الإمارات تعيد تعريف العمل المنزلي.. من خدمة فردية إلى مسار منظم

طه العاني - الخليج أونلاين

ما الهدف الأساسي من تحويل العمل المنزلي لمسار رسمي؟

ضمان دخل ثابت، وحماية اجتماعية للأسر المنتجة.

كم بلغ عدد الأسر المنتجة في 2024؟

وصل إلى 3307 أسر، بزيادة 4.5% عن 2023.

مع صعود الاقتصاد الإبداعي وتزايد الطلب على المنتجات الحرفية واليدوية، بدأت الحكومات تبحث عن سبل لإدماج هذه الطاقات في الدورة الاقتصادية بشكل مستدام.

وفي هذا السياق، تبرز تجربة الإمارات التي اختارت أن تمنح العمل المنزلي صفة مهنية كاملة، لتضعه في إطار مؤسسي يوفر دخلاً ثابتاً، وحماية تأمينية، ومساراً وظيفياً واضحاً.

كما أن هذه خطوة لا تنحصر في تمكين الأسر المنتجة فحسب، بل تمتد لتشمل بناء قطاع إبداعي أكثر تنافسية، قادر على المساهمة في الناتج المحلي وتعزيز الهوية الثقافية.

وظيفة رسمية

وأعلن الاتحاد النسائي العام في الإمارات (27 سبتمبر 2025) عن إطلاق أول وظيفة رسمية في العالم مخصصة للأسر المنتجة، خلال معرض 'مسار الإبداع للتوظيف والتدريب' في نسخته الثانية بمدينة العين، ضمن إطار رؤية 'أم الإمارات 50:50' الممتدة حتى عام 2075.

وتمنح هذه المبادرة الأسر المنتجة صفة 'الموظف الرسمي' مع راتب شهري ثابت، إضافة إلى نسبة من صافي العوائد الناتجة عن بيع المنتجات للحرف والصناعات التراثية، مع تسجيل الموظفات في صندوق معاشات أبوظبي لضمان الحماية الاجتماعية والاستقرار المستقبلي.

في المقابل تلزم آلية العمل الموظفات بإنتاج وتسليم عدد محدد من المنتجات أسبوعياً وفق معايير متفق عليها، من دون الحاجة لساعات عمل يومية أو الحضور لمقر العمل، ما يوفر مرونة كاملة تراعي خصوصية العمل الأسري والإبداعي.

وأكدت الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام، نورة السويدي، في تصريح لوكالة الأنباء الإماراتية،أن 'المبادرة تمثل نقلة نوعية عالمية تعكس ثقة القيادة الإماراتية بقدرات المرأة، وتفتح أمام الأسر أبواب المساهمة المباشرة في الاقتصاد الوطني بصورة مستدامة'.

من جانبها شددت رئيسة الشؤون الاستراتيجية والتنموية بالاتحاد النسائي العام، المهندسة غالية علي المناعي، على أن إدخال العمل المنزلي في مسار رسمي يتكامل مع السياسات الاقتصادية للدولة، ويمنح الأسر ضمانات مهنية كاملة، كما أن الحصول على نسبة من العوائد يعزز الحافزية ويعزز جودة الإنتاج.

كما أشارت إلى أن 'هذه الخطوة تضمن استدامة الحرف التراثية وتعزيز تنافسيتها في الأسواق المحلية والخارجية'.

ويمثل 'مسار الإبداع للتوظيف والتدريب' منصة وطنية داعمة لهذا التوجه، إذ يربط بين الباحثين عن عمل في التخصصات الثقافية والإبداعية وفرص التوظيف أو التدريب في القطاع الخاص، بالتعاون مع مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية 'نافس'.

وبذلك، تتجاوز المبادرة البعد الاجتماعي للأسرة المنتجة لتصبح جزءاً من استراتيجية وطنية أوسع، تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الإبداعي وتنويع مصادر النمو.

تزايد الأسر المنتجة

وتعكس البيانات الرسمية الصادرة عن 'المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء'، في 4 سبتمبر 2025، صورة شاملة عن واقع الأسر المنتجة في الإمارات، من حيث انتشارها الجغرافي، وتنوع أنشطتها الاقتصادية، إضافة إلى الخصائص الديمغرافية والاجتماعية للعاملين فيها.

فقد ارتفع عدد الأسر المنتجة إلى 3307 أسر في عام 2024، بزيادة سنوية نسبتها 4.5% (141 أسرة جديدة)، مقارنة بعام 2023 الذي سجل 3166 أسرة.

وتوزعت هذه الأسر المنتجة على مختلف الإمارات على الشكل التالي:

وعلى مستوى الأنشطة، برزت تجارة الملابس والإكسسوارات في المقدمة، وهو مؤشر على قوة السوق الاستهلاكية ومرونتها في استيعاب الإنتاج المحلي.

وفي المقابل، حافظ القطاع الغذائي على مكانته كخيار ثابت للأسر، في حين أضافت العطور ومستحضرات التجميل بعداً ابتكارياً يعكس ارتباط هذه المشاريع بالذوق الخليجي.

أما القطاعات الأقل وزناً مثل الأثاث أو الخدمات العامة، فرغم محدوديتها العددية فهي تكشف عن مجالات ما زالت تحمل فرصاً للنمو المستقبلي.

وعلى مستوى البنية الديمغرافية، برزت سيطرة الفئة العمرية فوق 35 عاماً بعدد 2612 أسرة، تلتها الفئة 30-34 عاماً بـ 243 أسرة، ثم الفئة 25-29 عاماً بـ 229 أسرة، فالفئة 20-24 عاماً بـ 151 أسرة.

فرص مستدامة

يؤكد الخبير التقني وصانع المحتوى، المهندس أحمد طه طاهر، أن مبادرة الإمارات بمنح الأسر المنتجة صفة 'موظف رسمي' براتب شهري تمثل خطوة نوعية لتعزيز مكانتها الاقتصادية.

ويوضح لـ'الخليج أونلاين' أن 'هذه المبادرة ستحول العمل المنزلي من نشاط غير رسمي إلى قوة عاملة نظامية، مما يوسع الاقتصاد الإبداعي ويخلق فرص عمل جديدة ومستدامة'، مضيفاً:

- نجاح المبادرة يعتمد على تنظيم السوق، ورفع الثقة عبر القنوات الحكومية، وهذا التنظيم سيزيد من جودة المنتجات المحلية وقابليتها للتعاقد.

- التحدي الأكبر يكمن في توحيد معايير البضاعة وضبط الجودة، ومن ثم يستحسن أن يكون هناك 'ختم قوة الحِرَف التراثية' ليعمل كعلامة للجودة والموثوقية.

- ضبط الأسعار وتوفير سلاسل إمداد وتسليم فعالة أمر ضروري، لضمان القدرة التنافسية للمنتجات المحلية في مواجهة المستورد.

- هذه الخطوة يمكن أن تفتح الباب أمام التصدير الخارجي عبر البعثات التجارية والهدايا الرسمية، خاصة في حال تسهيل إنشاء منصات رقمية خاصة بالمنتجات التراثية.

- دول المنطقة تستطيع الاستفادة من التجربة الإماراتية عبر نقل النموذج المؤسسي كحزمة واحدة، يضم صفة الموظف الرسمي والراتب والتسجيل في المعاشات.

- من المهم تسهيل التراخيص المنزلية البسيطة، ووضع قوانين تحمي البائع والمستهلك لضمان استمرار الثقة والجودة.