اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ٧ كانون الأول ٢٠٢٥
ازدادت الأسئلة، وتعالى اللغط، وخرجت علينا أقلامٌ مدنية لا تفرّق بين المخزن و المعسكر، تحاول أن تصوّر بعض الأسلحة التي اغتنمها الانتقالي في حضرموت باعتبارها ترسانة استراتيجية ضخمة… وهذا كلام فارغ لا يمت للواقع العسكري بصلة ،قراءة مشوشة للواقع ومحاولة تشويه متعمدة ، وبعضها طرحت اسئلة مفخفخة اغلبها يحمل سوء نية واضح ، وكلها تتجاهل حقائق الجغرافيا، وهيكلة القوات، وطبيعة المهام الميدانية.
قبل أن تتحدثوا عن تسليح المنطقة العسكرية الأولى، افهموا أولاً حجمها ومسؤولياتها.
ولأن الرد يجب أن يكون علميًا وعمليًا، فهذا تفسير واضح للواقع كما هو، دون تضخيم أو تهويل ، فدعونا نضع الأمور في سياقها العسكري الحقيقي:
▪️تبلغ مساحة محافظتي حضرموت والمهرة مجتمعتين نحو ٢٦٩،٣٢٩ كم² (حضرموت ١٩٣،٠٣٢ + المهرة ٦٧،٢٩٧)
▪️قطاع المنطقة العسكرية الأولى من هذه المساحة هو ١١٨٠٠٠ كم² فقط، بينما بقية المساحة تتبع المنطقة العسكرية الثانية.
▪️هذه الـ ١١٨٠٠٠ كم² تشكل واحدة من أوسع المناطق العسكرية في اليمن، وأشدها تعقيدًا، وأكثرها امتدادًا.
▪️المنطقة العسكرية الأولى كانت تمثل العمق الاستراتيجي للدولة اليمنية، والاحتياطي العام للجيش اليمني.
▪️كانت المخازن الموجودة فيها تُعامل بوصفها احتياطيًا استراتيجيًا يُستخدم عند الحاجة القصوى، لا قوة للاشتباك أو العمليات الهجومية.
▪️ولذلك فإن ما ظهر من أسلحة لا يعادل ٥_١٠ % من الاحتياج الحقيقي للمنطقة، ولا يمثل سوى تسليح بسيط جدًا مقارنة بحجم مهامها ومساحتها.
▪️تتكون المنطقة العسكرية الأولى من 7 ألوية فقط:
١.لواء واحد بالكامل كان مسؤولًا عن تغطية 700–800 كم من الحدود الدولية مع المملكة العربية السعودية.
٢.هذا الانتشار للواء واحد على حدود بهذا الطول غير موجود في أي عقيدة عسكرية في العالم.
٣.أما الألوية الستة المتبقية، فكانت منتشرة على مسرح عمليات واسع بين الوادي والصحراء، في مناطق مفتوحة يصعب السيطرة عليها بترتيبات قتالية تقليدية.
▪️طبيعة الجغرافيا الصحراوية في المنطقة العسكرية الأولى ، تُصعّب الدفاع وتضاعف التكاليف العسكرية، لأنها تعتمد على الانتشار الأفقي لا الرأسي، وعلى التحرك السريع لمسافات كبيرة في بيئة مفتوحة، وهو أصعب نمط عملياتي في العلوم العسكرية الحديثة وتفرض رقابة عميقة لا سدودًا كثيفة:
١.الرقابة العميقة: انتشار استطلاعي خفيف ومتحرك يغطي مساحات واسعة، مع نقاط مراقبة متباعدة.
٢.السدود الكثيفة: خطوط عسكرية متراصة بأسلحة ثقيلة وموانع هندسية، وتستخدم عادة في الجبال أو المدن.
▪️وبما أن الأرض مفتوحة وصحراوية، فإن السدود الكثيفة مستحيلة وغير ذات جدوى، وبالتالي فإن الادعاء بوجود ترسانة ضخمة هو ادعاء يتعارض مع طبيعة المهام المطلوبة أصلاً.
▪️الأسلحة الثقيلة، وعلى رأسها الدبابات، موجودة في مأرب، لكن التحدي هناك ليس توفر الدبابات بقدر ما هو نقص الذخائر المتخصصة لبعض الأنواع او خروج بعضها عن الجاهزية مع مشاكل تقنية في صيانتها واعادة جاهزيتها، وهي مسألة فنية يعرفها المختصون جيدًا.
▪️إن تصوير تلك الأسلحة وكأنها قوة استراتيجية هو مبالغة كبيرة تهدف لتشويه تاريخ المنطقة العسكرية الأولى، التي كانت أكثر المناطق مواجهة للإرهاب، وقدمت عشرات الشهداء في حرب طويلة مع تنظيم القاعدة.
▪️المنطقة العسكرية الأولى لم تكن جيشًا مهاجمًا، بل منطقة رقابة واستنزاف تعمل بقدرات محدودة جدًا، وضمن ظروف صعبة، وعلى أرض مفتوحة شاسعة.
▪️الخلاصة العسكرية الدقيقة:
١.المنطقة العسكرية الأولى كانت تقوم بمهام أكبر من إمكانياتها، وعلى مساحة تفوق قدرة 7 ألوية، وبخاصة مع تخصيص لواء واحد لحماية 800 كم حدود.
٢.التسليح كان بسيطًا، متواضعًا، محدود الاستخدام، ولا يرقى إلى مستوى الترسانات التي يروج لها البعض.
٣.والمنطقة بحكم موقعها ومساحتها كانت تمثل احتياطي الجيش اليمني الاستراتيجي، لا قاعدة هجومية ولا قوة قتال رئيسية.
٤.ومن يقرأ الجغرافيا والمهام والقدرات معًا، يدرك أن حملات التشويه ليست سوى خطاب سياسي لا علاقة له بالعسكرية أو الواقع العملياتي.
وبما ان المنطقة العسكرية الأولى قد تم تفتيتها ، فسنرى كيف وبأي امكانيات بشرية وعدة وعتاد سيتم تغطيتها بالقوى الجديدة ؟













































