اخبار اليمن

المهرية نت

سياسة

في صراع لافت.. هل باتت حضرموت محاصرة بطموح المليشيات ومشاريع تفكيك الدولة؟(تقرير خاص)

في صراع لافت.. هل باتت حضرموت محاصرة بطموح المليشيات ومشاريع تفكيك الدولة؟(تقرير خاص)

klyoum.com

في تطور يُنذر بتصعيد واسع بمحافظة حضرموت، اتهم حلف قبائل حضرموت قواتِ الدعم الأمني المدعومة إماراتياً بمحاولة اقتحام المحافظة وتهديد أمنها واستقرارها، محمّلاً الجهاتَ التي تقف خلف هذه القوات كاملَ المسؤولية عن أي توترات قد تنجم عن هذه التحركات.

وقال الحلف، في بيان شديد اللهجة، إن وجود قوات غير حضرمية داخل المحافظة يمثل استفزازاً مباشراً للسكان، مؤكداً أن معظم عناصر قوات الدعم الأمني ينتمون إلى محافظات أخرى، ويتصرفون—بحسب البيان—بأساليب توصف بـ"الترهيبية" تجاه المواطنين.

وأشار البيان إلى أن عناصر هذه القوات أطلقوا النار على مدنيين خلال الأيام الماضية، ما أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص واعتقال آخرين، معتبراً أن هذه الممارسات تأتي ضمن سياق محاولات لفرض واقع أمني جديد يخدم أجندات خارجية لا تراعي حساسية الوضع القَبَلي والاجتماعي في حضرموت.

ويرى مراقبون أن هذه الاتهامات تُعيد فتح ملف الصراع على النفوذ في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية أهمية، في ظل تصاعد التنافس بين القوى المدعومة من أبوظبي والرياض على إدارة الملف الأمني في الشرق اليمني، وما يخلّفه ذلك من احتقان قبلي وشعبي يتزايد يوماً بعد آخر.

مليشيات خارج القانون

فيما تتصاعد وتيرة التوتر الأمني في حضرموت، حذّر الباحث مشير فرحان من خطورة التحركات الأخيرة التي تنفذها قوات مدعومة من الإمارات داخل المحافظة، واصفاً إياها بأنها "مليشيات خارج القانون" تعمل وفق أجندات لا تمتّ للمؤسسات الرسمية بصلة.

وقال فرحان في تصريح لـ"المهرية نت" إن ما يجري هو "أمر بالغ الخطورة"، لأن هذه التشكيلات – بحسب قوله – قوات غير قانونية وغير دستورية، ذات طابع مناطقي، وتضم في صفوفها عناصر خارجية من المرتزقة القادمين من ليبيا والسودان تابعين للإمارات.

وأوضح أن ما يردده البعض حول كون هذه القوات من خارج حضرموت ليس دقيقاً بالكامل، فهي – وفق تعبيره – تشكيلات مناطقية من الضالع ولحج تتلقى أوامرها مباشرة من أبوظبي، وتتحرك لتحقيق "أجندات تخريبية" داخل حضرموت.

وأشار الباحث إلى أن نسبة أبناء حضرموت داخل هذه القوات لا تتجاوز 10%، لافتاً إلى أنها تُدار من عمليات خاصة لا تتبع المنطقة العسكرية الثانية ولا ترتبط بالنخبة الحضرمية، في حين تسعى قيادة المنطقة العسكرية الثانية إلى "التغطية" على هذه القوات عبر الادعاء بأنها كانت تتبع لها.

وتساءل فرحان عن هوية القيادات المعلنة لهذه التشكيلات، قائلاً:"الشخص الذي ظهر مؤخراً باسم أبو علي الحضرمي، مَن عيّنه؟ وأين القرار الرسمي بإنشاء قوات تسمى الدعم الأمني؟"، في إشارة إلى غياب الإطار القانوني والشرعي لوجود هذه القوات.

وربط الباحث هذه التحركات بسلوكيات قال إنها "ليست غريبة" على قيادة المنطقة العسكرية الثانية برئاسة اللواء طالب بارجاش، الذي اتهمه بـ"نسج مؤامرات" مع جهات من خارج حضرموت ضد قيادات المنطقة، والسعي إلى شق النخبة الحضرمية وإدخال قوات غير حضرمية إلى مفاصل الأمن.

ووفق الباحث، فإن ما لا يقل عن ست جهات داخل المنطقة العسكرية الثانية وجّهت اتهامات مباشرة لبارجاش بمحاولة خلق انقسام داخل النخبة الحضرمية.

وكشف الباحث أن القوات المدعومة إماراتياً نفذت خلال الأيام الماضية انتشاراً واسعاً في مناطق البادية، تخلله – بحسب قوله – اعتداءات على رعاة الأغنام ومربي النحل، واعتقال أكثر من 12 شخصاً، إضافةً إلى اعتداءات جسدية و"ممارسات وحشية" تشبه ما كانت تقوم به قوات حماية الشركات بقيادة أحمد الضراب، والتي تسببت سابقاً في اندلاع الهبة الحضرمية وتأسيس حلف قبائل حضرموت.

واختتم الباحث حديثه بتحذير شديد، قائلاً:"ما يجري يستدعي المواجهة قبل أن تتحول حضرموت إلى فاشر جديدة أو سودان جديدة يغلب عليها القتل والانفلات"، في إشارة إلى أنّ استمرار هذه التحركات قد يدفع المحافظة نحو مستوى خطير من الفوضى والصدام الأهلي.

صراع مصنَّع ومُدار خارجياً

في سياق تصاعد التوتر في حضرموت، يربط الأكاديمي والكاتب سُهيل صهيب المشهد المحلي هناك بعمق الصراع الإقليمي وأدواته، مؤكداً أن ما يجري اليوم ليس حدثاً معزولاً، بل حلقة ضمن إستراتيجية أوسع للتحالف السعودي الإماراتي تهدف إلى إدارة الانقسامات وإدامة حالة عدم الاستقرار في اليمن.

وقال صهيب في تصريحه لـ"المهرية نت" إن محافظة حضرموت تتمتع بـ"وزن سياسي واقتصادي وحضور مؤثر في ديناميكيات الشأن المحلي"، كما تتميز بترابط اجتماعي جعلها أقل عرضة لدورات العنف التي اجتاحت محافظات يمنية أخرى قبل الوحدة وبعدها. هذا الاستقرار النسبي—بحسبه—خلق حساسية خاصة لدى التحالف السعودي الإماراتي تجاه المحافظة.

وأوضح أن حضرموت، بمواقفها المؤيدة للوحدة الوطنية والدولة الشرعية، ورفضها هيمنة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، تشكل حالة استثنائية لا تنسجم مع التوجهات التي يسعى التحالف لفرضها، وهو ما يفسر—وفق قوله—"الجهود المستمرة لتفكيك نسيجها الداخلي وإعادة تشكيله وفق أولويات خارجية".

وأضاف صهيب أن التوترات الأخيرة في حضرموت لا يمكن فصلها عن السياق الأشمل للحرب في اليمن، إذ بات واضحاً أن تغذية الانقسامات أصبحت سياسة معتمدة تهدف إلى منع ظهور قوة سياسية أو مجتمعية متماسكة قادرة على تبني مشروع وطني مستقل، أو الالتفاف حول النظام الجمهوري والدولة المركزية، أو العمل خارج إطار النفوذ الإقليمي المفروض.

وأشار إلى أن ما يحدث في حضرموت يتجاوز كونه انعكاساً طبيعياً للتنافس السعودي الإماراتي على النفوذ، ليصل إلى مستوى "تصنيع الصراع" وتوجيهه كأداة لإخضاع المحافظة وإبقاء اليمن ساحة هشّة لا تمتلك القدرة على بناء مشروع وطني جامع.

واختتم بالقول:"ما يجري هو تطبيق مباشر لإستراتيجية تقوم على تفكيك الدول عبر تصدير الخلافات المفتعلة، بحيث تبقى خيوط اللعبة الحقيقية بيد القوى الخارجية، فيما تظل المحافظات اليمنية رهينة أزمات تُدار ولا تُحل."

وتُظهر التطورات المتسارعة في حضرموت—وفق ما يراه مرافقون—أن المحافظة تقف أمام محاولات ممنهجة لجرّها إلى صراع مصنَّع، عبر نشر قوات خارج القانون وتغذية الانقسامات بما يخدم أجندات إقليمية تسعى لإعادة تشكيل نفوذها في الشرق اليمني.

وبين التحذيرات من الفوضى، والاتهامات بتغييب المؤسسات الشرعية، تبدو حضرموت اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى موقف موحّد يقيها الانزلاق نحو الفوضى ويحافظ على خصوصيتها واستقرارها التاريخي.

*المصدر: المهرية نت | almahriah.net
اخبار اليمن على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com