نص كلمة قائد الثورة حول مستجدات العدوان على قطاع غزة
klyoum.com
أخر اخبار اليمن:
بعد اتهامات بالتقاعس.. حكومة نتنياهو تدعو لتفكيك السلطة الفلسطينيةصنعاء -سبأ:
نص كلمة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حول مستجدات العدوان على قطاع غزة 26 ربيع الأول 1447هـ / 18 سبتمبر 2025م:
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبِين، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبِين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أَيُّهَـــــا الإِخْـــــــوَةُ وَالأَخَـــــــوَات:
السَّــــــلَامُ عَلَيْكُـــمْ وَرَحْمَـــــةُ اللَّهِ وَبَـرَكَاتُـــــهُ؛؛؛
يواصل العدو الإسرائيلي عدوانه، في جريمة القرن والإبادة الجماعية، التي يستهدف بها الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، على مرأى ومسمعٍ من العالم أجمع، وبمشاهدةٍ يومية لتفاصيل الإبادة الجماعية، في مشاهد مروِّعة ومأساوية، مشاهد تؤلم الضمير الإنساني، وتدفع كلَّ من بقي له شيءٌ من هذا الضمير الإنساني لأن يكون له موقف، يستشعر مسؤوليته الإنسانية والأخلاقية، التي إن فقدها؛ فَقَد قيمته الإنسانية كإنسان.
العدو الإسرائيلي في ممارساته الإجرامية، وإبادته الجماعية للشعب الفلسطيني، يستخدم كل وسائل الإبادة، ويستمر فيها، من قتلٍ بالغارات، بالقنابل الأمريكية والبريطانية، بالقذائف والذخائر البريطانية والألمانية، مستفيداً أيضاً من الوقود والبترول العربي، الذي يحرِّك به دباباته وآلياته العسكرية، ويحرِّك به طائراته، يستفيد أيضاً من التخاذل الكبير في العالم الإسلامي، وانعدام الموقف، تجاه ما ينبغي أن يكون فيه الموقف على أعلى مستوى:
بحسب المسؤولية الإنسانية والدينية والأخلاقية.
وبحسب ما يهم هذه الأُمَّة في أمنها، في حُرِّيَّتها، في استقلالها، في مصالحها الكبرى.
وفي مقابل التهديدات التي تتَّجه نحوها جميعاً، ولا تنحصر على الساحة الفلسطينية.
العـــدو الإســــرائيلي:
يستمر في التجويع، وهناك شهداء بشكلٍ يومي؛ نتيجةً للتجويع، في جريمة بشعة للغاية.
ويستمر أيضاً في مصائد الموت، بكل ما فيها من بشاعة الإجرام، والطغيان، والعدوان، وبشكلٍ يوميٍ أيضاً.
يستمر في التعطيش.
يستمر في التهجير القسري لمئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني من مدينة غزَّة، التي نكبها بعدوانه، واتَّجه إليها بشرِّه وإجرامه، مكثِّفاً للعدوان عليها، وساعياً لاجتياحها بالكامل، وأيضاً من شمال قطاع غزَّة.
يستهدف النازحين الذين هجَّرهم قسرياً، حتى في الطرقات، وحتى في المناطق التي أعلن عنها كمناطق آمنة، وحدَّدها لهم للذهاب إليها: يستهدفهم بالقصف، يستهدفهم بالقناصة، يستهدفهم بالغارات، يستهدف الأطفال والنساء، والكبار والصغار، يستهدف الجميع مستبيحاً للحياة الإنسانية، ومستهتراً بكل القيم، وكل الأخلاق، وكل المواثيق، وكل القوانين، وكل الشرائع، وكل الأعراف... مستهتراً بكل شيء، يعمل على قاعدة الاستباحة، والاستهانة بكل شيء.
شجَّعه على ذلك حجم التخاذل الكبير مِمَّن عليهم المسؤولية قبل غيرهم، وهم المسلمون، فتخاذلوا، وتفرَّجوا في بقعةٍ من بقاعهم، وعلى شعبٍ هو جزءٌ منهم، وهم المستهدفون أيضاً، بما يلي ذلك من عدوان العدو الإسرائيلي وطغيانه ومخططه الصهيوني.
حجم الطغيان الإسرائيلي، والإجرام، ومرور هذا الزمن الطويل، على مدى ثلاثةٍ وعشرين شهراً، والعدو الإسرائيلي مستمرٌ في هذا العدوان والإجرام قرابة العامين، هذه المدَّة الزمنية، والإجرام المستمر، وتعاظم الإجرام، وحجم المأساة المظلومية الناتجة عن ذلك للشعب الفلسطيني، معناه: أنَّ المسؤولية تعظم وتكبر:
على المستوى الإنساني: على كل العالم أجمع.
وعلى المستوى الإسلامي: لأبناء هذه الأُمَّة، مسؤوليتهم كبيرةٌ جداً، طول تجاهلهم، وتنصّلهم عن هذه المسؤولية، وتغافلهم عن حجم ما يحدث، وعن الخطر الذي يهدِّدهم، لا يعفيهم من هذه المسؤولية، ولا من تبعاتها، ونتائجها، وآثارها الخطيرة عليهم في الدنيا وفي الآخرة، وفي الآخرة.
العالم الإسلامي، ينتمي فيه أبناؤه إلى الإيمان بالله، بكتابه، برسوله، باليوم الآخر، ومعنى ذلك: أنَّ الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" فيما بيَّنه لنا في كتابه الكريم، عن مسؤولياتنا والتزاماتنا الإيمانية والدينية، والتي إن فرَّطنا فيها؛ فهناك وعيدٌ صريحٌ في القرآن الكريم بالعذاب من الله في الدنيا والآخرة، لو لم يكن للمسلمين إلَّا قول الله "تَبَارَكَ وَتَعَالَى": {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التوبة:39]، وإلَّا قوله تعالى: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:24]، وكم في القرآن الكريم من آيات صريحة وواضحة، تبيِّن خطورة التفريط في المسؤولية، وأهمية هذه المسؤولية لنا:
في حياتنا هذه في الدنيا: فيما يترتب عليها من عزٍ، ونصرٍ، ومنعةٍ، وحمايةٍ للأُمَّة.
وأيضاً ما يترتب عليها في الآخرة: الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قال في القرآن الكريم: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:142].
مع الإجرام المستمر الذي يرتكبه العدو الإسرائيلي، في مستوى الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، وتنتشر المشاهد المأساوية، حيث المأساة في كل شيء: في الواقع المعيشي، في الواقع الصِّحِّي... في كل ظروف الحياة، صنع العدو الإسرائيلي فيها كلها مآسٍ، ويرتكب الجرائم، ويستهدف الشعب الفلسطيني في كل شيء، يستمر العدو الإسرائيلي أيضاً في الانتهاك لحرمة المسجد الأقصى، والسعي لاستكمال تهويد مدينة القدس، يستمر في الاستهداف لمقدَّسٍ ومَعْلَمٍ من أهم المعالم المقدَّسة للمسلمين: للمسجد الأقصى، مسرى النبي "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ".
العـــدو الإســـرائيــلي، في كل يوم هناك حالات اقتحام وتدنيس لحرمة المسجد الأقصى، وانتهاك لهذه الحرمة، وفي هذا الأسبوع أيضاً:
شارك المجرم (نتنياهو)، والمجرم (روبيو - وزير الخارجية الأمريكية)، في عمليات الاقتحام، حيث اقتحما ساحة البراق، وأدَّيا طقوساً تلمودية مشتركة.
وفي تلك الطقوس التلمودية افتتح أيضاً المجرم (روبيو - وزير الخارجية الأمريكي) نفقاً يمتد تحت المسجد الأقصى.
وتلا ذلك تصريحات للمجرم (نتنياهو) أنَّ تلك الطقوس تعبِّر عن قوَّة التحالف الأمريكي والإسرائيلي.
وفي الواقع، فإنَّ أداءهما للطقوس التلمودية بشكلٍ مشترك، هو يعبِّر بكل وضوح، وينبِّه هذه الأُمَّة الغافلة، التي لا تدرك حقيقة الموقف الأمريكي، أنَّ التَّوَجُّه واحد، التَّوَجُّه الأمريكي الإسرائيلي واحد، وخلفياته وحيثياته واحدة، والأهداف واحدة، والمخطط الصهيوني الذي يتحرَّك فيه جناحا الصهيونية (الأمريكي، والإسرائيلي) واحد، وإن كان معهم أيضاً جهة أخرى هي أيضاً البريطاني، الذي يتحرَّك لكن كتابع، الجناحان الرئيسيان هما: (الأمريكي، والإسرائيلي)، البقية هي أذرعة وتوابع في أوروبا، مثال: البريطاني، لكن له دور أكثر من بقية الأوروبيين.
على كُلٍّ، أداؤهما معاً للطقوس التلمودية، هو ينبِّه كل أبناء هذه الأُمَّة على هذه الحقيقة المهمة: أنَّ المشروع الصهيوني، والمخطط الصهيوني، مشترك ما بين الصهاينة الإسرائيليين، والصهاينة الأمريكيين والغربيين، وأنهم يتحرَّكون معاً في إطار هذا المشروع، الذي يستهدفون به أُمَّتنا الإسلامية، وديننا الإسلامي، ومقدَّساتنا الإسلامية، ويستهدفون به شعوبنا وأوطاننا، ويستهدفون به حُرِّيَّتَنا وكرامتنا، ويستبيحون به كل شيء: يستبيحون الدم المسلم، والعِرض المسلم، وأوطان هذه الأُمَّة المسلمة وثرواتها، ويستبيحون أيضاً مقدَّساتها.
في الضِّفَّـــــة الغربيـــــة:
يستمر العدو في كل أشكال الاعتداءات، ومن ذلك:
الاختطافات، التي كانت على وتيرة متسارعة وكبيرة في هذا الأسبوع، قرابة الـ(ألف) الذين اختطفهم العدو الإسرائيلي.
حملات المداهمة مستمرَّة.
جرائم القتل.
الاستهداف للمزارعين.
تهديدات أيضاً للأردن، وتصريحات عن (غور الأردن) حتى من المجرم (نتنياهو)، تهديدات بابتزاز الشعب الأردني، وأيضاً النظام الأردني بالماء والغاز، والماء الذي هو مِلْكٌ للأردن أصلاً.
في لبنـــــــــان:
يستمر العدو الاسرائيلي كذلك في إجرامه واعتداءاته، بالقتل، بالنسف والتدمير للمنازل في القرى الجنوبية على الحدود مع فلسطين المحتلَّة، وفي نفس الوقت تستمر الضغوط الأمريكية على الحكومة اللبنانية بتنفيذ الإملاءات الإسرائيلية في نزع سلاح المقاومة، التي تحمي لبنان، وتصون حرمة لبنان، وتمنع العدو الإسرائيلي من احتلال لبنان.
اليوم يوافق اليوم الأخير من ذكرى (مجزرة صبرا وشاتيلا) في لبنان، التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، بين السادس عشر والثامن عشر من سبتمبر في العام 1982م، وتمَّت تلك المجزرة المروِّعة، الرهيبة، الفظيعة، بعد تسليم المقاومة الفلسطينية لسلاحها، تلا ذلك ارتكاب العدو الإسرائيلي- آنذاك- تلك المجزرة البشعة والوحشية.
العدو الإسرائيلي ارتكب تلك المجزرة الرهيبة، والجريمة البشعة، باشتراكٍ مع عملائه في لبنان آنذاك، الذين شاركوا في تنفيذ تلك الجريمة البشعة، وهذا يوضِّح الكثير من الحقائق، أو يشهد لها وهي واضحةٌ أساساً، منها: المخاطر الكبيرة في نزع السلاح وسحب السلاح عمَّن يحمي الأوطان، ويحمي الشعوب، ويحمي الأُمَّة، السلاح الذي يحمي الشعوب عندما يُنْزَع؛ تستباح الشعوب، تباد، لا يبقى هناك أي حرمة لحياتها أبداً، وبشكلٍ بشعٍ ووحشي، وبدون أي حماية من أحد، ولا معاقبة على ما حدث من أي جهة.
ما بعد تلك الجريمة البشعة، هل كان هناك تحرك لمعاقبة من ارتكب تلك الجريمة، والأنصاف لأولئك المدنيين المظلومين، الذين قُتِلوا، وكانوا بالآلاف، بالآلاف؟! في بعض الإحصائيات: أسفرت المجزرة آنذاك عن استشهاد أكثر من (ثلاثة آلاف وخمسمائة) مدني فلسطيني ولبناني خلال ثلاثة أيام، إبادة جماعية ووحشية.
والتفاصيل عن تلك الجريمة، وكيف نفِّذت، وكيف كانت أساليب القتل والإبادة، هي تفاصيل مروِّعة، ومفجعة، ومؤلمة، وفي نفس الوقت مخزية للعدو، وتشهد فعلاً على هذه الحقائق الكبرى والمهمة جداً: حاجة هذه الشعوب إلى سلاح يحميها، سلاح بأيدٍ أمينة، بأيدٍ مسؤولة، بأيدٍ تتحرَّك في إطار المسؤولية الإنسانية والدينية والأخلاقية، لحماية هذه الشعوب من الإبادة بدمٍ بارد.
طالت عمليات الإجرام والقتل الأطفال والنساء في تلك الجريمة، حتى مِمَّن هم بداخل المستشفيات، واستخدم العدو الجرَّافات لإخفاء مئات الجثث، ودفنها في مقابر جماعية.
تعتبر تلك الجريمة من أسوأ الجرائم التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، وأبرزت خطورة غياب القوَّة الدفاعية التي تحمي المدنيين، هذا- كما قلنا- يشهد بأن سلاح المقاومة ليس هو المشكلة، السلاح الذي يشكِّل خطراً ويجب أن ينزع، هو السلاح الذي بأيدٍ إجرامية، ترتكب الجريمة، تستبيح الحياة الإنسانية، الخطر هو أن يمتلك العدو الإسرائيلي السلاح.
كان ينبغي- ومنذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين- أن يكون من أهم المسارات التي يتحرَّك فيها العالم الإسلامي رسمياً وشعبياً، سياسياً وبكل الوسائل، هو: السعي لمنع تسليح اليهود الصهاينة المجرمين، الذين يستبيحون الدماء، والحياة البشرية، وحياة المجتمع الإنساني، وحياة المدنيين، وحياة الأطفال والنساء، عقائدياً، ويمارسون إجرامهم ذلك بشكلٍ فعلي.
كان يفترض أن يكون الصوت دائماً عالياً في الضغط على إيقاف تسليحهم؛ لأن تسليحهم هو الذي يشكِّل خطورة على هذه الأُمَّة، وليس السلاح الذي يحمي الناس من شرِّهم، ويتصدَّى لإجرامهم، وهم يبتدئون هذه المجتمعات بالقتل، هم ابتدأوا الشعب الفلسطيني بالقتل، والإبادة، والاحتلال، وابتدأوا الشعب اللبناني، واستهدفوا سوريا، واستهدفوا الأردن، واستهدفوا كل البلدان، مخططهم الصهيوني هو استهداف لهذه الأُمَّة، واستباحة لها بكلها، على مستوى الاستباحة: هو استباحة لها بكلها.
لذلك هذه من الشواهد الكبرى، وينبغي أن تكون مثل هذه الذكرى مِمَّا ترسِّخ هذا المفهوم الصحيح، وترسِّخ هذه النظرة الصحيحة، التي تشهد لها الحقائق والوقائع معاً:
حقائق تتعلَّق بالعدو فيما هو عليه، في ثقافته، في فكره، في معتقداته، في مخططاته، في سياساته، في توجُّهاته.
ووقائع من ممارساته، من أفعاله، من تصرفاته، قد حصلت ووقعت، ليست ادِّعاءً عليه، بل حقائق ثابتة، واضحة، وشهد بها العالم، ورهيبة جداً.
سلاح المقاومة هو صمَّام أمان، هو حماية، هو حصن للشعوب، يحميها، يدفع عنها الإبادة الجماعية بدمٍ بارد.
فيمــــا يتعلَّـق بســـوريـا:
المشهد هناك هو مشهد الاستباحة، العدو الإسرائيلي في التفاصيل اليومية هو يثبِّت احتلاله وسيطرته على جنوب سوريا، ويستمر في عمله في [ممر داوود]، الذي يسمِّيه بـ [ممر داوود]، والتفاصيل هي في هذا الإطار: التوغلات اليومية، المداهمات التي يتم بعضها بعد منتصف الليل للقرى وللأهالي في قراهم، للسوريين، والسوريون في الجنوب السوري يرون أنفسهم مستباحين أمام العدو الإسرائيلي، ليس هناك أي حماية تتوفَّر لهم من أي طرف، لا من الجماعات المسيطرة على سوريا ولا من غيرها، في مقابل العدو الإسرائيلي ليس هناك أي حماية، المداهمات، إقامة الحواجز... كل الممارسات والتفاصيل اليومية هي ترسيخ سيطرة، تثبيت سيطرة للعدو الإسرائيلي في الجنوب السوري.
فيما يتعلَّق بالعدوان الإسرائيلي الذي طال قطر، واستباح سيادتها، واستهدف الوفد الفلسطيني المفاوض فيها:
فالعدو الإسرائيلي مستمرٌ في التهديد بالاستباحة المستمرَّة لقطر، بعد القمة الإسلامية العربية كان هناك موقف واضح ومعلن وصريح للعدو الإسرائيلي، عبَّر عنه المجرم (نتنياهو)، وعبَّر عنه أيضاً ما يسمَّى بـ (رئيس أركان جيش العدو)، وعبَّر عنه آخرون من الصهاينة المجرمين، يؤكِّدون على استمرار الاستباحة.
العدو الإسرائيلي أكَّد على أنَّه سيستهدف في أيِّ زمانٍ ومكان من يريد أن يستهدفه، يعني: أي هدف يريد أن يستهدفه، فسيستهدفه في أي مكانٍ كان، وأيضاً في أي زمان، هذه جزئية من جزئيات ما يعنونونه بـ [تغيير الشرق الأوسط]، هذه واحدة منها: توسيع معادلة الاستباحة؛ لتشمل كل العالم الإسلامي، وكل المنطقة العربية، كل البلدان والشعوب المسلمة في العالم العربي وغيره، هذه جزئية من جزئية [تغيير الشرق الأوسط].
والمجرم (نتنياهو) لا يفتأ يعبِّر في كل أسبوع عن هذا الهدف، وبهذا العنوان: [تغيير الشرق الأوسط]، في هذا الأسبوع عبَّر عن ذلك: [تغيير الشرق الأوسط]، بل إنَّه يجعل هذه الجرائم، هذه الاعتداءات، هذا الانتهاك لسيادة الدول، والاستباحة لحرمتها، يجعله بالفعل من هذا العنوان، من تفاصيل هذا العنوان، من ممارسات العدو الإسرائيلي التي تأتي في إطار هذا العنوان، يعني: عنوان [تغيير الشرق الأوسط]، يعني: بالنسبة للعدو الإسرائيلي أن يحتل أي منطقة يريد احتلالها، وأن يستهدف أي بلد يريد استهدافه، أن تكون هذه المنطقة بكلها مستباحةً له في: الدم، والعرض، والمال، والمقدَّسات... وفي كل شيء، وهذا يبيِّن أهمية أن تتَّجه هذه الأُمَّة لموقفٍ صحيحٍ رادع؛ لأن مِمَّا يشجِّع العدو الإسرائيلي على الاستمرار في ذلك، والإصرار على هذا الطغيان والإجرام والاستباحة: ما يقابل ذلك من أُمَّتنا العربية والإسلامية من انعدام الموقف الفعلي، هذا مِمَّا يشجِّع العدو الإسرائيلي.
العدو الإسرائيلي هو في منتهى السوء، هو عدوٌ لا يمتلك ذرةً من القيم الإنسانية، ولا الأخلاقية، ولا القيم، ولا يعترف بالأعراف، ولا المواثيق، ولا القوانين... ولا أي شيء، وهو حقود، وهو مجرم في منتهى الإجرام، وسيء في منتهى السوء، وطاغٍ في منتهى الطغيان؛ ولـذلك يجب أن نتعامل في الموقف تجاهه بناءً على وعيٍ بهذا العدو: كيف هو؟ كيف نفسيته؟ كيف تفكيره؟ ما هو مخططه؟ ما هي مشاريعه؟ ما هي أهدافه؟ ليس على أساس أن نتجاهل كل هذه الحقائق، ثم يتم التعامل بطريقة مختلفة تماماً.
ماذا كان موقف العدو الإسرائيلي من القمة العربية الإسلامية؟ القمة في قطر كان الحضور فيها حضوراً كبيراً، حضر من يمثِّل معظم هذه الشعوب والبلدان بمستوى أعلى (أعلى مستوى من المسؤولية)، يعني: أكثر الحضور من الرؤساء، من الأمراء، من الزعماء، من الملوك، إلَّا القليل مِمَّن ليس لهم أي صفة شرعية يعبِّرون بها عن بلدانهم، البقية حضروا بصفتهم الرسمية، في موقع المسؤولية في بلدانهم، حضروا بهذه الصفة: رؤساء، أمراء، ملوك، قادة، زعماء، حضروا على أساس أنهم يمثِّلون العالم الإسلامي، ويمثِّلون كل البلدان العربية، مع أنَّ بعضهم لا يمتلك أي صفة قانونية حتى على المستوى القانوني في تمثيل بلده، بل اتِّجاهه معادٍ لبلده، حضروا واجتمعوا في تلك القمة، فماذا كانت المخرجات؟ كالعادة مجرَّد بيانات فيها توصيفات عامَّة، بدون أي مواقف عملية محدَّدة.
حضورهم بذلك المستوى، ثم خروجهم بتلك المخرجات الهابطة، الضعيفة، مِمَّا أطمع العدو الإسرائيلي، مِمَّا شجَّعه، مِمَّا أعطاه المزيد من الجرأة في الإصرار على الاستباحة المستمرَّة لقطر، ولغير قطر، الاستباحة لقطر تعني: الاستباحة للخليج، لكل دول الخليج، وتعني: الاستباحة لبقية الدول العربية، وتعني: الاستباحة لكل العالم الإسلامي.
العدو الإسرائيلي الذي يتجرَّأ على الاستباحة لقطر، بالرغم مِمَّا تمتلكه قطر من ثقل سياسي، ومن علاقات دولية واسعة، ومن علاقات اقتصادية ومصالح اقتصادية مشتركة مع كثيرٍ من البلدان، بما فيها الدول الكبرى في الغرب والشرق؛ مع كل ذلك لم يراعِ العدو الإسرائيلي أياً من هذه الاعتبارات: لا ثقل سياسي، لا علاقات دولية، وحضور دولي سياسي معروف لقطر، وثقل سياسي معروف لها، ولا مصالح اقتصادية مشتركة بينها وبين دول أخرى، من كبريات الدول، كل هذه الاعتبارات لم يعطها العدو الإسرائيلي أي قيمة، وتجاوزها بكلها، واستهدف قطر.
هذا نذير كبير لكل العالم الإسلامي، لكل البلدان، لبلدان الخليج، لحكوماتها، وزعمائها، وقادتها، ولغيرهم، معناه: أنَّ العدو الإسرائيلي لن يرع لأحدٍ هذه الاعتبارات:
لا أنَّه يرتبط بمصالح اقتصادية كبيرة مع بلدان الغرب والشرق.
ولا أنَّ لديه علاقات قوية مع دول الغرب أو الشرق.
ولا أنَّ له ثقل سياسي وازن... ولا أياً من هذه الاعتبارات.
ولا حتى أنَّ في أرضه قواعد أمريكية كان يؤمِّل فيها أن تكون عاملاً من عوامل حمايته، والدفع للخطر عنه، ولا حتى ذلك.
بل العدو الإسرائيلي يرى في القواعد الأمريكية- في أي بلد- أنها أيضاً مِمَّا يفيده هو، مِمَّا يسهِّل عليه مهمة العدوان، والنفوذ العسكري الأمريكي والاستخباراتي وغيره، يعني: عسكرياً، استخباراتياً، سياسياً، هو بالشكل الذي يسهِّل للعدو الإسرائيلي أي عدوان على أيِّ بلدٍ يستهدفه، مِمَّن كان يؤمِّل أن تكون علاقاته العسكرية، والاستخباراتية، والسياسية، والاقتصادية بالأمريكي، ستكون عاملاً مهماً في حمايته، والدفع عنه؛ والأمريكي- من جانبه أيضاً- لا يعطي ذلك أي اعتبار؛ لأنه يركِّز- بالدرجة الأولى- على الدعم المطلق والمفتوح للعدو الإسرائيلي، وهو شريك في المخطط الصهيوني، يعتبر نفسه معنياً بتنفيذ المخطط الصهيوني مع العدو الإسرائيلي.
معنى ذلك: أنَّ تلك القمة كان ينبغي أن تكون لها مخرجات عملية، وهل واقع هذه الأُمَّة بكلها، بكل ثقلها، أمة الملياري مسلم، بكل قدراتها، وإمكاناتها، ومواقعها الجغرافية، بكل ما تمتلكه من عناصر قوَّة وإمكانات، هل وصلت إلى مستوى أنَّه لم يبقَ لها فرصة ولا خيار لاتخاذ أي موقف عملي؟! ليست المسألة كذلك، ليست المسألة كذلك، المسألة مختلفة، في الحد الأدنى يمكننا أن نقول: أنَّها لم تتوفَّر الجِدِّيَّة ولا الإرادة الصادقة لاتِّخاذ موقفٍ عملي، بغض النظر عن خلفيات ذلك:
من تؤثِّر عليه الارتباطات بالأعداء، فهو يعمل لمصلحتهم أكثر من أُمَّته.
أو من هو متخاذل.
أو من هو خائف وضعيف.
أو من لديه أيضاً مؤثِّرات وعوامل ناتجة عن هذه العلاقات في داخل الأُمَّة...
أو غير ذلك من الأسباب، (تعدَّدت الأسباب والموتُ واحد)، المشكلة واحدة، الكارثة كبيرة على هذه الأُمَّة، أن يجتمع من يقولون عن أنفسهم أنهم قادتها، ثم يمثِّلونها بكل ما تمتلك من قدرات، وفي مقابل معادلة خطيرة يسعى العدو الإسرائيلي لتثبيته على كل هذه الأُمَّة، وعبَّر صريحاً بذلك، تكلَّم بكل وضوحٍ عن ذلك، في أيِّ زمان ومكان، عبارة واضحة: [تغيير الشرق الأوسط]، عبارة واضحة وجليَّة، ثم لا يكون لهم موقف فعلي!
هناك مواقف متاحة، هي- بالنسبة لهم- هي متاحة وبسيطة، في معيار الممكن، ومع ذلك لم يتَّجهوا إلى أيٍّ منها، نذكر على سبيل المثال عِدَّة خيارات:
في مقدِّمتها: قطع العلاقات مع العدو الإسرائيلي:
البعض من هذه الأنظمة العربية، والبعض في العالم الإسلامي، يرتبطون مع العدو الإسرائيلي بعلاقات دبلوماسية، وعلاقات اقتصادية، وعلاقات سياسية، وعلاقات استخباراتية وأمنية، وعلاقات متنوعة، لديهم فعلاً هذه العلاقات، لم يصل بهم الحال أن يعلنوا في تلك القمة، كزعماء لهذا العالم الإسلامي كما يقدِّمون أنفسهم، وأنهم يمثِّلونه، أن يعلنوا قطع علاقاتهم بكلها مع العدو الإسرائيلي، والمقاطعة الكاملة له: سياسياً، دبلوماسياً، اقتصادياً، واستخباراتياً... وما أشبه ذلك.
هذه خطوة ممكنة، ومؤثِّرة، ذات تأثير عملي، ذات تأثير على العدو الإسرائيلي؛ لأن العدو الإسرائيلي هو المستفيد من تلك العلاقة بأكثر مِمَّا يستفيدون هم، هو المستفيد اقتصادياً، هو المستفيد استخباراتياً، هو المستفيد بشكلٍ عام نتيجةً لتلك العلاقات؛ أمَّا هم فهم خاسرون، هي خسارة عليهم، تلك العلاقة هم فيها الطرف الخاسر وليس الرابح بكل الاعتبارات، ولا يتَّسع الوقت للحديث عن تفصيل هذه الجزئية.
كان بإمكانهم أيضاً أن يعلنوا إغلاق الأجواء على العدو الإسرائيلي؛ لأنهم أباحوا له أجواء بلدانهم:
البعض منهم قد اتَّخذ هذه الخطوة، في إعلان إغلاق أجوائه أمام العدو الإسرائيلي؛ لكن لا تزال هناك دول وأنظمة لا تزال مبيحةً أجواءها للعدو الإسرائيلي.
كان بإمكانهم أن يعلنوا رفع التصنيف بالإرهاب للمجاهدين الفلسطينيين، لكتائب القسَّام، لحركة حماس، لبقية الفصائل الفلسطينية: حركة الجهاد... وغيرها من الفصائل الفلسطينية، التي سبق لهم وأن صنَّفوها بالإرهاب:
كان بإمكانهم أن يرفعوا هذا التصنيف، وهذا مزعج للعدو الإسرائيلي، وأن يفتحوا المجال بالتَّوَجُّه الإيجابي نحو الإخوة المجاهدين في فلسطين.
كان بإمكانهم أن يعلنوا عن تقديم ويقدِّموا- يعلنوا ويقدِّموا- الدعم المادي، والسياسي، والإعلامي للشعب الفلسطيني مع مجاهديه:
وهذه خطوة متاحة لهم، انظروا كيف هي القمم الأوروبية، وما هي مخرجاتها، تجاه مسألة أوكرانيا، مع الفارق الكبير فيما بين مسألة أوكرانيا وقضية الشعب الفلسطيني العادلة، لكن في القمم الأوروبية مخرجات يعلنون عن مليارات، أحياناً عن مئات الملايين، وأحياناً عن مليارات من المبالغ المالية (باليورو، أو بالدولار)، عن أسلحة، عن إمكانات اقتصادية يقدِّمونها لأوكرانيا.
لماذا لم تخرج هذه القمة بدعمٍ معلن للشعب الفلسطيني: دعم مالي، دعم سياسي، دعم إعلامي... دعم على كل المستويات؟ وهذه خطوة متاحة.
كان بإمكانهم أيضاً أن يتيحوا المجال لشعوبهم لتتحرَّك أكثر:
لأن كثيراً من الأنظمة حظروا على شعوبهم أي تحرُّك شعبي لمناصرة الشعب الفلسطيني، ويمنعونهم من ذلك، ويجرِّمون أي تحرُّك، ويعاقبون عليه بالسجن، ويعاقبون عليه بالمال، وهناك مخاطر في بعض البلدان حتى من مخاطر القتل.
كان بوسعهم أن يوقفوا نفطهم على العدو الإسرائيلي؛ حتى لا يحرِّك آلياته ببترولهم العربي، ولا يحرِّك طائراته بالوقود العربي.
خطوات كثيرة كانت متاحةً لهم، لكنَّهم لم يتَّجهوا لأيِّ موقف عملي مِمَّا هو متاح، يعني: لم نقل لهم: [اذهبوا وحاربوا العدو الإسرائيلي]، لكن لماذا لا تقطعون علاقتكم به؟ لماذا لا توقفون دعمكم له، تعاونكم معه؟ لأن طبيعة علاقتكم به هي علاقة تعاون، هي علاقة دعم للعدو الإسرائيلي، يستفيد منها على كل المستويات.
العدو الإسرائيلي كان جوابه واضحاً تجاه تلك القمة كما قلنا، وتزامن معها ما قام به المجرم (نتنياهو) مع وزير الخارجية الأمريكي المجرم في أداء الطقوس التلمودية عند حائط البراق في المسجد الأقصى.
وتزامن معها أيضاً الموقف الأمريكي، بإيفاد وزير الخارجية الأمريكي إلى فلسطين المحتلَّة؛ لدعم العدو الإسرائيلي، والتأكيد على استمرار الدعم الأمريكي المفتوح والمطلق، الذي هو في إطار موقف عملي، يختلف عن القمم العربية؛ يُقَدِّم المال، يُقَدِّم السلاح، يُقَدِّم الدعم السياسي، يُقَدِّم الدعم الإعلامي... يُقَدِّم كل أشكال الدعم، يعني: الأمريكي يقف مع العدو الإسرائيلي وقفة جادَّة، وقفة حقيقية، وقفة عملية؛ في مقابل أنَّ العرب لا يقفون مع بعضهم البعض، ليس فقط مع الشعب الفلسطيني، ولا حتى مع غيره، ولا لأجل أنفسهم هم؛ لأن معادلة الاستباحة هي تستهدفهم جميعاً، عنوان [تغيير الشرق الأوسط] يستهدفهم جميعاً، وكل تفاصيله خطيرة عليهم، جزئية من جزئياتها هي هذه: معادلة الاستباحة التي يريد العدو الإسرائيلي أن يثبِّتها عليهم جميعاً.
هذا شيءٌ مؤسف: أن تكون المخرجات فقط بيانات دون مواقف عملية! والعدو الإسرائيلي سخر منها، وتحدث عنها بجرأة، بأنه ليس لها أي قيمة عنده، ولا أي اعتبار، وأنه مصرّ على هذه المعادلة بما هو أوسع، يعني: هو يقول للجميع: [ليست المسألة منحصرة على الاستهداف والاستباحة لسيادة قطر، بل وسائر البلدان العربية، وسائر العالم الإسلامي]، وهذا موقف يفترض به أن يستفز هذه الأُمَّة.
أيضاً في تلك القمة: مخرجاتها، الكلمات فيها، هي أيضاً من التجلِّيات الواضحة لإعراض هذه الأُمَّة، على مستوى القادة، والحكومات، والأنظمة، وعلى مستوى معظم النخب، وعلى مستوى معظم التيارات الشعبية، إعراضهم عن القرآن الكريم، هي تجلِّيات واضحة لذلك الإعراض، ليس هناك أي تفكير بالعودة إلى القرآن الكريم، ولا بأن يكون الموقف قرآنياً، والأُمَّة في هذه المرحلة أحوج ما تكون إلى أن تضبط موقفها بهذا المعيار العظيم والمهم، هو الذي سينتشل الأُمَّة من الهوَّة التي وقعت فيها، أن تعتصم بحبل الله جميعاً، أن تتحرَّك تحرُّكاً جماعياً وفق تعليمات الله، وفق هدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأن تستنير بنور الله، بهديه العظيم، الله قال عن القرآن الكريم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء:9]، اعرفوا العدو من خلال القرآن؛ لتكون معرفتكم معرفةً صحيحة، تبنى عليها مواقف صحيحة، توجُّهات صحيحة، تصرفات صحيحة؛ وكـذلك اعرفوا الحلول العملية من خلال القرآن الكريم، الخطوات والمواقف التي ينبغي التَّحَرُّك فيها، لتتحرَّكوا فيما هو أقوم، في أقوم المواقف، في أَصَحِّها، في أكثرها نفعاً، تأثيراً، إيجابيةً، {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}[المائدة:16].
كان من المخزي والمعيب أن يتضمَّن بيان القمة التوصيف للعدوان الإسرائيلي بأنه: [يفشل إقامة العلاقات الطبيعية مع إسرائيل]، هذه عبارة هابطة، هابطة جداً، معيبة، مخزية، الحديث وكأنَّ الذي يحزنهم مِمَّا يفعله العدو الإسرائيلي: أنَّ ذلك يسبب إحراجاً لهم في علاقتهم به.
على كلٍّ، أن يُحْسَب على العالم الإسلامي بكل قدراته، وإمكاناته، وشعوبه، أن يكون التعاطي بذلك المستوى من العجز، وانعدام الموقف، في مقابل حقد وأطماع العدو الإسرائيلي؛ هذا يشجِّع العدو، فتكون المخرجات- بنفسها- مِمَّا يزيده تشجيعاً.
الأمريكي أيضاً كان واضحاً في استمراره مع العدو الإسرائيلي في إطار هذه الاستباحة الشاملة، مع أنَّ البعض من المسؤولين الأمريكيين حاولوا أن يطلقوا بعض التصريحات المدارية، من باب المداراة والمجاملة للقطريين، لكن الموقف الأمريكي واضح تماماً، الموقف الفعلي والحقيقي: أنه مع العدو الإسرائيلي، ومستمرٌ في دعمه في إطار توجُّهاته، الأمريكي يقول أنه: [سيقدِّم الدعم للإسرائيلي، وليفعل الإسرائيلي ما يرى أنه يريد أن يفعله، ليفعل ذلك والأمريكي معه على كلِّ حال].
فيمـــا يتعلَّــق بالصمـــود الفلسطينــي في قطـــاع غـــزَّة لإخوتنـــا المجاهــديـن:
الذين تستمر عملياتهم، بالرغم من كل هذه المدَّة الطويلة من الحصار الشديد، والعدوان الشامل المدمِّر، إلَّا أنهم يواصلون عملياتهم البطولية: عمليات لكتائب القسَّام، وعمليات لسرايا القدس، وعمليات معها لبقية الفصائل؛ في خان يونس، وشمال القطاع... وفي مختلف المحاور، وفي مدينة غزَّة، التي يركِّز العدو الإسرائيلي جهده العسكري الميداني بهدف الاحتلال المباشر لها.
مـن تـلك العمليـــــات:
عمليات استهداف لآليات العدو ودباباته، وإحراق لها.
عمليات بالكمائن.
عمليات بالعبوات الناسفة.
عمليات بالقناصة
عمليات متنوعة، عمليات عظيمة وبطولية، مع الخذلان الكبير من هذه الأُمَّة.
لو قدَّمت هذه الأُمَّة فقط الدعم الكافي للشعب الفلسطيني؛ لما كان الوضع على ما هو عليه، لكنها بدلاً من ذلك تتآمر الكثير من أنظمتها، ويتخاذل البقية تجاه دعم الشعب الفلسطيني.
فيمــــا يتعلَّــق بالمظاهــرات الداعمـــة لفلسطـــين:
كان هناك مظاهرات ووقفات في ستة بلدان عربية في هذا الأسبوع، وفي أربعة عشر بلداً في أنحاء أخرى من العالم، منها: مظاهرات لا بأس بها في (نيويورك - في أمريكا)، مظاهرات قوية في (برلين - في ألمانيا).
هناك أيضاً تنامٍ في ألمانيا في نشاط المقاطعة للمنتجات الزراعية الإسرائيلية، وهذا جيد، ولو أنَّه في نطاق محدود (مسألة: مقاطعة المنتجات الزراعية)، لكنه لوحظ أنَّه يتنامى.
مثل هذه المقاطعة كان ينبغي أن تكون بشكلٍ كاملٍ وشامل من كل العالم الإسلامي، كان هذا هو الواجب، هذه هي المسؤولية في إطار الموقف الصحيح.
كان من الملفت تصريح لرئيس وزراء إسبانيا، يبيِّن عن مدى حزنه تجاه ما يجري على الشعب الفلسطيني، قال: [في اسبانيا لا تملك قنابل نووية، ولا حاملات طائرات، ولا احتياطيات نفطية كبيرة، نحن وحدنا لا نستطيع إيقاف الهجوم الإسرائيلي، لكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن المحاولة، هناك أهداف تستحق القتال من أجلها، حتى لو لم يكن النصر فيها بأيدينا وحدنا].
يعني: هو يطمح إلى أن يكون موقف بلده، في السعي لإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة، بالشكل الذي يدفع هذا العدوان، يوقف هذا العدوان؛ ولكنه يقول: لا نمتلك الإمكانيات التي تفي بتحقيق هذا الهدف: أن نتمكن من منع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة، لكن هذا لا يعني أننا سنتوقف، هذا موقف واعٍ، يقول بهذا التعبير: [هناك أهداف تستحق القتال من أجلها]، وهو يقصد: أنهم سيستمرُّون للعمل في ضغوطهم السياسية، الاقتصادية... وغيرها، عبَّر بالقتال عن مستوى الاهتمام والموقف المتقدِّم.
على كُلٍّ، هناك نقص كبير في واقع الزعماء العرب، الحكومات العربية، الأنظمة العربية، عن أن يكون لهم مثل هذا المستوى الذي يعبِّر عن ألم، عن حزن لمأساة الشعب الفلسطيني، عن تضامن مع الشعب الفلسطيني، وعن مستوى الموقف الاسباني، وهناك أنظمة عربية موقفها لم يرتقِ إلى مستوى الموقف الاسباني، لم يرتقِ إلى مستوى موقف فنزويلا، التي تواجه هذه المرحلة استهدافاً أمريكياً كبيراً؛ لتوجهها التحرري.
فنزويلا دولةٌ حُرَّة، ترفض الخنوع والخضوع لأمريكا، والعدو الأمريكي يحقد عليها؛ لتوجهها التحرري، ويطمع في ثرواتها النفطية الهائلة؛ لأن لديها مخزوناً هائلاً من النفط، وهو طامعٌ فيه؛ ولـذلك هو في هذه المرحلة يتَّجه لاستهدافها تحت عنوان- هو عنوان مكشوف في أنه مجرَّد عنوان للاستهداف، وذريعة عارية للاستهداف- عنوان المخدرات، ومكافحة المخدرات.
أكبر من ينشط في هذا العالم في المخدرات هو أمريكا، أكبر بلد متعاطٍ للمخدرات، ومتاجر في المخدرات هو أمريكا، أكبر نشاط منظَّم في الإتِّجار في المخدرات، والترويج لها للمخابرات الأمريكية، هذه من الحقائق المعروفة، من الحقائق الثابتة بالإحصائيات والأرقام، حتى أثناء الاحتلال الأمريكي المباشر لأفغانستان، حوَّل الأمريكيون- آنذاك- أفغانستان إلى مزرعة لإنتاج المخدرات، ثم بعد ذهابهم من أفغانستان، ونهاية احتلالهم المباشر لأفغانستان، تراجع إنتاج المخدرات في أفغانستان- بحسب إحصائيات الأمم المتَّحدة- بنسبة 97%، يعني: فارق مهول جداً، معناه: أنهم من كانوا يرعون هذا النشاط في أفغانستان، وعندما طُرِدُوا منها أصبح الحال مختلفاً تماماً؛ ثم يرفعون هم هذا العنوان لاستهداف من؟ فنزويلا الحُرَّة، والحقيقة: أنهم يسعون للسيطرة عليها، والسيطرة على مخزونها النفطي، واحتياطيِّها الكبير من النفط؛ بدافع الطمع، لا يعطون أي اعتبار لسيادة دول ولا أي شيء، همهم السيطرة والنهب لثروات الشعوب، هذه هي أمريكا، أمريكا الديمقراطية، وأمريكا بحقوق الإنسان، هي التي تنهب الناس، تقتلهم، تستعبدهم، تخضعهم في أي بلد يتهيَّأ لها ذلك، لا تتردد لأي اعتبار أبداً... وهكذا هي تستهدف فنزويلا في هذا السياق.
على كُلٍّ، الموقف الاسباني، الموقف الفنزويلي، موقف كولومبيا، موقف جنوب أفريقيا، بلدان في خارج العالم الإسلامي، متقدِّم على الكثير من الأنظمة والحكام في العالم الإسلامي من عربٍ وغيرهم.
فيمــــا يتعلَّــق بالموقــف اليمنــي:
الموقف اليمني مستمرٌ في كل مساراته، في الإطار الواسع، في العنوان المهم، عنوان: (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس)، عنوان هو مقصودٌ فعلاً، يعبِّر عن الموقف بكل حقيقة.
على مستوى العمليات العسكرية في الإسناد العسكري:
نُفِّذَت عمليات هذا الأسبوع بـ(أربعةٍ وعشرين) ما بين صواريخ وطائرات مسيَّرة:
منها: ما هو باتِّجاه عمق فلسطين المحتلَّة، ومن ذلك (صاروخ فرط صوتي) في العملية الأخيرة، كان له تأثيره الكبير:
دوَّت صافرات الإنذار في معظم أرجاء فلسطين.
هرع ملايين المغتصبين الصهاينة إلى الملاجئ.
توقفت أيضاً الملاحة في (مطار اللد).
وأجبرت الطائرة الرئاسية هناك، التي يسمُّونها بـ [جناح صهيون]، على الهبوط الاضطراري، وكان لهذه العملية أثرها الكبير.
هذه العملية وغيرها من العمليات بالصواريخ وبالطائرات المسيَّرة نُفِّذت في هذا الأسبوع.
يستمر أيضاً حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي في (البحر الأحمر، وباب المندب)، وتستمر العمليات أيضاً لاستهداف السفن الإسرائيلية.
وهنا أقول لكل الذين يعملون على إيقاف هذا الموقف: كل المساعي التي تبذلونها بهدف حماية السفن الإسرائيلية، وتمكين العدو الإسرائيلي من الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي، عبر باب المندب، كل جهودكم فاشلة.
النظـــام السعـــودي، في ذروة الطغيان الإسرائيلي، فيما يفعله في غزَّة، فيما يفعله في سوريا، ضد لبنان، ما فعله في قطر، في إعلانه الاستباحة لكل دول المنطقة، وليست السعودية استثناءً، العدو الإسرائيلي لا يعتبر السعودية استثناءً أبداً، هي مشمولة بالمخطط الصهيوني، هي داخلة تحت عنوان: [تغيير الشرق الأوسط]، مهما قدَّمت للعدو الإسرائيلي، مهما خدمته استخباراتياً، مالياً، سياسياً، مهما خدمته في فرض سقف للموقف العربي والإسلامي، أن يكون مجرَّد بيانات تصدر دون أي خطوات عملية وفعلية، لن يقدِّر لها ذلك أبداً، إنَّ الله يقول وهو أصدق القائلين: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}[البقرة:120]، مهما قدَّمتم؛ لن يفيدكم ذلك، حقائق أكَّدها القرآن في آيات كثيرة، ليس فقط في هذه الآية، في آيات كثيرة، يبيِّن أنهم أعداء مهما عملتم لهم، ليس بعد قوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}[آل عمران:119]، ليس بعد قوله تعالى: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}[آل عمران:118]، كم في القرآن من حقائق تعبِّر عن حقدهم، وأنهم يتعاملون معكم فقط بمجرَّد استغلال لا أقل ولا أكثر، يستغلونكم.
الإعلان السعودي عن شراكة مع البريطاني في العمل لحماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر؛ لأن أي عنوان لحماية الملاحة يرفعه أي طرف في هذه المرحلة، فهو لا يعني- في واقعه وحقيقته- إلَّا حماية الملاحة للعدو الإسرائيلي؛ لأنها الملاحة المستهدفة حصراً، هل هناك استهداف للسفن السعودية؟ لا، هل هناك استهداف للسفن البريطانية؟ لا، استهدفت أثناء مشاركة البريطاني في العدوان على اليمن، إسناداً للعدو الإسرائيلي مع الأمريكي، توقف البريطاني؛ توقفت عمليات الاستهداف لسفنه؛ لكن أن يعلن النظام السعودي في هذا التوقيت، في ذروة الإجرام الصهيوني الإسرائيلي في غزَّة، في مرحلة الاجتياح لمدينة غزَّة، والتهجير لمليون فلسطيني، وذروة التجويع، والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، والاستباحة لسوريا، والاستباحة للبنان، والاستباحة لقطر، والإعلان عن الاستباحة لكل هذه الأُمَّة، أن يعلن عن شراكة مع بريطانيا في السعي لحماية الملاحة الإسرائيلية، هذه خيانة لهذه الأُمَّة، ولن ينجحوا في ذلك، لن ينجح لا البريطاني ولا السعودي... ولا أي طرف يجنِّد نفسه مع العدو الإسرائيلي في حماية السفن الإسرائيلية، لن ينجحوا في ذلك.
أي ترديد للمصطلحات الإسرائيلية، والتوصيفات الإسرائيلية، تجاه الموقف اليمني، من أيِّ طرف في هذه الأُمَّة، من البلاد العربية وغيرها، فهو في إطار خدمة الموقف الإسرائيلي، نحن نسمع أحياناً توصيفات للموقف اليمني، الذي هو موقف إنساني، قرآني، إيماني، ديني، بأنه: [موقف إيراني]، نسمع مثل هذه التوصيفات، التي هي توصيفات مِمَّن؟ من العدو الإسرائيلي، من يردِّدها من أنظمة وغيرهم من العملاء، هو كالببغاء، يردِّد ما يقوله الإسرائيلي؛ لتبرير ما يفعله الإسرائيلي، ولتبرير الخيانة والعمالة للعدو الإسرائيلي.
وكذلك عنوان: [الملاحة، الملاحة البحرية، حماية الملاحة]، الخطر هو فعلاً في البحر الأحمر باتِّجاه باب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي، على السفن الإسرائيلية، في إطار موقفنا العادل، الحق المشروع، نصرةً للشعب الفلسطيني، وفي سبيل الله، وضد عدو يستهدف كل هذه الأُمَّة، وهو يشكِّل خطورةً على كل هذه الأُمَّة؛ ومع ذلك يأتي البعض ليردِّد العبارات والمصطلحات الإسرائيلية.
من يريد أن يورِّط نفسه مع العدو الإسرائيلي، في أيِّ اعتداء على بلدنا؛ فسنواجهه في إطار موقفنا من العدو الإسرائيلي نفسه، المعركة هي نفسها، لا يخرجها عن مسارها أي عنوان، ولا أي عميل أبداً.
ولذلك أتوجَّه بالنصح إلى النظام السعودي وغيره: لا تورِّطوا أنفسكم لدعم العدو الإسرائيلي عسكرياً، لحماية سفنه في البحار، اخجلوا على أنفسكم، هذا عارٌ عليكم، وهذا معيب، وفي نفس الوقت لن تنجحوا في ذلك، لن تستطيعوا- بإذن الله تعالى- أن تحموا سفنه، ولا أن تؤمِّنوا مروره وعبوره، مهما قدَّمتم، مهما فعلتم، مهما دعمتم، مهما تآمرتم، فالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هو نصيرنا، هو مولانا، نعم المولى ونعم النصير، وخسارةٌ عليكم، كل من يجنِّد نفسه مع العدو الإسرائيلي هو خاسر، وفي هذه المرحلة فضيحة كبيرة له؛ ولـذلك القضية واضحة، والمسألة واضحة.
فيمــا يتعلَّـق بالأنشطـــة الشعبيـــة: هي مستمرَّة:
في مقدِّمة الأنشطة المهمة في هذا الأسبوع، هو: المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم، الذي تقيمه النخبة الجامعية في صنعاء، وهو مهم جداً، فيه مشاركات مهمة، وتوجيه للنشاط الجامعي والأكاديمي في العالم في مسارات صحيحة، في مسارات مفيدة، في مسارات مثمرة، تسهم في رفع مستوى الوعي في هذه الأُمَّة، مستوى البصيرة في هذه الأُمَّة، مستوى الارتباط بالرؤى الصحيحة، المنبثقة من القرآن الكريم، التي تعيد لهذه الأُمَّة مسارها الصحيح في العلاقة برسولها، بنبيها، بالقرآن الكريم، بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
أيضاً من الأنشطة الجامعية: أنشطة في المظاهرات في هذا الأسبوع، في معظم الجامعات اليمنية في المحافظات الحُرَّة: في صنعاء، في عمران، في صعدة، في إب، في ذمار، في الحديدة، في البيضاء، في المحويت، في الجوف... في مختلف المحافظات اليمنية.
كان هناك أيضاً مع المظاهرات ومع الوقفات أنشطة أخرى، منها: ندوات مهمة، وهذا مسار مهم في الجامعات اليمنية، ندوات تقدِّم الحقائق عن المشروع الصهيوني، عن أهدافه، عن خلفياته، عن خلفيات الموقف الأمريكي في إطار المشروع الصهيوني، عن خطر اليهود الصهاينة على العالم الإسلامي، عن أساليبهم، هذا شيء يجب أن يدخل في الندوات، في مختلف الأنشطة، وحتى في الدراسات والأبحاث، كذلك فيما يتعلَّق بالموقف: الموقف الذي ينبغي أن تقفه الأُمَّة، المسؤولية على هذه الأُمَّة، الاتِّجاهات الصحيحة للأُمَّة في هذا الإطار.
شعبنا ثابتٌ على موقفه في كل مساراته: مظاهرات، وقفات، موقف عسكري، موقف إعلامي، موقف سياسي، الموقف الرسمي والشعبي، شعبنا ثابتٌ على ذلك، هو في إطار موقفٍ صادق مع الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وجاد، بقناعة، بوعي، ببصيرة، الدافع الإيماني قبل كل شيء، الوعي بحقيقة القضية، بطبيعة هذا الصراع، أيضاً له أهميته الكبيرة في أن نكون في مستوى هذا الموقف، وأن نتحرَّك في هذا الإطار بأعلى سقف؛ لأننا ننطلق من منطلق إيماني، إيماني، إيمان بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، استجابة لتعليمات الله جلَّ شأنه، هذا الموقف لم يُفْرَض على شعبنا، أو يُدْفَع إليه شعبنا، من أي بلد أو طرف في هذا العالم، تجمعنا بالجمهورية الإسلامية في إيران والمحور توجُّهات قرآنية، توجُّهات إسلامية، توجُّهات في إطار قضية جامعة، ينبغي أن تجتمع عليها كل الأُمَّة، وليس فقط محور المقاومة.
كان من واجب كل هذه الأُمَّة أن تقف جميعاً وقفةً عمليةً صادقة ضد الخطر الصهيوني، ضد العدو الإسرائيلي، والأمريكي الداعم له ضد هذه الأُمَّة، لاستهداف هذه الأُمَّة؛ ولـذلك موقفنا هو موقف قرآني، إسلامي، ديني، إنساني، أخلاقي، موقف ثابت، موقف نقي، نظيف، صحيح، طاهر، شريف، عزيز، كريم، ينطلق بالعِزَّة الإيمانية، والكرامة الإنسانية، والمسؤولية الدينية.
يتحرَّك شعبنا وبلدنا (رسمياً، وشعبياً) في إطار هذا الموقف؛ لأنه من أهم المصاديق الصحيحة الدقيقة للجهاد في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فنحن نجاهد في سبيل الله، الله أمرنا في القرآن الكريم بأن نجاهد، وهو غنيٌ عن جهادنا، هو القائل: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت:6]؛ لأننا بحاجة إلى أن نجاهد في سبيل الله؛ لأننا نحافظ بذلك على إنسانيتنا، على حُرِّيَّتَنا، نحن جزءٌ من هذه الأُمَّة، مستهدفين كهذه الأُمَّة، وهذا الاستهداف هو في ماذا؟ في الحُرِّيَّة والكرامة.
الأمة هذه يسعى العدو الإسرائيلي والأمريكي، يسعى صهاينة اليهود ومن معه