وول ستريت جورنال: إسرائيل تتعامل مع وقف إطلاق النار في غزة ولبنان بأنه مواصلة حرب أخرى
klyoum.com
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده عمر عبد الباقي وسمر سعيد وعنات بيليد، قالوا فيه إن اتفاقيات وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، تبدو مثل الحروب في الأماكن الأخرى. فلم تتوقف إسرائيل عن ضرب لبنان وغزة رغم اتفاقيات الهدنة. وجاء في التقرير أن استمرار الغارات والحرب على الجبهتين، يؤشر للمنطقة الرمادية التي تتوقف فيها حرب استمرت لمدة عامين ولكنها لم تؤد إلى سلام مستدام.
ففي هجوم دموي يوم الأربعاء على جنوب غزة، قالت إسرائيل إنها ضربت أهدافا لحماس، وردّت على إطلاق النار من مسلحي الحركة على قواتها. وقبل يوم شنت غارة دموية على مخيم فلسطيني في لبنان، وما زعمت أنه مخيم للتدريب. ونفت حماس أنها أطلقت النيران على الجيش الإسرائيلي في غزة، وأن ما زعم أنه مخيم تدريب في لبنان، ليس إلا مكانا مزدحما بالمدنيين.
ورغم الدموية في الهجمات وعشرات القتلى، إلا أن أيا من الطرفين لم يعلن موت وقف إطلاق النار، وبدلا من ذلك، تتعثر الهدنة مع تزايد التوتر الذي أدى إلى هجمات تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وكانت إسرائيل تأمل بالضغط على الحركتين في غزة ولبنان لتسليم أسلحتهما بعد حرب مكلفة أضعفت كليهما، واحتفظت بحرية الرد لو رفضتا فعل هذا. لكن الحركتين تعيدان بناء نفسيهما عسكريا واستعادة سلطتيهما.
وفرضت حماس سلطتها مباشرة بعد وقف إطلاق النار، حيث خرج مسلحوها إلى الشوارع الشهر الماضي لاستعادة السيطرة على القطاع. وفي لبنان، يزعم مسؤولون إسرائيليون ومخابرات عربية أن حزب الله يقوم بإعادة بناء ترسانته وصفوفه المنهكة.
وعبّرت إسرائيل عن إحباطها من عدم نزع سلاح الحزب، وهددت بتصعيد الهجمات. وقبل عام وافقت إسرائيل مع لبنان لوقف حرب استمرت شهرين ضد حزب الله، حيث نص الاتفاق على وقف إسرائيل غاراتها وانسحابها من جنوب لبنان، مقابل تفكيك بنية حزب الله في الجنوب ونزع سلاحه في النهاية. وعملت الحكومة اللبنانية وبدعم من المخابرات الإسرائيلية لتفكيك معظم وجود حزب الله في الجنوب، لكن الجهود توقفت مع التحرك نحو عملية نزع سلاح حزب الله بالكامل.
وفي غزة نصت خطة الرئيس دونالد ترامب على نهاية القتال مقابل تسليم الأسرى المتبقين لدى حماس مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين وزيادة كميات المساعدات الإنسانية وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خط معين وإنشاء قوة استقرار دولية لتوفير الأمن وحماية الإدارة الجديدة التي ستتولى الحكم بعد حماس.
ويقول محللون إن الطرفين يجدان منفعة في وضع منتصف الطريق هذا. أي احتفاظ إسرائيل بالقدرة على الهجوم متى شاءت، وتأجيل حزب الله وحماس مسألة نزع السلاح، وتمكن الولايات المتحدة من الترويج للصفقات التي ساعدت في التوسط فيها، وتأجيل الحكومات العربية للوقت الذي تحتاج فيه إلى الالتزام بالقوات أو الأموال واحتمالية الدخول في صراع مع الجماعات المسلحة.
ونقلت الصحيفة عن رندا سليم، الزميلة في معهد السياسة الخارجية بجامعة جونز هوبكنز والخبيرة في حل النزاعات: “إسرائيل تحصل على أفضل ما في الحالين.. لقد أوقفت القوة النارية لخصومها من خلال وقف إطلاق النار هذا، لكنها في الوقت نفسه حافظت على قدرتها على الهجوم وملاحقة خصومها في أي وقت تشاء”.
وقال زعيم حزب الله، نعيم قاسم، إن الجماعة تسعى إلى تجنب حرب أخرى مع إسرائيل وتجنبت الردود العسكرية على الضربات الإسرائيلية على لبنان منذ الهدنة. واحتفظت إسرائيل بوجود عسكري في عدد قليل من المواقع الاستراتيجية في جنوب لبنان، فيما تحلق طائراتها المسيرة بشكل متكرر فوق بيروت، وقد ضربت لبنان أكثر من 1,000 مرة منذ وقف إطلاق النار عام 2024. كما بدأت بناء جدار يتعدى على الأراضي اللبنانية، وفقا لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل).
وفي غزة، انسحبت القوات الإسرائيلية من قلب القطاع، وتسيطر الآن على ما يزيد قليلا عن نصف الأراضي الواقعة خلف ما يسمى بالخط الأصفر الذي يفصل بين الطرفين. واستمر القتال مع ضربات إسرائيلية متفرقة وهجمات شنها مسلحون فلسطينيون ضد القوات الإسرائيلية، ولكنه كان أقل تواترا تحت ضغط شديد من الولايات المتحدة. وقد أنشأت القيادة المركزية الأمريكية مركز تنسيق مدني عسكري يشرف على جزء كبير من إيصال المساعدات إلى غزة وينسق النشاط العسكري مع إسرائيل.
وقال عوفر غوترمان، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، عن رد إسرائيل على إطلاق النار المزعوم على قواتها: “كان الانتقام أمس هائلا للغاية مقارنة بالحدث”، وأضاف غوترمان أنه بما أن إسرائيل لا تتمتع بحرية كاملة في العمل كما هو الحال في لبنان، فإنها تستغل الفرص المتاحة لها لتوجيه ضربة قوية. أدت الضربات في غزة إلى ارتفاع عدد القتلى، حيث قتل حوالي 280 فلسطينيا وجرح المئات منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية.
وقد ازدادت شعبية حماس في غزة، حيث تتولى قواتها الأمنية التعامل مع المجرمين. وبينما لا يرغب العديد من سكان غزة في رؤية الجماعة تستعيد قوتها، فقد رحبوا بانخفاض معدلات الجريمة والنهب. وقد قالت حماس أكثر من مرة إنها لن تنزع سلاحها دون انسحاب القوات الإسرائيلية ومسار واضح لدولة فلسطينية.
ويقول وسطاء عرب إن الجماعة المسلحة أبلغتهم أنه إذا تم استيفاء هذه الشروط، فإنها ستوافق على تفكيك أسلحتها الثقيلة وتخزينها داخل غزة تحت إشراف مصر والسلطة الفلسطينية. وأبلغت حماس الوسطاء أنه ينبغي أن يكون أفرادها قادرين على الاحتفاظ بالأسلحة الصغيرة.