واشنطن بوست: هدف نتنياهو من احتلال غزة هو إضعاف حماس وقتل الحداد ودعم ميليشيات محلية
klyoum.com
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده جيري شيه، وليور سوروكا، وبريان بيرلمان قالوا فيه إنه في الأيام التي سبقت اجتماعا محوريا لمجلس الوزراء الأمني الأسبوع الماضي، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنتقدوه في المؤسسة الأمنية عن “نقطة قرار وشيكة”، وهي منعطف حاسم ستقرر فيه إسرائيل إما إعادة احتلال قطاع غزة أو البقاء على المسار الحالي.
وفي النهاية، لم يكن القرار، الذي كان في الواقع حلا وسطا، أيا منهما.
وبموجب الخطة التي أُعلن عنها يوم الجمعة، ووصفها مسؤولون إسرائيليون، حاليون وسابقون ومستشارون حكوميون، فإن الجيش الإسرائيلي، الذي يسيطر حاليا على ثلاثة أرباع غزة، سيغزو مدينة غزة، آخر مركز حضري لا يخضع للسيطرة الإسرائيلية، وسيستولي على 10% إضافية من أراضي القطاع، ويدفع سكان غزة بالكامل إلى الـ 15% المتبقية من الأرض.
وفي حين أن الخطة المتفق عليها أكثر خطورة وربما أكثر دموية من الخيار الذي دعا إليه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الفريق إيال زامير وغيره من كبار الضباط، والذي تضمن تطويق مدينة غزة وشن ضربات من محيطها، فإنها ستتوقف عند احتلال غزة بأكملها وهو الخيار الذي يفضله نتنياهو وحلفاؤه السياسيون.
ويقول هؤلاء الأشخاص إن العملية التدريجية ستشمل أقل من نصف الفرق الخمس اللازمة للاحتلال الكامل لغزة. وسيبدأ الغزو البري ببطء، فقط بعد إجلاء حوالي مليون من السكان، الذين نزح الكثير منهم عدة مرات، بحلول أيلول/ سبتمبر، على الرغم من وجود أماكن قليلة، إن وجدت، يمكنهم الذهاب إليها.
وكان القرار تراجعا لنتنياهو بعد أقل من 12 ساعة من تصريحه لقناة “فوكس نيوز” يوم الخميس بأنه ينوي السيطرة على كامل قطاع غزة، الذي احتلته إسرائيل من عام 1967 إلى عام 2005. وبينما أثار القرار استياء حلفائه من اليمين المتطرف، فقد سلط الضوء على القوة الدائمة لقيادة الجيش الإسرائيلي في التصدي للقادة المدنيين، بمن فيهم نتنياهو، الذي خدم لفترة أطول ودخل في خلافات مع جنرالاته أكثر من أي رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل.
ونقلت عن نمرود نوفيك، الذي عمل مستشارا لرئيس الوزراء شمعون بيريز وزميلا في منتدى السياسة الإسرائيلية، وهو مركز أبحاث مقره نيويورك: “لو قررت الحكومة فرض احتلال كامل لقطاع غزة على زامير، لكانت هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يتجاهل فيها المستوى السياسي التقدير العسكري المهني للمؤسسة الأمنية عندما يكون بالإجماع”. وأضاف نوفيك أن المؤسسة الأمنية “دفعت رئيس الوزراء إلى تقليص نطاق الخطة بشكل كبير”.
ومع ذلك، ذكرت هذه الحادثة بالصراع الداخلي غير العادي الذي عصف بصناعة القرار الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، وبالاعتقاد السائد بين العديد من كبار الضباط بأن الجيش لا يستطيع تحقيق أي أهداف استراتيجية أخرى.
وبعد 22 شهرا، لا يزال 20 إسرائيليا على قيد الحياة في غزة، بينما أسفرت الحملة العسكرية عن مقتل أكثر من 61,000 فلسطيني، وفاقم حصار المساعدات الذي بدأ في آذار/ مارس من أزمة إنسانية خانقة أصلا، بما في ذلك انتشار الجوع على نطاق واسع.
خلال الأسبوع الماضي، وصفت تسريبات شبه يومية في الصحافة الإسرائيلية نتنياهو ووزراءه وهم يضغطون على زامير للسيطرة على القطاع بأكمله، وزامير وهو ينتقد الحكومة بشدة بشأن المخاطر التي قد تشكلها على الجنود الإسرائيليين أو مخاطر إدارة الجيش لغزة.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، طالب وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير، زامير بالتعهد بالامتثال لأوامر الحكومة، بينما اتهم نجل نتنياهو، يائير نتنياهو، قائد الجيش بمحاولة “انقلاب عسكري يليق بجمهورية موز في أمريكا الوسطى في السبعينيات”.
على الجانب الآخر، اجتمع أكثر من اثني عشر ضابطا متقاعدا من الجيش الإسرائيلي وأجهزة المخابرات والشرطة قبل أيام من اجتماع مجلس الوزراء الحاسم لتسجيل فيديو يحثون فيه نتنياهو على إنهاء الحرب. وقبل ساعات من اجتماع مجلس الوزراء، نشر الجيش مقتطفات من خطاب داخلي لزامير أعلن فيه أن “ثقافة النقاش جزء لا يتجزأ من تاريخ الشعب اليهودي” وأن الجيش الإسرائيلي “سيواصل التعبير عن موقفه دون خوف”.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة يوم الجمعة الساعة 8:40 صباحا بالتوقيت المحلي، عشرات المركبات التابعة للجيش الإسرائيلي متوقفة عند معبر كارني الحدودي، الواقع على بعد أميال قليلة جنوب شرق مدينة غزة. وبدأ المعبر يشهد نشاطا للمركبات في أوائل تموز/ يوليو، وفقا لتحليل صحيفة “واشنطن بوست” لرادار الأقمار الصناعية والصور البصرية.
في وقت متأخر من يوم الأحد، بدأت إسرائيل قصف مدينة غزة بـ”أحزمة نارية”، وفقا لمقطع فيديو ونص نشره مراسل الجزيرة أنس الشريف على مواقع التواصل الاجتماعي. وبعد أقل من ساعة، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الشريف نفسه استهدف وقتل بصاروخ – وهو واحد من بين 178 صحافيا فلسطينيا على الأقل قتلوا على يد إسرائيل في غزة، وفقا للجنة حماية الصحافيين.
وقال مستشار لنتنياهو، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لوصف المداولات الداخلية، إن غزو مدينة غزة ضروري لأنه سيضعف قبضة حماس على السكان بشكل أكبر. وأضاف المستشار أن هذه الخطوة ستسمح لإسرائيل باستهداف عز الدين الحداد، آخر القياديين البارزين في حماس على قيد الحياة. وعلى المدى المتوسط، ستمكن إسرائيل من دعم زعماء عشائر جدد على غرار ياسر أبو شباب، الرجل القوي المثير للجدل الذي يقول محللون إسرائيليون وفلسطينيون إنه سُلّح من قبل إسرائيل ونهب المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع.
وقال المستشار إن نتنياهو اختار زامير قبل ستة أشهر لقيادة الجيش، معتقدا أنه سينتهج نهجا أكثر عدوانية تجاه غزة. بدا لفترة أنه يسير في الاتجاه الصحيح. لكن للأسف، كان جديدا، والجنرالات من حوله هم أنفسهم، وتمكنوا من إقناعه بأن “هذا غير قانوني، هذا خطير”.
في إسرائيل، تعد الصدامات بين القادة المدنيين والعسكريين، بل وحتى مباريات الصراخ العنيفة، أمرا شائعا. غالبا ما ينتصر القادة العسكريون.
قبل حرب عام 1967، حث الجنرالات الشباب رئيس الوزراء ليفي إشكول على شن هجوم استباقي على جيران إسرائيل العرب، وهي حادثة وصفها بعض المؤرخين بـ”انقلاب الجنرال”. قبل أكثر من عقد من الزمان، نجح رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي في مقاومة طلب نتنياهو بضرب البرنامج النووي الإيراني.
قال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن ما يختلف الآن هو القلق المتزايد لدى بعض الضباط من أن الحرب الطويلة قد تلحق ضررا طويل الأمد بمكانة إسرائيل الدولية.
وأضاف المسؤول السابق أن كبار مسؤولي الدفاع شعروا بالقلق الأسبوع الماضي عندما أعلنت ألمانيا، الحليف الوثيق، أنها ستوقف صادرات المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في غزة لأن ذلك سيشمل المحركات المستخدمة في دبابات ميركافا والمركبات المدرعة الإسرائيلية. وتوقعوا أن الجيش، قدر الإمكان، قد يقاوم أوامر الحكومة المتطرفة.