اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
في تقرير هام نشرته مجلة “دير شبيغل” كشفت المجلة الألمانية عن تصاعد خطير في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين ضد المجتمعات المسيحية في الضفة الغربية، وسط اتهامات بتواطؤ السلطات الإسرائيلية. وتم تسليط الضوء على هجمات منهجية تهدف إلى طرد المسيحيين من أراضيهم، مع توثيق قصص إنسانية مؤلمة تبرز حجم الأزمة التي تهدد الوجود المسيحي في الأراضي المحتلة.
وفقا لشبيغل، يواجه المسيحيون في الضفة الغربية، موجة عنف غير مسبوقة منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023. المستوطنون المتطرفون، بدعم ضمني من الجيش الإسرائيلي، يشنون هجمات تشمل إحراق الأراضي الزراعية، تدمير الممتلكات، ومهاجمة المنازل. في حادثة مروعة، قُتل شابان في قرية سنجل، أحدهما مواطن أمريكي يبلغ 20 عاما، على يد مستوطنين. وثقت الأمم المتحدة أكثر من 700 اعتداء في النصف الأول من 2025، مما يعكس تصاعدا خطيرا في العنف.
وسجلت المجلة الألمانية شهادات مؤلمة من السكان: مزارع زيتون يقول إنه لم يعد قادرا على الوصول إلى 70% من أرضه بسبب تهديدات المستوطنين، ومربي دواجن اضطر لتعليق عمله بسبب مضايقات مستمرة. هذه الهجمات، التي شملت نصب لافتات تهديد تحمل عبارات مثل “لا مستقبل لكم هنا”، تكشف عن نية واضحة لتهجير المسيحيين.
رجال الدين يواجهون العنف
في قرية الطيبة، تجمع سبعة من قادة الطوائف المسيحية، بمن فيهم البطريرك الأرثوذكسي ثيوفيلوس الثالث والبطريرك الكاثوليكي بيرباتيستا بيزابالا، لإدانة هذه الانتهاكات. بيزابالا، الذي يحظى بثقل دولي، وصف الوضع بـ”الكارثي”، مؤكدًا أن “القانون الوحيد هنا هو القوة”. وأضاف بحسرة: “كضحايا، لا نجد جهة نلجأ إليها”. ثيوفيلوس الثالث طالب بمحاسبة المستوطنين، لكنه عبر عن تشاؤمه إزاء استجابة حكومة بنيامين نتنياهو، التي يتهمها رجال الدين بالتغاضي عن العنف.
في الوقت ذاته، رضخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الجمعة لضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونشر بيانًا بالإنكليزية يعبر فيه عن “أسفه العميق” لقصف كنيسة العائلة المقدسة في غزة يوم الخميس، الذي أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 9، بينهم كاهن. جاء البيان بعد اتصال هاتفي من ترامب أعرب فيه عن استيائه، مطالبا بتوضيح رسمي يعترف بأن القصف كان “خطأ”. الجيش الإسرائيلي زعم أن شظايا قذيفة أصابت الكنيسة “عن طريق الخطأ”، بينما وصل وفد كنسي رفيع بقيادة بيزابالا وثيوفيلوس الثالث إلى غزة للتضامن ولمطالبة بوقف إطلاق نار فوري.
وتأتي هذه التطورات مع استمرار إسرائيل في قصف ثلاث كنائس رئيسية في غزة منذ أكتوبر 2023، ضمن حرب خلّفت أكثر من 198,000 ضحية، مما يعزز الغضب الدولي ويضع إسرائيل تحت مجهر الانتقادات.
وشهدت الضفة حضور وفود دبلوماسية من أكثر من 20 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة وروسيا، لدعم المسيحيين. لكن هذا التضامن لم يترجم إلى إجراءات ملموسة من السلطات الإسرائيلية، التي تواجه اتهامات بالتواطؤ مع المستوطنين. ونقلت “دير شبيغل” عن منظمات حقوقية تأكيدها أن هذه الهجمات جزء من استراتيجية تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في الضفة الغربية.
وبحسب شبيغل، فإن سياسيين إسرائيليين متطرفين، مثل بتسلئيل سموتريتش، لهم دور بارز في ما يحصل حيث يشرف سموتريتش على تعزيز التوسع الاستيطاني داخل الضفة. كما أنه تحت إشرافه، أقيمت بؤر استيطانية جديدة، وتم تسليح المستوطنين، مما زاد من حدة العنف. وأكدت منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية الحقوقية أن النظام الأمني في الضفة يخدم مصالح المستوطنين، مما يكرس سياسة “الإفلات من العقاب” التي تتيح استمرار الاعتداءات.
وكان المستشار الألماني فريدريش ميرتس، زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قد انتقد بشدة تصرفات إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية خلال المؤتمر الصحافي الصيفي أمس الجمعة. ووصف الأوضاع في غزة بأنها “غير مقبولة”، مشددا على ضرورة وقف إطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية شاملة لسكان المنطقة. وأكد ميرتس أن ألمانيا تقف إلى جانب إسرائيل كدولة ديمقراطية، لكنه رفض فكرة “الدعم غير المشروط”، مشيرا إلى أن المساعدات الألمانية مشروطة بتحسين الأوضاع الإنسانية. وقال: “نرى معاناة الشعب الفلسطيني ونسعى لتقديم كل الدعم الإنساني الممكن”. وأضاف أن ألمانيا على استعداد لتقديم المزيد من المساعدات لغزة، لكن ذلك يتطلب تعاون الحكومة الإسرائيلية. كما انتقد ميرتس سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، مؤكدا أنها “لا تحظى بموافقة الحكومة الألمانية”. وأشار إلى أن برلين تتواصل بانتظام من أجل إيجاد حل لهذا الأمر.