على أسوار الجنوب صرخة مقاتل... وظمأ أسرة
klyoum.com
أخر اخبار اليمن:
تطور العلوم في الحضارة الإسلامية: مقاربة سوسيولوجيةحينما يلتحم غبار المعركة بدموع العوز، وتختلط أصوات المدافع بأنين الجوع في بيوت الأبطال، هناك على خطوط النار الأمامية في جنوبنا الأشم، يقف رجال القوات المسلحة الجنوبية سداً منيعاً، أجسادهم دروعٌ للوطن وأرواحهم مشاعلٌ تحرس الكرامة.
ولكن، لأكثر من ثلاثة أشهر، تُرك هؤلاء الأبطال لمصيرٍ قاسٍ، حيث انقطعت عنهم رواتبهم التي هي شريان الحياة لأسرهم، لتُغرس خناجر الإهمال في ظهورهم بينما صدورهم تواجه رصاص العدو الحوثي وغدر تنظيم القاعدة.
الأثر النفسي: حين يقاتل الجسد على الجبهة والقلب في البيت
إن أخطر ما يمكن أن يُصاب به المقاتل ليس رصاصة العدو، بل رصاصة الخذلان التي تخترق روحه. تخيلوا مقاتلاً يقف على المتارس، عيناه ترصدان تحركات الميليشيات الإرهابية، وعقله مشغولٌ بصورة طفله الذي لم يذق طعم الخبز منذ أيام، وزوجته التي تلوك الصبر مرارةً.
أي ثباتٍ هذا الذي يُطلب منه وهو يسمع عبر الهاتف أنين أسرته يغالبه الجوع؟ كيف له أن يركز في فوهة بندقيته، وفكره ممزق بين واجب الدفاع عن الأرض وعجزه عن توفير أبسط مقومات الحياة لأهله؟
إن قطع الراتب عن مقاتل في الصفوف الأولى هو بمثابة حكم قاسٍ عليه وعلى أسرته.
إنه يزرع في نفسه شعوراً عميقاً بالمرارة والغبن، ويفتح أبواباً للتساؤلات القاتلة: "هل تضحياتي رخيصة إلى هذا الحد؟ هل دمائي التي أهبها للوطن لا تساوي لقمة عيشٍ لأطفالي؟".
هذا الشعور بالخذلان يحطم معنوياته، ويوهن عزيمته، ويجعله فريسة سهلة للقلق واليأس، وهو ما لا يقل خطورة عن سلاح العدو نفسه.
إنه يقتل الجندي من الداخل، قبل أن يصل إليه رصاصة العدو.
إن إضعاف القوات المسلحة الجنوبية عبر تجويعها ليس مجرد قضية إنسانية، بل هو خطأ استراتيجي فادح يهدد أمن المنطقة بأسرها. هؤلاء الرجال ليسوا مجرد جنود، بل هم صمام الأمان الأخير في وجه المد الإيراني المتمثل في ميليشيات الحوثي، وهم الجدار الذي تتكسر عنده موجات إرهاب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. لقد أثبتوا على مدى سنوات أنهم القوة الأكثر فاعلية والأشد صلابة في ميدان المعركة، حيث طهروا الأرض شبراً شبراً بدمائهم الزكية.
إن ترك هذه القوات فريسة للعوز والحاجة يعني إضعاف الجبهة الأكثر شراسة ضد أعداء الأمة العربية. إنه يفتح ثغرة واسعة قد يتسلل منها الإرهاب ليعيد ترتيب صفوفه، ويتمدد منها المشروع الحوثي ليهدد الملاحة الدولية والأمن الإقليمي.
فالمقاتل الذي يئن تحت وطأة الفقر، قد لا يصمد طويلاً أمام إغراءات الفوضى أو دعوات التطرف. إن تجفيف منابع قوة هؤلاء الأبطال هو بمثابة خدمة مجانية تقدم لأعداء التحالف العربي والشرعية.
رسالة إلى ضمير التحالف العربي
يا حلفاء الدم والمصير، يا من لبيتم نداء العروبة ووقفتم إلى جانبنا في أحلك الظروف. إننا اليوم لا نطلب منكم عتاداً أو سلاحاً، بل نناشد فيكم ضمير الأخوة وواجب الشراكة. إن أبطال القوات المسلحة الجنوبية الذين يقفون على ثغور الوطن دفاعاً عن مشروعكم العربي المشترك، يستحقون منكم ما هو أكثر من مجرد إهمالٍ لمعاشاتهم.
إن قطع رواتب هؤلاء الرجال هو طعنة في خاصرة المعركة. كيف يمكن أن نطلب منهم الصمود والثبات وأطفالهم يتضورون جوعاً؟ إن كل ريال يُحجب عنهم هو بمثابة رصاصة توجه إلى صدر قضيتنا المشتركة. إنها ليست مجرد رواتب، بل هي رسالة تقدير ووفاء لمن يسترخصون أرواحهم من أجل أمننا جميعاً.
إن الناحية الإنسانية لا تنفصل هنا عن الضرورة العسكرية.
فالجندي الشريف الذي يرفض أن يمد يده للحاجة، قد ينكسر صموده أمام دموع أطفاله.
لا تتركوا هؤلاء الأبطال وحيدين في معركتين: معركة ضد العدو في الجبهات، ومعركة أكثر قسوة ضد الجوع في البيوت.
إن مصير الجنوب وأمن الجزيرة العربية كلها مرتبط بمعنويات هؤلاء المقاتلين. فلتكن صرختهم هذه مسموعة، وليكن وفاؤكم بحجم تضحياتهم. أعيدوا إليهم حقوقهم، أعيدوا إليهم كرامتهم، ليعودوا إلى متارسهم بقلوب مطمئنة وعزائم لا تلين، ويكملوا مسيرة النصر التي بدأناها معاً. فإن خذلان الأبطال هو أقصر طريق نحو الهزيمة.