اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
يرى خبراء ومحللون في تصعيد 'الحوثيين' المصرفي الخطير، مبررا قويا للحكومة اليمنية لاستعادة زمام المبادرة النقدية وتفعيل أدوات الردع الاقتصادي في مواجهة الميليشيا.
والأسبوع الماضي، أعلن فرع البنك المركزي اليمني بصنعاء الواقع تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين، عن عملة معدنية مسكوكة من فئة 50 ريالا، وطرحها للتداول، ثم أتبعها بعد يومين بورقة نقدية جديدة من فئة 200 ريال، زاعما أنها مخصصة لـ'إنهاء مشكلة الأوراق النقدية التالفة'.
وفيما وصف المبعوث الأممي إلى اليمن، هانز غروندبرغ إجراء مركزي صنعاء بالقرار الأحادي الذي يخرق التفاهمات الاقتصادية، قوبلت الخطوة بإدانة ورفض من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، باعتبارها غير صادرة عن 'السلطة النقدية اليمنية المعترف بها' ممثلة بالبنك المركزي اليمني في عدن.
واقع مغاير
ويرى الخبير الاقتصادي، وحيد الفودعي، أن ما أقدم عليه 'الحوثيون'، يتجاوز فكرة استبدال أوراق تالفة، بل يعكس توجّها صريحا ومنظّما نحو فرض واقع نقدي مغاير، يعمّق الانقسام، ويهدد ما تبقى من النظام المالي.
وقال إن المحاولة المكشوفة لإصدار وطباعة عملات بلا قيمة قانونية، يهدف إلى تقويض السيادة المالية اليمنية، واعتداء صارخ على صلاحيات ووظائف البنك المركزي اليمني في عدن، الجهة الشرعية الوحيدة المخوّلة بإدارة وسكّ وطبع وإصدار وسحب وإتلاف النقود.
وذكر الفودعي في حديثه لـ'إرم نيوز'، أن ميليشيا الحوثي لن تتوانى في المستقبل عن طباعة كميات غير منضبطة من النقود، تخضع بالكامل لسياستها الخاصة وموجهة لخدمة مصالحها الاقتصادية والعسكرية، 'وهذا وحده كفيل بتدمير ما تبقى من الاقتصاد اليمني'.
وبيّن أن اليمن اليوم في مواجهة واحدة من أخطر محاولات العبث بالسيادة الاقتصادية، ما يستدعي مسؤولية جماعية، وأن تبدأها الحكومة الشرعية بالتحرك الفوري والحازم، ويتكامل ذلك مع رفض البنوك وشركات الصرافة التعامل بهذه العملات، 'وإلا فإن الكلفة ستكون باهظة'.
خيارات متاحة
من جهته، اعتبر البنك المركزي اليمني المعترف به دوليا، خطوة ميليشيا الحوثيين 'غير القانونية، فعلا خطيرا يُطيح بالاتفاقات التي أعلن عنها المبعوث الأممي منتصف العام الماضي تحت رعاية إقليمية ودولية'.
ويعتقد المحلل الاقتصادي، ماجد الداعري، أن البنك المركزي اليمني ما زال يمتلك الكثير من الخيارات وأوراق الردع الاقتصادية ضد ميليشيا الحوثي، وليس مجرد الضغط عليها لإيقاف تصعيدها الأخير، 'لكن هذه الخيارات تصطدم بالضغوط الأممية والحسابات الإقليمية'.
وأشار الداعري، في حديثه لـ'إرم نيوز'، إلى أن المركزي اليمني اتخذ أقوى قراراته العام الماضي لسحب تراخيص البنوك المتواجدة مراكزها الرئيسية بصنعاء والتي لم تستجب لمطالباته بالانتقال إلى عدن، وإيقاف نظام 'سويفت' عنها، غير أن الضغوط جمدتها وقادت إلى اتفاق 'خفض التصعيد الاقتصادي' برعاية أممية.
وأكد الداعري أن سكّ 'الحوثيين' وطباعتهم عملات ورقية نقدية جديدة، انقلاب وتنصّل من الاتفاقات السابقة التي تنص على عدم اتخاذ إي إجراءات اقتصادية أحادية، وبالتالي فإن بإمكان المركزي اليمني إعادة تفعيل قراراته السابقة وإيقاف نظام تحويل الأموال العالمي، إلى جانب الغاء العملة القديمة المتداولة في مناطق الميليشيا بشكل تام.
وبحسبه، فإن هذه الإجراءات ستعزل مناطق ميليشيا الحوثيين وتوقف الحوالات المالية منها وإليها 'ما يحول دون تمكّنهم من الوصول إلى العملات الأجنبية، وبالتالي عجزهم عن الاستيراد والتمويل، في ظل استمرار الحصار الأمريكي وتواصل العقوبات على الموانئ الواقعة تحت سيطرتهم'.
وأضاف أن التصنيف الأمريكي لميليشيا الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية والعقوبات المفروضة، تمنح الحكومة اليمنية والبنك المركزي 'أوراق ضغط كثيرة وصلاحيات للمناورة واستعادة زمام الأمور المتعلقة بالملف الاقتصادي الذي يعدّ أساسا لأي تسوية سياسية لأزمة البلد'.
ورقة مهمة
بدوره، يشير الباحث في الشؤون الاقتصادية، وفيق صالح، إلى أن تصعيد ميليشيا الحوثيين الأخير 'رفع الحرج بشكل كامل عن الحكومة الشرعية في اتخاذ أي خطوات من شأنها تمكين البنك المركزي من إدارة السياسة النقدية والسيطرة على الأنشطة المالية والمصرفية في عموم البلاد'.
وقال صالح لـ'إرم نيوز'، إن ذلك لن يتحقق إلا من خلال 'قرارات جريئة'، في مقدمتها إعادة تفعيل إجراءات المركزي اليمني التي تراجع عنها في يوليو/ تموز من العام الماضي، بفعل تدخلات أممية، والمرتبطة بإلغاء الطبعة القديمة للعملة الوطنية التي لا تزال مستخدمة في مناطق الحوثيين.
وتابع صالح، أن البنك المركزي اليمني في عدن 'يمتلك ورقة قوة مهمة، تتمثل في الاعتراف الدولي به، وهو ما يدفع المؤسسات المالية الدولية الكبرى نحو التعامل معه حصرا'.
وأردف، أن هذا الاعتراف يجعل القطاع المصرفي ملزما بتنفيذ تعليمات مركزي عدن، لضمان استمرار خدماته الخارجية وتحويلاته المالية، وهو ما يمنح البنك المركزي قدرة كبيرة على فرض الرقابة وتحجيم نفوذ ميليشيا الحوثيين على النشاط المالي والاقتصادي.