كارثة في قلب إب: حمولة رافعة تُسقط طفلتين ضحيتين وتُصيب ثالثة في حادث مروّع بشارع السبل
klyoum.com
في مشهد مأساوي هزّ وجدان مدينة الظهير في محافظة إب، لقيت طفلتان مصرعهما وأُصيبت ثالثة بجروح بالغة الخطورة، مساء اليوم، إثر سقوط حمولة ضخمة من كتل البناء (بلك) من رافعة تعمل في موقع إنشاءات.
الحادث الذي وقع في شارع السبل، أحد الشوارع الرئيسية المزدحمة بالمارة وخاصة الأطفال، أثار موجة غضب عارمة في الأوساط المحلية، وأعاد طرح قضية الإهمال المتكرر في مواقع البناء وغياب الرقابة.
وقعت الكارثة عندما كانت إحدى الرافعات تعمل على رفع مواد بناء إلى طابق علوي في مبنى قيد الإنشاء يقع خلف مستشفى النور، وهو موقع حيوي يشهد حركة دؤوبة من المرضى والزوار والسكان.
وبحسب شهود عيان من الأهالي، وبشكل مفاجئ وبلا أي مقدمات، انفلتت الحمولة من قبضة الرافعة وسقطت من ارتفاع شاهق بصوت مدوٍ، لتصطدم مباشرة بثلاث فتيات كن يمشين في الشارع في ذلك الوقت.
لم يكن هناك أي فرصة للنجاة أو تفادي الكارثة
. لقيت طفلتان حتفهما في المكان، بينما تم نقل الطفلة الثالثة، التي لم يتجاوز عمرها العاشرة كما أفادت مصادر، على وجه السرعة إلى مستشفى النور المجاور، حيث وصف مصدر طبي حالتها بالحرجة جداً، إذ تعاني من إصابات رضية متعددة وكسور خطيرة في أنحاء جسدها.
لم يكد خبر الحادث ينتشر حتى عمّت حالة من الحزن والغضب في أحياء المدينة. تحول مكان الحادث إلى مشهد من البكاء والعويل، حيث تجمع الأهالي للتعبير عن صدمتهم وحزنهم على فقدان طفلتين في مقتبل العمر، وتضامنهم مع الطفلة المصابة التي تخوض معركة الموت.
أحد الأهالي الذي شهد الحادث بصدمة قال بصوت مختنق: "كنا نسمع صوت الرافعة، وفجأة سمعنا صوت انفجار. ركضنا لنرى مشهداً لا يمكن وصفه.. طفلتان على الأرض.. دماء وحطام. هل هذا هو ثمن البناء؟ هل يجب أن نموت من أجل طوابق إسمنتية؟"
تصاعدت الأصوات المطالبة بتحقيق عاجل وشفاف، وتحميل المسؤولية كاملة للمقاول المنفذ للمشروع والجهات الرقابية. وأكد الناشطون والمواطنون على أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه، بل هو نتيجة حتمية لثقافة الإهمال المستشري في العديد من مواقع البناء التي تفتقر لأدنى معايير السلامة.
أثارت الحادثة تساؤلات حادة حول دور الجهات المعنية في البلدية ومديرية الأشغال عن إصدار تراخيص البناء وعدم إلزام المقاولين بتطبيق إجراءات السلامة الأساسية.
من بين الإجراءات التي كان من المفترض تطبيقها: فرض سياج محكم حول موقع البناء لمنع سقوط أي مواد، وعدم العمل في ساعات الذروة المزدحمة، وتوفير مشرفين متخصصين في السلامة، والتأكد من صلاحية الآلات والمعدات.
إن وقوع الحادث خلف مستشفى يجعل من الإهمال جريمة مضاعفة، حيث أن المكان المفترض أن يكون رمزاً للحياة والأمان، تحول إلى مصدر للموت والخطر للمدنيين.
في ختام هذا التقرير، تبقى عائلتان في حداد، وطفلة تقاتل من أجل حياتها، ومجتمع بأكمله يبحث عن إجابات. يُعد هذا الحادث جرس إنذار قوياً لجميع السلطات المحلية في محافظة إب والجهات المركزية ذات الصلة، بضرورة التدخل الفوري لوضع حد لهذا التسيب، وفرض رقابة صارمة ودورية على جميع مواقع البناء، وتغليظ العقوبات على كل من يستهتر بحياة المواطنين. فلا قيمة لأي حجر يُبنى فوق أرواح أبرياء أُزهقت بلا ذنب.