تقرير : كيف تحولت الحياة التربوية بمديرية المظفر بتعز إلى منفذ آمن للفساد التعليمي؟

الهجرة الجماعية للمعلمين.. خطر يهدد الأجيال اليمنية بتعز

أحد نواب التربية: الانتساب للتوجيه موقوف رسمياً منذ 2012 وأي قرارات تصدر فهي غير قانونية

كشفت معلومات عن عدد من القرارات الخاصة الخاطئة مورست بحق تربية المظفر بتعز اليمنية في العهد البائد كان أبطالها مدراء عموم المظفر السابق والأسبق منه والأسبق منهما.

واستعرضت المعلومات وبالأرقام وجود 15 نائبا لمدير التربية، 130 مستشارا، و90 موجها، و120 مسؤول متابعة، وعدد مهول من المختصين الذين لا حاجة لهم في إدارة التربية لـ 92 مدرسة أهلية، و32 مدرسة حكومية تعمل بنظام الفترتين، و27 مدرسة من مدارس التحفيظ.

وأكدت المعلومات أن 'مجمل تلك القرارات جاءت معظمها بالشراء المباشر، وبعضها بصفقات سياسية دارت في كواليس السلطة المحلية بالمديرية وبإيعاز من المكتب المسؤول مما جعل نزوح التخصصات المطلوبة أثراً سلبياً على التعليم ويظهر ذلك نقصًا بالتخصصات العلمية المطلوبة التي تعاني منه مدارس المديرية، وبالمقابل تحولت القرارات المركزية الخاصة بالتوجيه إلى صفقة لمن يدفع ومن يبادل وبالتالي تحولت الحياة التربوية بالمظفر برمتها إلى منفذٍ آمنٍ للفساد التعليمي.

وأكدت شهادات تربوية أن 'ظاهرة النقل والقرارات غير القانونية فتحت نافذة واسعة لمعلمي مدارس المديرية لترك التعليم بالمدارس والبحث عن قرارات فاسدة مخالفة للشروط والمعايير القانونية في شغل الوظائف القيادية في تربية المظفر، كنوع من الهروب من أداء الرسالة الوطنية'.

ويقول أحد وكلاء مدارس مديرية المظفر الحكومية الكبرى، رفض الكشف عن اسمه، إن 'ثلاثة من مدرسي مدرسته انتقلوا خلال عام واحد إلى التوجيه بينهم اثنان يحملون مؤهل بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، والرياضيات، وعوضاً عنهم تم الاستعانة بمدرسين من ذوي التخصصات الدنيا لتغطية العجز'، مؤكدا أنه لم يتم إخلاء طرفهم من قبل المدرسة.

وكشف الوكيل أن هناك اثنين آخرين من المدرسين يستعدون لمغادرة المدرسة إلى التوجيه، والمتابعة خلال العام القادم بحصولهم على خطوط سير بطرق غير شرعية وبسعر 100 ألف ريال لكل خط سير.

وبلهجة التفاوض قال إنهم: 'أخبروه بقولهم (على شانك سنكمل هذا العام أما العام القادم فسنغادر المدرسة)'.

وناشد الوكيل باسم إدارة المدرسة وأهالي المنطقة مدير عام المديرية بوقف عملية نقل المدرسين وإلغاء التكاليف التي بحوزتهم.

فيما قال وكيل مدرسة آخر بأنهم تفاجؤوا بالقرارات التي أحالت معلمي من ذوي الاختصاصات المهمة في المدرسة إلى التوجيه والأنشطة دون علم من الإدارة'، موضحا أنها مختومة من قبل مكتب التربية والتعليم بالمحافظة وحمله مسئولية العبث بالتعليم ما أدى إلى وجود عجز كبير بالمعلمين داخل المدرسة وأصبح عدد الموجهين ومسؤولي الأنشطة المختلفة أكثر بكثير من عدد المعلمين.

أما أحد معلمي المدرسة فقال إن له 27 عاماً يعمل معلما ولم يفكر بالانتقال إلى التوجيه لأنه أصبح بحاجة إلى أن يكون لديك مائتي ألف ريال مقابل الحصول على تكليف بذلك'.

وأشار إلى أن اثنين من مدرسي مادة الرياضيات خرجوا من المدرسة خلال الأعوام السابقة مما أدى إلى نقص بالكادر التدريسي لذلك تم الاستعانة بخريجين من الجامعة لتدريس الطلاب الذي قال بأن مستواهم التعليمي متدنٍ جداً.

من جانبه يشير أحد نواب تربية المظفر الخمسة عشر إلى أن 'معظم المعلمين في المظفر بشكل عام فقدوا الرضى المهني ما جعلهم يحاولون البحث عن مكان ووضع آخر نتيجة الحرب، والعوامل البيئية والاقتصادية والاجتماعية المؤثرة عليهم'.

وحذر أنه: 'في حال استمرار الهجرة الجماعية للمعلمين من مستقبل خطر للأجيال القادمة'.

واردف: 'عندما نزور مختلف المدارس نجد المعلم يشكو وهو ما ينعكس سلباً على الطالب ولا بد من أن نعي أن مهنة التعليم مهنة إنسانية سامية تتطلب أداءها بضمير حي'.

واعتبر أن الالتحاق بالتوجيه أو أحد أقسام تربية المظفر بهذا الشكل هو هروب وتسرب من واجب وطني.

وقال بأن إرسال معلم لتخصص نادر إلى التوجيه الفني والأنشطة المختلفة كارثة بحق الطالب وبدون أن يكون له نتائج إيجابية.

وأشار إلى أن الانتساب للتوجيه موقوف رسمياً منذ عام 2012م ومن يدعون انتسابهم للتوجيه ويحصلون على أي قرارات تكليف من أي جهة حتى وإن كانت وزارية من بعد 2012 اعتبرها قرارات غير قانونية حسب قرار مجلس الوزراء 527 الذي ينص على أن منتسبي التوجيه لا يعتبرون منتسبين رسميين إلا إذا كان القرار موقعاً من محافظ المحافظة ووزير التربية والتعليم وبالتالي المسوغات الرسمية تصدرها إدارة التوجيه الكيان المعني بهذه القرارات وهذا لم يحصل منذ ذلك العام إلا لبعض الأشخاص الذين دخلوا ضمن المحاصصة الحزبية والمعالجة الاستثنائية.

ونوه بأن 'الأفراد الذين حصلوا على قرارات فردية خلال سنوات الحرب من مكتب التربية بالمحافظة بصورة غير شرعية تدخل في حكم القرارات الملغية'.

ورأى بأن المعلمين أصبحوا عرضة للابتزاز من قبل أناس لا يهتمون بمستقبل البلد وما يهمهم هو الحصول على قرارات للهروب من الميدان التعليمي إلى أماكن معظمها قد تكون استشارية أو فنية.

وذكر بأنه على مدراء المدارس الذين يشكون من إخلاءات طرف للمعلمين بأن يرفعوا بشكاوتهم إلى مدير عام المديرية عبر النظم والمعلومات وعندما تحال إليهم ببلاغ رسمي سيقومون بدورهم في عمل نزول ميداني ومعرفة أسباب ذلك.

وعندما سألته 'الأمناء' ما إذا كان هناك جدية في استعادة هؤلاء المعلمين وهل تم مناقشة هذا الموضوع مع مكتب التربية والتعليم بالمحافظة والنزول إلى المدارس لمعرفة النقص والعجز فيها كان رده بأنه تم عقد عدة اجتماعات ناقشت تلك القرارات من قبل مدير مكتب التربية إلا أنها لم تخرج بنتيجة كونهم يتعاملون مع قرارات وصفها بالمزورة ومسئولية ذلك تتحملها إدارة التربية بالمديرية ومكتب التربية بالمحافظة كونهم يتحملون الإشراف على المدارس مباشرة إضافة إلى عدم وجود ميزانية مخصصة من قبل الحكومة لمتابعة ذلك.

بدوره أتهم عضو مجلس محلي بتعز مدراء عموم مديرية المظفر (السابق والاسبق والاسبق منه) بتسهيل عملية التحاق معظم المعلمين إلى التوجيه والمتابعة وتحديداً المتعلق بالأنشطة دون أن يكون لهم أي علاقة بها.

وأشار إلى أن مدارس المديرية لا تحتاج إلى هذا الكم الهائل من الموجهين، والمستشارين، ومختصي الأنشطة المختلفة وهو ما وصفه بكارثة بحق التعليم داخل المديرية'.

وقال بأن عملية نقل معلمي المواد العلمية بالذات هي عملية هروب من أداء المهنة التعليمية يرافقها دفع مبالغ مالية للحصول على قرارات النقل تلك.

بدورة قال مدير مديرية المظفر، رئيس المجلس المحلي الشيخ احمد علي جامل: 'اثناء لقاءه الشهر المنصرم بفريق تشاوري تعز لمناقشة هموم التربية والتعليم نحن بصدد إحداث إصلاحات في مجالات تغطية العجز الحاصل بالميدان من القوي الفائضة الموجودة في المكتب'، مؤكدا بأنه: 'سيتم في القريب العاجل إعادة توزيع من ثبت عدم أحقيتهم البقاء في إدارة التربية إلى العمل بالمدارس لتغطية العجز الحاصل فيها، وان عملية إعادة توزيع الكادر التربوي ستتم وفق معلومات دقيقة وان على قيادة مكتب تربية بالمحافظة أن تعي أن دورها إشرافي ورقابي فقط'، مثمنا الاهتمام الذي يوليه محافظ تعز اليمنية نبيل شمسان وفريق مشاورات تعز للعملية التعليمية بعموم مديريات المحافظة المحررة.

واختتم جامل حديثه بالقول: 'نحن بحاجة إلى الوقوف على كافة المخرجات للتعرف على مجمل الاختلالات بغية معرفتها من اجل إحداث الإصلاح والتغيير الذي ننشده'.