اخبار اليمن

المشهد اليمني

سياسة

شكرا ليالي الجحملية

شكرا ليالي الجحملية

klyoum.com

ألا واغادية تسقي صبر بالأمزان** من يشتري دمعي بسوق الأحزان.

أسمع هذه الأهزوجة في بداية مسلسل ليالي الجحملية وأشعر بالحنين للقرية وعجائز البلاد، للعاملات في حقول الذرة وراعيات الجبال البعيدة، نساء الريف بسحنتهن السمراء وأصواتهن العذبة والخجولة.

شكرا ليالي الجحملية.

لقد استيقظ الطفل بداخلي الليلة، أشتاق أمي، سمن بقرتها، فطائر الدخن الساخنة والصباحات العائلية الدافئة.

الآن وقد هدأ الضجيج قليلًا؛ يمكننا القول: أن مسلسل ليالي الجحملية، هو أفضل عمل درامي لهذا العام، من بين كل الإنتاج الموجود.. منذ أول حلقة شعرت أنه المسلسل الأقرب لروحي وروح اليمني بشكل عام..من قبل أن تتضح القصة جيدًا، وجدت فكرته تتحدث إليّ ويحكي واقعًا مألوفًا بالنسبة لي.. وجدانيا أجد ذاتي تنتمي تلقائيًا لتلك الأجواء المبثوثة في المسلسل، ولا أظن عاطفة اليمني متنافرة.

بالطبع، المسلسل ليس مثاليًا في مستواه؛ لكنه يتضمن قدرا معتبرا من الدراما والتوتر، وكل حلقة تشدك لمتابعة ما بعدها.

ما هي الدراما..؟

إنها الحياة الواقعية بذاتها، فكرة العيش، حياتي وحياتك بكل صراعاتها، هي المنبع الأول للدراما، تلك المشاكل والقصص الصغيرة التي يسردها المسلسل وتسمعها في مجتمعك هي جوهر الدراما، وحين ينجح عمل في تجسيد هذا الصراع، بأي مستوى كان، يكتسب صفته الدرامية والفنية، وهذا ما أرى أن ليالي الجحملية أنجزه، بصرف النظر عن أي ملاحظات في البناء الفني بمجملة.

أظنه الأضخم تكلفة أيضًا، على أن التكلفة هنا ليست معيارًا للجودة دومًا؛ لكنها عنصرًا يستحق التثمين، ويعكس استعدادًا لدى المنتِج لتمويل أعمالًا مكلِّفة كهذه.

لو لم أعلم أن المسلسل أُنتج في الأردن؛ لظننته في تعز، أدهشني الإعداد الفني للمكان، لكأنه قطعة من أحياء تعز انتقلت إلى هناك، مبدئيًا وقبل كل شيء، هذا جهد كبير وجدير بالاحتفاء.

ذكرتني أجواء مسلسل ليالي الجحملية، بالأحياء الدمشيقية، في مسلسل: ربيع قرطبة، أتحدث عن التفاصيل الصغيرة، رائحة المكان، الدفء المشع من ثنايا سوق الجحملية وما يثيره من حنين بداخلك لكل أسواق اليمن الشعبية.

جوهر المسلسل يمثل تجسيدًا لحياة اليمني كما نعرفها جميعًا، طوال حلقات المسلسل وذاكرتي تستعيد ملامح ترسخت داخلي منذ الطفولة، هذا هو اليمني الذي أعرفه.

روح المكان يشبهني وأشبهه، طبيعة العلاقات المجتمعية أفهمها، الأعراف المتوارثة، الطيبة والبساطة، الدسائس الصغيرة، العشق المقموع، التدين العفوي، وروح الطرب المتجذرة في شخصية اليمني.

موجة النقد الذي تعرضت له المسلسلات اليمنية بداية الشهر، ولدّت حواجز نفسية لدى المشاهد وصادرت حقه في التلقي الطبيعي للأعمال، دونما موقف مسبق. ومع كون النقد يظل تفاعلًا حيويًا يكشف تصاعد الذائقة ويحفز القائمين على الإنتاج لتطوير أداءهم؛ غير أن المبالغة في تبخيس كل الأعمال، ينشئ حواجز بين الجمهور اليمني والدراما المحلية، ويخفض درجة التشابك بينهما.

محاكمة الدراما اليمنية بمعايير عالية، تعبير عن تطلع جميل؛ لكن في أخر المطاف، لا يمكن للدراما أن تصعد بهبوط معجزة من السماء؛ بل انطلاقًا من هذا المتوفر معنا، من وسط هذه المحاولات والتراكمات المستمرة بكل توترها، يمكن أن يتخلق لنا منتج يقترب من الصورة المثلى للدراما كما يطمح إليها الجميع.

أي عمل يثير جدلًا، هو عمل حيوي ولا بد أن يتضمن قيمة جوهرية.. وأي مسلسل تحضر فيه سالي حمادة، لا بد أن يثير جلبة ثرية وممتعة

وا رب كما الفقي شخرب.. أجمل لازمة لفظية لهذا العام

*المصدر: المشهد اليمني | almashhad-alyemeni.com
اخبار اليمن على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2024 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com