نازحو اليمن... العدد يتراجع والمعاناة تزداد (تقرير خاص)
klyoum.com
أخر اخبار اليمن:
موقع متخصص في الطاقة: الحصار اليمني فرض خيارات قاسية على إسرائيل"أسرتي تعاني من أوضاع مزرية، بعد أن انقطعت عنا المساعدات الإنسانية منذ سنوات وتقلصت معها فرص العمل بشكل كبير". بهذه العبارة بدأ المواطن" أبو مِنى". شرح حكايته المأساوية مع موقع "المهرية نت".
ويسكن النازح أبو مِنى- في الخمسينيات من عمره- مع أسرته المكونة من ثمانية أفرد، في مخيم مهترئ، بالقرب من جولة سنان، في مدينة تعز جنوب غربي اليمن.
وأضاف بحسرة" مخيمي بات متهالكا لا يصلح للعيش، وأسرتي لا تمتلك أدنى مقومات العيش، ونعتمد على ما يجود به بعض السكان أو على بقايا الطعام من المطاعم إن وجدت".
وتشهد حالات النزوح الداخلي في اليمن تراجعا طفيفا في النصف الأول من العام الجاري 2025م مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق؛ إلا أن هذا الأمر لم ينعكس إيجابا على حياة النازحين، الذين يواجهون أوضاعا معيشية قاسية، نتيجة لتراجع المساعدات الدولية بشكل مقلق.
في يوم الثلاثاء 8 يوليو أوضحت مصفوفة للنازحين صادرة عن منظمة الهجرة الدولية أن:" إجمالي حالات النزوح الداخلي في اليمن، منذ مطلع العام 2025 وحتى 5 يوليو الجاري، بلغت 1,459 أسرة تتألف من 8,754 شخصاً".
وفي المقابل، سجلت الفترة نفسها من العام الماضي"2024م". عدد الأسر التي نزحت" 1,688 أسرة، بما يعادل (10,128 فردًا)، بحسب بيانات صادرة للمنظمة نفسها، ما يشير إلى وجود تراجع بنسبة 14% في عدد حالات النزوح.
وعلى الرغم من هذا الانخفاض النسبي، إلا أن الوضع الإنساني يزداد سوءًا وأكد ذلك، برنامج الأغذية العالمي في بيانه الصادر مطلع مايو الماضي أن: أكثر من نصف الأسر في جميع أنحاء اليمن لم تتمكن من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية خلال شهر آذار/مارس، محذرا من تفاقم الأزمة الإنسانية وسط تصاعد الصراع ونقص التمويل.
وأوضح البرنامج أن:" خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2025م لم يتم تمويلها سوى 8% حتى ذلك الوقت". وهو ما يعكس عجزا كبيرا في تمويل العمليات الإنسانية، ويؤثر بشكل مباشر على ملايين اليمنيين، وخاصة النازحين.
وفي إحاطة لمجلس الأمن الدولي، أعلن منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر، يوم الأربعاء -9يوليو- أن: أكثر من 17 مليون شخص في اليمن الذي مزقته الصراعات يعانون من الجوع، من بينهم أكثر من مليون طفل دون سن الخامسة يواجهون سوء تغذية حادا يهدد حياتهم.
والأول من يوليو/تموز الجاري، كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عبر حسابه على منصة إكس عن تفاقم الجوع في أنحاء اليمن.
ويوم الثلاثاء الموافق 15يوليو ذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في بيان مقتضب على منصة إكس، إن أكثر من 18 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدامًا في الأمن الغذائي و41 ألفًا على حافة المجاعة.
ويواصل حديثه "أبو منى". بصوت يغلبه اليأس، قائلا:" نزحت من منطقة الدفاع الجوي في المدينة، إلى قرب جولة سنان، وكنت أعمل في تنظيف المجاري أو الشوارع، أو كحمال، مقابل أجر قليل لا يتجاوز 8آلاف ريال (ما يعادل ثلاثة دولارات) وبالكاد يكفي لشراء شيء بسيط من مقومات العيش". ومؤكدا بأن" هذا العمل أصبح شبه معدوما في الوقت الحالي".
واختتم حديثه أبو منى بنداء إنساني موجه إلى العالم أجمع قائلا:" أرجوكم، أنقذوا أطفالي من الجوع الذي ينهش أجسادهم الصغيرة، فنحن لا نطلب الكثير، فقط نريد مصدرا يؤمن لهم الحياة الكريمة".
أوضاع معقدة
وتعليقا على أوضاع النازحين، يؤكد مدير الوحدة التنفيذية للنازحين بمحافظة مأرب" سيف مثنى أن:" رغم انخفاض نسبة النزوح خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، إلا أن أوضاع النازحين لا تزال صعبة ومعقدة بشكل كبير".
وأضاف في تصريحه لـ" المهرية نت" النازحون في اليمن، والذين تجاوز عددهم 2,200,000 فرد في عام 2023، يواجهون ظروفًا إنسانية صعبة، وقد ارتفع العدد مؤخرًا بنحو 12,000 نازح في عام 2024، ما يشير إلى استمرار حركة النزوح وإن كان بوتيرة أبطأ ".
وأفاد بأن" محافظة مأرب ما تزال تستضيف النسبة الأكبر من النازحين في اليمن، وتشير التقديرات إلى أن عددهم يبلغ أكثر من 2.2 مليون نازح، بنسبة 62% من إجمالي النازحين في الجمهورية اليمنية".
وأردف" يعيش معظمهم في مخيمات مزدحمة ويعانون من ظروف إنسانية بالغة الصعوبة، خاصة مع ضعف الاستجابة الإنسانية مقارنة بالاحتياجات المتزايدة".
وأشار إلى أن هناك تراجعا في المساعدات الإنسانية نتيجة لانخفاض التمويل الدولي لبرامج الإغاثية بما في ذلك الغذاء والصحة والتعليم والمأوى، بالإضافة إلى تأخر عمليات الصرف والتوزيع بسبب التحديات اللوجستية، وضعف التنسيق بين بعض الجهات وتحول اهتمام المانحين إلى أزمات دولية أخرى، مما أثر سلبا على حجم الاستجابة الإنسانية في اليمن.
وتابع " كما أدى إلى تقليص عدد السلال الغذائية، وإغلاق بعض المراكز الصحية المؤقتة، وتقليص برامج سبل العيش والدعم النفسي والاجتماعي".
واختتم حديثه قائلا:" النازحون في محافظة مأرب يحتاجون بشكل ضروري إلى الغذاء، والمياه النقية، والمأوى، وخدمات صحية وتعليمية، ووسائل الحماية، خاصة للنساء الفتيات".
يكابدون أوضاعًا صعبة
بدوره، يقول الناشط الإنساني عبدالله البركاني لـ" المهرية نت". إن:" النازحين هذا العام يكابدون أوضاعا معيشية صعبة جراء تراجع المساعدات الإنسانية وتأخرها لفترات طويلة، وصعوبة الحصول على الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية".
وأضاف" غالبية النازحين لجأوا إلى التنقل من محافظة إلى أخرى داخل اليمن، باحثين عن الأمن والغذاء والأمان والمأوى، وبسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية مؤخرا، وانهيار العملة المحلية في مناطق الحكومة الشرعية، ازدادت معاناتهم، واشتدت وطأة الجوع والفقر، حتى باتوا عاجزين عن تلبية أدنى متطلبات الحياة".
وتابع" خلال السنوات الماضية كانت المساعدات الإغاثية تصل إلى النازحين بشكل متواصل، نظرا لفقدانهم منازلهم وممتلكاتهم، ومحاولتهم تأسيس حياة جديدة في أماكن نزوحهم".
واستدرك البركاني" في الوقت الحالي أصبحوا يعانون من التهميش والنسيان، بعد أن بات اعتمادهم على المساعدات شبه كلي".
وأفاد بأنه "مع استمرار الحرب لعامها الحادي عشر، عاد العديد من النازحين إلى مناطقهم الأصلية خاصة أولئك الذين يسكنون بالقرب من خطوط التماس نتيجة للضغوط المعيشية الهائلة، وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف الإيجار والنفقات في مناطق النزوح".
ولفت إلى أن" النزوح يعد الخيار الوحيد للأسر التي تعاني من تبعات الصراع، أو تعرضها للمضايقات أو التهديدات، وتلجأ إلى النزوح لمناطق أكثر أمانا". مؤكدا بأن" عدد النازحين منذ اندلاع الحرب بلغ عددهم 5ملايين شخص".
ومضى قائلا:" اليوم يعيش النازحون وسط قسوة الحرب وظلم الحياة ويتطلعون إلى التفاتة جادة من الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية والمحلية".
وشدد البركاني على ضرورة أن" تلزم الحكومة اليمنية الجهات المعنية وعلى رأسها منظمات حقوق الإنسان، بتقديم الرعاية والدعم لهذه الشريحة المنكوبة، باعتبارها أولى الناس بالخدمات والاستهداف الإنساني".