اخبار اليمن

كريتر سكاي

سياسة

اللغة المهرية.. كنز ثقافي وإنساني نادر

اللغة المهرية.. كنز ثقافي وإنساني نادر

klyoum.com

في هذا اليوم الذي يحتفي فيه أبناء المهرة بلغتهم المهرية العريقة، نؤكد أنها جزء أصيل من هوية المهرة وتراثها. وعلى الرغم من أنها غير مكتوبة، إلا أنها ما زالت لغة حيّة نابضة في صدور أبنائها، تحمل معاني التاريخ وروح الأرض.

فاللغة المهرية ليست مجرد وسيلة للتخاطب اليومي، بل هي إحدى أقدم لغات جنوب الجزيرة العربية، إذ تعود جذورها إلى اللغات العربية الجنوبية القديمة التي سبقت العربية الفصحى. ويعتبرها الباحثون امتدادًا للغات السبئية والحميرية والقتبانية، وما زالت محافظة على الكثير من مفرداتها وتراكيبها الأصلية.

وقد علمت من الفقيدين محسن علي ياسر ومحمد سالم عكوش أنهما كانا يتفاهمان مع قبائل البربر في الجزائر بهذه اللغة ، وهو ما يؤكد الامتداد التاريخي لأبناء المهرة إلى شمال إفريقيا أثناء الفتوحات الإسلامية للمغرب العربي، ويكشف عن عمق الجذور الحضارية لهذه اللغة وصلاتها البعيدة.

ورغم خصوصية اللغة المهرية في المهرة، إلا أنها ليست معزولة؛ إذ تلتقي مع اللغة السقطرية التي كانت سائدة في جزيرة سقطرى، حيث يصنّفهما الباحثون ضمن أسرة "اللغات العربية الجنوبية الحديثة". وقد اعتبر كثير من اللغويين أن السقطرية امتداد للمهرية أو أقرب اللغات إليها، غير أن العزلة الجغرافية للجزيرة منحتها سمات مميزة. وهذا الترابط يكشف أن المهرية ليست مجرد لسان محلي، بل هي جذر حيّ لعائلة لغوية واسعة تضرب بجذورها في أعماق تاريخ جنوب الجزيرة العربية.

ويتحدث المهرية اليوم أكثر مئة ألف نسمة في محافظة المهرة وأجزاء من الربع الخالي وظفار في عُمان، كما تمتاز بثراء مفرداتها، خصوصًا فيما يتعلق بالطبيعة والبحر والإبل، وهو ما يعكس عمق ارتباط الإنسان المهري ببيئته منذ آلاف السنين.

إن اللغة المهرية ليست فقط وعاءً للهوية، بل هي كنز حضاري وإنساني نادر. والتمسك بها والاعتزاز بها هو حفاظ على التنوع الثقافي، ورسالة واضحة بأن الأمم التي تحافظ على لغاتها وتراثها إنما تحافظ على وجودها وكيانها في وجه الزمن.

*المصدر: كريتر سكاي | cratersky.net
اخبار اليمن على مدار الساعة