بمعايير صارمة لحماية الشبكات والبنية التحتية الإلكترونية.
في مايو 2023 تم إطلاق "أكاديمية الأمن السيبراني العمانية"، التي تقدم برامج تدريبية متقدمة بالتعاون مع مؤسسات تعليمية دولية مثل جامعة "كارنيجي ميلون" الأمريكية، لتطوير مهارات الشباب العماني في مجال الأمن السيبراني.
وقعت في يوليو 2023 اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني، وتبادل الخبرات الفنية وتنظيم تدريبات مشتركة، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني لتعزيز البنية التحتية السيبرانية في السلطنة.
وبينما تتصاعد التهديدات، يبقى رهان الخليج على الجمع بين التكنولوجيا الحديثة، وتطوير الكفاءات البشرية، والتعاون الدولي، كسبيل وحيد لتحصين اقتصاده الرقمي ومؤسساته الحيوية ضد أي محاولة للعبث باستقراره.