«الأرقام المميزة».. بين الاستثمار والرفاهية والقانون

هناك سؤال مطروح، و اختلف في الإجابة عنه حتى خبراء الاقتصاد، هل يمكننا تصنيف اقتناء لوحات الأرقام المميزة كـ«استثمار»؟ هل هذا المجال يعرف إقبالاً بسبب المكاسب المادية السريعة والمستمرة؟ هل يمكن مقارنته بالاستثمار في الذهب والعقار، أو حتى شراء الأسهم والسندات؟ وبناءً على ما قاله تجار هذا المجال، فهم يؤكدون أنه مجال مربح جداً، ولا يحتاج إلى مجهود كبير، ويكفيه القليل من المعرفة والإطلاع، ولكن ما رأي المختصين الاقتصاديين في الأمر؟

استثمار محلي يجني أرباحاً

.related-article-inside-body .col-div .layout-ratio{ padding-bottom: 100%; }

الدكتور نجيب الشامسي، كاتب وباحث وخبير اقتصادي من الإمارات، يؤكد أن كل سلعة يرتفع الطلب عليها في السوق بشكل أو بآخر، يمكن تصنيفها كتجارة وكذلك استثمار، وبما أن نشاط «لوحات الأرقام المميزة» هو محلي صِرف، فيمكن تصنيفه بالاستثمار المحلي، الذي يجني أرباحاً سواء للفرد أو حتى للمؤسسات، التي تتاجر به أو تسهل عمليات البيع والشراء فيه، لذلك لا يمكن سحب وصف التاجر ممن يمتهنون البيع والشراء في هذا السوق.

وأضاف الشامسي، تجارة الأرقام المميزة يمكن اعتبارها صناعة اقتصادية محلية ناجحة، فهناك دول كمثال، تتاجر في الخزفيات واللوحات الفنية أو حتى مصنوعات لها قيمة عالية لا يُقدرها إلا السكان المحليون لتلك البلاد، ويتم بيعها وتداولها محلياً بأسعار مرتفعة وباهظة. ولا يمكننا وصف تلك المبادلات بأي مسمى آخر غير التجارة والاستثمار، حتى وإن كان أحياناً زبائن هذا النوع من البضاعة، هم من المرفهين أو أصحاب هوايات معينة، إلا أنه سوق غني لا يمكن أن نغفله أو حتى عدم الاعتراف به، وطالما يزيد الطلب عليه في السوق، سواء دائماً أو موسمياً فهذا يدل ويؤكد أنها تجارة، وقد يكون فعلاً لها مستقبل مهم.

اقتناء الأرقام.. رفاهية

أما المستشار الاقتصادي نايل الجوابرة، فيفضل وضع «اقتناء لوحات الأرقام المميزة» أو حتى المتاجرة فيها، تحت مسمى «التملُّك»، مثل تملك تحفة أو شيء مميز لفردٍ ما أو مجموعة، يمكنهم الاحتفاظ بها، أو حتى بيعها مع مرور الوقت. ولكن الاستثمار من وجهة نظر الجوابرة محصور في الصناديق الاستثمارية والمؤشرات والأسهم لأنه يعود بمردود مالي واضح.

كما أنه رفض الحكم على الموضوع، إذا كان الخوض فيه يعد تجارة آمنة أو قد تُعرِّض من يقوم بها إلى خطر المُجازفة، وأكّد أنه لا يمكن مقارنته بالذهب أو العقار أو حتى الأسهم والسندات، لأن هذه الأخيرة عن طريقها يمتلك الشخص جزءاً من شركة، وتُحفظ حقوقه فيها بشكل واضح.

وأكّد الجوابرة أن اقتناء الأرقام هو نوع من أنواع الرفاهية ليس إلا، خاصّة أنّ الملكية الأساسية لتلك الأرقام تعود لهيئة الطرق والمواصلات، وإذا تم كمثال تغيير شكل اللوحات أو حتى اعتماد نوع جديد منها كلياً، كلوحات رقمية أو ما شابه ذلك، فقد تفقد اللوحات الموجودة في الوقت الحالي قيمتها، وحتى المبالغ الذي تم دفعها من أجلها.

لا يمكن مقارنته بالذهب والعقار

أما رجل الأعمال خالد الشامسي، كان لديه رأي مختلف في الموضوع، فهو يرى أن تجارة الأرقام المميزة رائجة بكثرة في دولة الإمارات، بدليل المزادات المتعددة والإقبال الكبير عليها، وهذا لا ينفي كونها تجارة وقد تكون مربحة ومدرة للدخل أيضاً، وقد يكسب بعض تجارها مبالغ كبيرة، خاصّة لو كانوا على اطلاع كبير بحيثيات السوق، والأرقام الأكثر طلباً، سواء المرتبطة بالمناسبات الفردية أو الجماعية، أو بعض الأرقام التي تجذب بعض الجنسيات المقيمة في الدولة.

أما موضوع كون تجارة الأرقام تُعد استثماراً أم لا، فهو يرى أن الاستثمار هو أمر مختلف كلياً عن تجارة الأرقام، فتلك اللوحات المميزة لا تمنح عوائد سنوية لملاكها، ولكنها تعتمد فقط على عمليات البيع والشراء، والمزادات.. لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بالاستثمار في العقار أو الذهب. كما أن الأرقام المميزة تجارة محلية صرفة ذات نطاق ضيق من طبقة من الميسورين، وقد لا تجد رواجاً على المدى البعيد، وليس لها أي صيت عالمي يمكن الاستفادة منه.

القانون لا يقبل التراجع عن السداد

وبما أن تجارة الأرقام، متواجدة بشكل كبير في دولة الإمارات، فهُناك أسئلة تطرح نفسها من الشق القانوني، فهل هناك أي تشريعات قانونية خاصّة بهذا المجال؟ وهل تستقبل المحاكم أي قضايا لها علاقة مباشرة بتجارة اللوحات؟ وكيف يتم محاسبة الأشخاص الذين يخوضون بعض المزادات، ويتعسّرون في سداد المبلغ؟

وكانت قد اشتهرت في فترة سابقة، إحدى القضايا إعلامياً باسم 'شراء لوحة سيارة تحمل الرقم (1) بشيك من دون رصيد'، وقد أدانت محكمة جنح أبوظبي المتهم فيها بـعقوبة 3 سنوات سجناً، بعد أن شارك في مزاد لأرقام لوحات السيارات المميزة، وكانت قد نظّمته القيادة العامة لشرطة أبوظبي وشركة «الإمارات للمزادات»، حيث قام المتهم بالمزايدة على الرقم «1»، وعندما رسا المزاد لصالحه، قام بتحرير شيك بقيمة 31 مليون درهم، دون أن يكون لديه رصيد مقابل له.

لا توجد أي قوانين خاصّة تنظم تداول «لوحات السيارات المميزة»

وكانت قد حذرت نيابة أموال أبوظبي من اتباع هذا السلوك الذي يجرمه القانون، مؤكدة أن عقود «الإمارات للمزادات» تنص على عدم انتقال ملكية الموجودات التي يقوم بعمل مزاد عليها إلا بعد سداد كامل قيمتها، وبالتالي لا يمكن للشخص الذي يرسو عليه المزاد أن يبيعه أو يتصرف به بأي من الطرق إلا بعد سداد كامل قيمته، ويعتبر أي تصرف قبل السداد باطلاً وغير قانوني.

ومن جهة أخرى صرّح الخبير القانوني والمحامي حبيب الملا لصحيفة الرؤية، أنه لا توجد أي قوانين خاصّة تنظم تداول «لوحات السيارات المميزة» أو حتى بنود تخص هذا النوع من التجارة بالتحديد، ولكن الأمر يخضع بشكل مباشر للقواعد العامة في البيع والشراء الصادرة عن القانون المدني الاتحادي.

كما أن عملية البيع والشراء تخضع لما تقرره هيئة الطرق والمواصلات، من قواعد وإجراءات قانونية مصرّح بها وموافق عليها من طرف الدّولة، كون أن الأمر ليس عشوائياً ولكنه يخضع لقانون خاص، تقره الهيئة وتطبقه باستمرار.