كيف أظهر صاروخ مطار بن غوريون محدودية جهود أمريكا لإضعاف الحوثيين؟
klyoum.com
(CNN) -- قصفت إسرائيل أهدافًا للحوثيين في اليمن، الاثنين، بعد يوم من سقوط صاروخ باليستي حوثي على مطار بن غوريون الدولي، وتُعد هذه الهجمات أول غارات إسرائيلية على الحوثيين منذ شهور.
وأجبر فشل اعتراض الصاروخ الذي أُطلقه الحوثيون إسرائيل على إغلاق مطارها الدولي الرئيسي لفترة وجيزة الأحد، مما كشف عن نقاط ضعفها وقدرة الحوثيين المستمرة على ضرب أهداف بعيدة رغم الحملة العسكرية الأمريكية المتواصلة.
وكانت الرحلات الجوية توقفت في مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب لمدة 30 دقيقة تقريبًا صباح الأحد بعد سقوط صاروخ في محيط المطار، عقب ما وصفه الجيش الإسرائيلي بـ"عدة محاولات" اعتراض.
وقال الجيش الإسرائيلي بعدها إن "نتائج الاعتراض قيد المراجعة".
وذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن القوات أطلقت صاروخ "حيتس" الاعتراضي بعيد المدى على الصاروخ كما أن الولايات المتحدة لديها نظام "ثاد" متطور مضاد للصواريخ منتشر في إسرائيل.
وأعلنت جماعة الحوثي المتمردة المدعومة من إيران في اليمن مسؤوليتها عن الهجوم، قائلةً إنه نُفذ "رفضًا لجريمة الإبادة الجماعية (الإسرائيلية)" بحق شعب غزة.
وحذرت الجماعة لاحقًا من أنها قد تشن هجومًا جديدًا وستفرض "حصارًا جويًا شاملًا" على إسرائيل من خلال "استهداف المطارات بشكل متكرر"، وخاصة مطار بن غوريون.
ودعت شركات الطيران الدولية إلى التخطيط وفقًا لذلك وإلغاء جميع الرحلات المجدولة إلى المطارات الإسرائيلية.
ويبدو أن هذه الضربة هي المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة مطار إسرائيل الدولي بنجاح.
وقال المتحدث العسكري باسم القوات اليمنية التابعة للحوثيين، يحيى سريع في بيان: "فشلت أنظمة الدفاع الأمريكية والإسرائيلية في اعتراض الصاروخ الموجه إلى مطار بن غوريون"، مضيفًا أن المطار استُهدف بـ"صاروخ باليستي تفوق سرعته سرعة الصوت".
ومن جانبه، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد على الصاروخ بشن المزيد من الهجمات ضد الحوثيين، وقال في خطاب مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي: "لقد تحركنا سابقًا، وسنتحرك أيضًا في المستقبل. لا أستطيع شرح كل ذلك بالتفصيل. الولايات المتحدة، بالتنسيق معنا، تعمل ضدهم أيضًا. الأمر ليس ردًا واحدًا فقط ولكن ستكون هناك ضربات".
وفي منشور لاحق على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، وعد أيضًا بالرد على إيران: "سترد إسرائيل على هجوم الحوثيين على مطارنا الرئيسي، وفي الوقت والمكان الذي نختاره، على أسيادهم الإرهابيين الإيرانيين"، وحذر وزير الدفاع إسرائيل كاتس من أن الرد سيكون "سبعة أضعاف".
وقال وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده إن إيران سترد على أي هجوم عليها، ونقلت وكالة أنباء "مهر" الإخبارية التابعة للدولة عنه قوله: "إذا تعرضنا لهجوم أو فُرضت علينا حرب، فسنرد بقوة".
وقال ناصر زاده للتلفزيون الإيراني، وفقًا لمهر: "سنهاجم مصالحهم وقواعدهم، ولن نتردد ولن نرى أي حدود في هذا الصدد، لسنا أعداءً للدول المجاورة لنا، وهم إخواننا، لكن القواعد الأمريكية على أراضيهم ستكون أهدافًا لنا".
ويُمثل الحادث خرقًا أمنيًا كبيرًا في أحد أكثر المواقع تحصينًا في إسرائيل، ومن المرجح أن يثير تساؤلات حول قدرة إسرائيل على اعتراض مثل هذه الهجمات على الرغم من نظام دفاعها الصاروخي الذي تتباهى به.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن تحقيقًا أوليًا لم يُسفر عن أي عطل في أي أنظمة أو إجراءات، بل عن "مشكلة فنية" في الصاروخ الاعتراضي نفسه، الذي أُطلق باتجاه الصاروخ الحوثي، كما توقفت القطارات من وإلى المطار، وطلبت الشرطة من الجمهور الامتناع عن الوصول إلى المنطقة.
وأظهرت صور من موقع الحادث حطامًا ناتجًا عن سقوط الصاروخ على أرض المطار، مُنتشرًا على الطريق المؤدي إلى المحطة الرئيسية.
ويُظهر مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، على ما يبدو، أثر سقوط الصاروخ على المطار وسحابة من الدخان الأسود تتصاعد من موقع الضربة.
وصرح متحدث باسم مجموعة لوفتهانزا لشبكة CNN أن شركات الطيران الألمانية، مثل الخطوط الجوية السويسرية، والخطوط الجوية النمساوية، وخطوط بروكسل الجوية، ويورو وينجز، علقت رحلاتها من وإلى تل أبيب حتى بعد الثلاثاء.
"عليكم أخذ هذا التهديد على محمل الجد"
وقال أمير بار شالوم، محلل الشؤون العسكرية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن "الصاروخ أظهر دقة هائلة وقدرة على اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية".
وأضاف لشبكة CNN: "لقد كانت دقيقة للغاية، ولكي تكون دقيقًا للغاية عند الإطلاق من مسافة 2000 كيلومتر، فهذا أمر مثير للإعجاب، وعلينا أن نأخذ هذا التهديد على محمل الجد، علينا أن نتحقق مما إذا كان هذا خطأنا أم أن لدينا نوعًا جديدًا من التهديد هنا".
وأضاف أن "إيران تطور صواريخ بعيدة المدى قادرة على المناورة لتجنب الدفاعات الجوية، على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه التكنولوجيا المتقدمة قد نُقلت إلى الحوثيين".
وذكر أن الجيش الإسرائيلي "سوف يقوم بتحليل كافة جوانب محاولات الاعتراض الفاشلة، بما في ذلك متى اكتشفت أجهزة الاستشعار المقذوف القادم، وأي الأنظمة حددته، ومدى قرب الاشتباك".
وقال: "هناك العديد من العوامل التي قد تكون ذات صلة بالنتيجة والتي يجب تحليلها".
وأشادت حركة "حماس" الفلسطينية بالهجوم، واصفةً اليمن بأنه "توأم فلسطين، إذ يواصل تحدي أشد قوى الظلم وحشية، رافضًا الاستسلام أو الهزيمة رغم العدوان الذي يواجهه".
ويمثل هجوم الأحد اليوم الثالث على التوالي لإطلاق الصواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل، وفقًا للجيش الإسرائيلي.
ويزعم الحوثيون أن صواريخهم الأسرع من الصوت مزودة بتقنية التخفي، ويبلغ مداها 2150 كيلومترًا (1335 ميلًا)، وقدرة عالية على المناورة، ويمكن أن تصل سرعتها إلى 16 ماخ.
منذ بدء حرب إسرائيل مع "حماس" في غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرضت البلاد لنيران صواريخ وقذائف من "حزب الله" في لبنان والحوثيين في اليمن، الذين يزعمون أنهم يضربون إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين.
واعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية جميع المقذوفات تقريبًا، لكن في ديسمبر/كانون الأول، أصاب صاروخ حوثي تل أبيب، العاصمة التجارية لإسرائيل، بعد فشل اعتراضه، مما أدى إلى إصابة أكثر من 12 شخصًا.
وأعلن الحوثيون إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي يحمل اسم "فلسطين 2" على هدف عسكري إسرائيلي في منطقة يافا، وفي يوليو/تموز، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجوم قاتل بطائرة مسيرة في تل أبيب، وهو أول هجوم من نوعه على المدينة تنفذه الجماعة.
وشنت إسرائيل عدة ضربات ضد الحوثيين في اليمن، بما في ذلك استهداف محطة كهرباء وموانئ بحرية في يناير/كانون الثاني.
لكن الجيش الأمريكي نفذ ضربات أوسع نطاقًا على أهداف في اليمن في الأسابيع الأخيرة، بهدف إضعاف الجماعة، التي أدت هجماتها على سفن الشحن في البحر الأحمر إلى تعطيل التجارة العالمية بشكل كبير.
وتهدف الحملة أيضًا إلى وقف عمليات الإطلاق التي تستهدف إسرائيل، وكذلك السفن التجارية والبحرية الأمريكية العاملة في الشرق الأوسط.
وفي أوائل الشهر الماضي، اقتربت تكلفة الجهود الأمريكية من مليار دولار في 3 أسابيع فقط، بما في ذلك نشر قاذفات الشبح من طراز B-2 واستخدام ذخائر متطورة بمئات الملايين من الدولارات، لكنها فشلت إلى حد كبير في تعطيل قدرة الحوثيين على إطلاق صواريخ باليستية ضد إسرائيل.
ويعترض نظام الدفاع الصاروخي، الذي تفخر به، عمليات الإطلاق بشكل روتيني، لكن بعضها نجح في اختراقه.