صحيفة بريطانية : أطراف يمنية خسرت رهانها على الجهد العسكري الأميركي ليضعف الحوثيين ويمهد لهزيمتهم
klyoum.com
أخر اخبار اليمن:
رئيس تحرير الأمناء : هنا تتجلى عظمة عدنأطفأت التهدئة المفاجئة بين الولايات المتحدة الأميركية والحوثيين جذوة حماس أطراف يمنية محسوبة ضمن معسكر السلطة اليمنية المعترف بها دوليا كانت قد توقّعت وجود فرصة للحسم العسكري ضدّ الجماعة وإسقاط سلطتها الموازية وإنهاء سيطرتها على مناطق شاسعة من البلاد من ضمنها العاصمة صنعاء.
وأذكت حماسَ تلك الأطراف توقعاتها بأن تُلحق حملة القصف المكثفة التي كان الجيش الأميركي قد بدأها في منتصف مارس الماضي على مناطق الحوثيين وآلتهم الحربية والمنشآت والبنى الحيوية التي يستخدمونها لأغراض عسكرية وأخرى مدنية، أضرارا جسيمة بهم، وأن تضعف قدراتهم وترخي قبضتهم على مناطق سيطرتهم ما يهيئ المجال لانتزاعها من أيديهم بقوّة السلاح.
ولم يتمكّن الحوثيون فقط من الصمود في وجه القصف العنيف الذي تعرّضت له مناطقهم، لكنهم تمكنوا في الأخير من الحصول على تهدئة أنهت تلك الحملة ولعبت سلطنة عمان دورا في التوصّل إليها وأعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بصفة مفاجئة ودون مقدّمات لحسابات سياسية واقتصادية تتعلق ببلاده، بعد أن بدت إدارته مهتمّة أكثر من أي وقت مضى بإرساء تهدئة شاملة في المنطقة التي جعلت منها المدار الأساسي لشراكات اقتصادية ضخمة مع بلدانها تنطوي على مصالح أكبر بكثير من مجرّد ضرب الحوثيين وإسقاط سلطتهم.
وأتاح هذا التطوّر النوعي للجماعة ذات الارتباطات الواسعة بإيران الظهورَ في موقع قوّة إزاء السلطة الشرعية اليمنية، وادّعاء النصر في مواجهتها ضدّ القوّة العالمية الأولى ومواصلة الترويج لثباتها في مناصرة الفلسطينيين وقضيتهم ذات البعد الوجداني لدى شعوب المنطقة ورأيها العام.
وكان من ضمن المكاسب المسكوت عنها التي تأتت للحوثيين من التهدئة مع الولايات المتحدة أنّ الجماعة حصلت على اعتراف ضمني بكونها طرفا موجودا في المشهد بحكم الأمر الواقع وجهة تُجرى معها المفاوضات وتعقد الصفقات.
وعلى الطرف المقابل لم تخرج الشرعية اليمنية بمختلف مكوناتها بمكسب يُذكر، لا من الحملة العسكرية الأميركية على الحوثيين ولا من التهدئة التي توقّفت الحملة بموجبها.
ورغم الأصوات المرتفعة من داخل معسكر الشرعية بضرورة انتهاج الحلّ العسكري ضدّ الجماعة، إلاّ أن الخيار الرسمي المعلن من قبل السلطة المعترف بها دوليا والممثلة بأعلى هيئة فيها، مجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي، هو خيار السلام مع الحوثيين وذلك تأثرا بموقف أكبر دولة داعمة للشرعية اليمنية المملكة العربية السعودية التي أظهرت خلال السنوات الأخيرة إصرارا استثنائيا على التوصّل إلى حل سياسي للصراع اليمني وبذلت جهودا كبيرة لتحقيق ذلك بالتعاون مع الأمم المتّحدة وبمساعدة فاعلة من سلطة عمان.
ومع ذلك لا تلوح في الوقت الراهن أي علامات على إمكانية استئناف جهود السلام وإعادة تنشيط المسار السلمي المتوقّف عمليا، حيث لا يوجد على الأرض ما من شأنه أن يجبر الحوثيين على السير فيه والاستجابة لمقتضياته، إلاّ إذا دفعتهم حليفتهم إيران إلى ذلك دفعا في إطار ما يمكن أن تعقده من صفقات واتفاقات تهدئة مع الجهات الإقليمية والدولية، لاسيما الولايات المتحدة التي تخوض في الوقت الحالي مفاوضات مع طهران بشأن ملفها النووي.
وخلا حديث مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال إفادته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي من أي حديث عن إعادة تنشيط جهود السلام التي انخرطت فيها المنظمة خلال الفترة الماضية إلى جانب السعودية مع الاستعانة بجهود الوساطة العمانية، كما خلا من الإشارة إلى خارطة الطريق التي عمل عليها المبعوث مطوّلا وكانت على وشك الانطلاق في التنفيذ، وانصرف الحديث في مقابل ذلك نحو التحذير من التصعيد الجاري بين الحوثيين وإسرائيل، حيث عبّر غروندبرغ عن قلقه من ذلك التصعيد الذي وصفه بالخطير.
وقال غروندبرغ في اجتماع مجلس الأمن “كشفت أحداث الأسابيع الأخيرة بوضوح أن اليمن لا يزال عالقا في دوامة التوترات الإقليمية الأكثر اتساعا.” وأوضح أن الهجمات الحوثية على مطار بن غوريون داخل العمق الإسرائيلي وما تلاها من رد الدولة العبرية بضربات على ميناء الحديدة ومطار صنعاء ومواقع أخرى يمثلان تصعيدا خطيرا، مضيفا قوله “للأسف تستمر التهديدات والهجمات.”
وفي الرابع من مايو الجاري طال صاروخ حوثي لأول مرّة محيط المطار الإسرائيلي الدولي القريب من تل أبيب وسقط محدثا أضرارا مادية وإصابات بشرية طفيفة، لكنّه كان كافيا لإحداث الذعر والتسبب باضطراب في حركة الطيران المدني في الأجواء الإسرائيلية.
وفي السادس من الشهر ذاته ردّت إسرائيل على الهجوم الذي استهدف مطارها الرئيسي بضربات جوية على مطار صنعاء بالإضافة إلى ثلاث محطات كهرباء في البلد الفقير الذي يشهد حربا مدمّرة منذ سنوات. ودعا الجيش الإسرائيلي الأربعاء إلى إخلاء ثلاثة موانئ يسيطر عليها الحوثيون بعد إعلان اعتراض صاروخ من اليمن.
ورحب المبعوث الأممي باتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين الحوثيين والولايات المتحدة ووصفه بأنه “فرصة مرحب بها ينبغي البناء عليها بشكل جماعي لإعادة تركيز الجهود نحو حل للنزاع في اليمن وتعزيز عملية سلام يقودها اليمنيون.”
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023، نفذ الحوثيون في خطوة أدرجوها في إطار إسنادهم الحركة الفلسطينية، العشرات من الهجمات الصاروخية ضدّ الدولة العبرية وضدّ سفن في البحر الأحمر يقولون إنها على ارتباط بها.
وأبرمت الولايات المتحدة بوساطة عُمانية اتفاقا لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، وضع حدا لضربات أميركية استمرت أسابيع ردا على هجمات شنّتها الجماعة على سفن في البحر الأحمر.
ولا تقتصر حالة الضبابية وعدم اليقين على الوضعين السياسي والعسكري في اليمن بل تطال أيضا الوضع الإنساني ومصير المدنيين المتضررين بشدّة من حالة اللاسلم واللاحرب في البلد. وأعرب توم فليتشر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة عن قلقه إزاء الوضع الإنساني اليمني المتدهور حيث يعاني نصف عدد أطفال البلاد البالغ حوالي 2.3 مليون من سوء التغذية.
وأكد أن مع انخفاض المساهمات من الدول المانحة، وخاصة الولايات المتحدة، “بتنا نفتقر إلى الوقت والموارد.” وقال إن في ظل هذه الظروف، اضطرت برامج التغذية التي عالجت 350 ألف طفل وأم إلى الإغلاق بالفعل في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وسيتعين على 400 مركز صحي، بما في ذلك 64 مستشفى، وقف عملياتها “مما يؤثر على سبعة ملايين شخص.”