محمد بن زايد.. قائد مسيرة اقتصاد المستقبل

مصطفى عبد العظيم (دبي)

تتهيأ سفينة اقتصاد دولة الإمارات لمواصلة المضي قدماً بثقة واقتدار نحو المستقبل، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لتبحر نحو مرحلة جديدة من النمو والازدهار والريادة العالمية، مرحلة استشرف سموه مبكراً آفاقها الواعدة، ورسم ملامح ريادتها، عبر بناء نموذج اقتصاد متنوع ومتين ومستدام، لا يعتمد على الموارد التقليدية، ويفتح آفاقاً واعدة تسهم في تعزيز مقومات وقدرات الدولة.

مع تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، مقاليد الحكم، ينطلق اقتصادنا الوطني مواصلاً السير على نهج الانفتاح الذي رسمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي واصل المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، السير نحو آفاق أوسع من الشراكات الاستراتيجية، وحضور أقوى لاقتصاد دولة الإمارات على الساحة الدولة، وترسيخ دورها كمحرك عالمي للنمو في كافة المجالات الاقتصادية.

وشكلت رسالة الخمسين التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بمناسبة اليوم الوطني الخمسين لدولة الإمارات العربية المتحدة واحتفالات اليوبيل الذهبي للدولة، وكلمة سموه في الدورة الثالثة للقمة الحكومية، خريطة استشرافية لرؤية سموه لمستقبل اقتصادنا الوطني وآفاق ازدهاره، كما تجسدت تلك الرؤية واقعاً من خلال متابعة سموه المباشرة للمشاريع التنموية العملاقة وتطوير الصناعات الجديدة التي تعزز من مكتسباتنا الوطنية وتنعكس بالخير والرخاء على الوطن وأبنائه، فضلاً عن رؤيته الحكيمة وتوجيهاته الثاقبة فيما يتعلق باستثمارات الصناديق السيادية لأبوظبي لمصلحة الأجيال المقبلة.

وتأتي مباركة سموه وثيقة «مبادئ الخمسين»، المشروع الأول ضمن «مشاريع الخمسين» التي أعلنتها دولة الإمارات في سبتمبر من العام الماضي، والتي كان جوهرها الاقتصاد، حيث أبرزت ضمن مبادئها أهمية التركيز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، وأن المحرك الرئيس المستقبلي للنمو هو رأس المال البشري، وأن التفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات هو الذي سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية، لتشكل ملمحاً آخر يترجم رؤية سموه للمستقبل، بتأكيد سموه أن المبادئ العشرة لدولة الإمارات خلال الخمسين عاماً القادمة، تشكل مرجعاً لجميع مؤسساتها لتعزيز أركان الاتحاد وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً، وتطوير علاقات إقليمية ودولية لتحقيق مصالح الدولة العليا ودعم أسس السلام والاستقرار في العالم.

الاقتصاد في قلب رسالة الخمسين

وفي رسالة الخمسين، أكد سموه استعداد دولة الإمارات لدخول الخمسين عاماً المقبلة، بروح يملؤها الفخر والثقة بالنفس، وتشق طريقها بثبات نحو المستقبل، وتطلق عنان طموحاتها بلا حدود، وتستمد من إنجازاتها التنموية الكبرى القوة والعزم، وتتخذ من مبادئ الخمسين بوصلة ومرجعية تحدد أولوياتها وتوجه سياساتها على المستويين الداخلي والخارجي.

وأكد سموه في الرسالة التي كانت بمثابة خريطة طريق للمستقبل أن التحديات خلال العقود الخمسة الماضية كانت كبيرة، وقد انتصرنا عليها بالعزيمة والوحدة، لكن تحديات الخمسين عاماً المقبلة أكبر والمنافسة أشد، ما يتطلب منا جميعاً، شعباً وحكومة، جهداً مضاعفاً، واستعداداً واعياً للتعامل مع مستقبل سريع التغير والتحول؛ لأن خيارنا الوحيد دائماً هو الريادة والتميز.

العلم والاستثمار في الإنسان

ووضع سموه في رسالته الشباب في قلب خطط الإمارات للمستقبل، مؤكداً أن دولة الإمارات مقبلة على تعزيز مسيرتها الاقتصادية والتنموية، وأن الطريق إلى ذلك يرتكز على العلم، والاستثمار في الإنسان الإماراتي القادر على الابتكار وخلق المعرفة؛ لذلك دعا سموه أبناء الوطن إلى التفاعل القوي والإيجابي مع مسيرة التقدم العلمي والتكنولوجي والذكاء الاصطناعي؛ لأن هذا هو مستقبل العالم ومستقبل الإمارات.

ويرى سموه أن في العصر القادم، من لم يشارك في إنتاج المعرفة لن يكون له مكان في مضمار التنافس العالمي. إن الدولة القوية المستقرة، هي القادرة على صنع التقدم، ما يؤكد حرص سموه على تسريع وتيرة التحول نحو اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار، وامتلاك أدواته ومرتكزاته ليواصل اقتصاد الإمارات ريادته ويعزز من تنافسيته وجاذبيته.

وفي رسالة أخرى من سموه تعكس نهج مواصلة الانفتاح وبناء الشراكات الإيجابية والتعاون بما يعزز ريادة الإمارات، أكد سموه أن الدول لا تتقدم بمواردها الذاتية فحسب، وإنما بالتعاون والشراكات الإيجابية مع الآخرين، وستظل دولة الإمارات منفتحة على الجميع من أجل خير شعبها وتنميته، مؤكداً ترحيب دولة الإمارات بكل يد تبني وفكر خلاق هدفه سعادة الإنسان والارتقاء.

بناء اقتصاد متنوع

وقبل سبع سنوات وخلال كلمة سموه الرئيسية في القمة الحكومية، أكد سموه أن دولة الإمارات لديها رؤية واستراتيجية شاملة محورها تنمية الموارد البشرية التي نراهن عليها لمواجهة التحديات وضمان مستقبل زاهر لخمسين سنة قادمة، ولمصلحة الأجيال، عبر بناء اقتصاد متنوع ومتين ومستدام لا يعتمد على الموارد التقليدية ويفتح آفاقاً واعدة تساهم في تعزيز مقومات وقدرات الدولة، واعتبر سموه حينها أن الرهان الحقيقي في الفترة القادمة هو الاستثمار في التعليم.

الصناعة

ويحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، منذ سنوات طويلة، على الارتقاء بالصناعة الوطنية، وترسيخ ريادة دولة الإمارات وتجاربها الناجحة في مجال الصناعة، وهو ما يتجسد واقعاً في محفظة استثمارات مبادلة للاستثمار، التي تتضمن العديد من النماذج والأمثلة الناجحة محلياً وعالمياً في قطاع الصناعة، ومنها التجربة الرائدة لمصنع «ستراتا» لإنتاج قطع غيار الطائرات لشركتي بوينج وإيرباص والذي تشغل المرأة الإماراتية النسبة الأكبر من القوة العاملة فيه، ما يعكس حرص سموه على أهمية استثمار وتوظيف كافة طاقات المجتمع سواء من الذكور أو الإناث وتوفير الفرص لهم ودعمهم وتشجيعهم وتمكينهم من أخذ أدوارهم الوطنية ومسؤولياتهم في مواصلة مسيرة التنمية والبناء.

فعاليات اقتصادية: فصل جديد في قصة نجاح الإمارات

أكدت فعاليات اقتصادية، أن انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة من قبل المجلس الأعلى للاتحاد، تدشيناً لمرحلة جديدة من مراحل التطور والتنمية التي تشهدها دولة الإمارات منذ عهد الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي سار على نهجه المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله.

وقال معالي عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس إدارة غرف دبي إن انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، هو تأكيد على الالتزام بتكريس نهج الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، ووفاء لقيم ومبادئ الاتحاد التي قامت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأضاف معاليه: «نتوجه بأصدق التهاني والتبريكات إلى مقام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونعاهده على مواصلة العمل بنفس الهمة والروح العالية لتحقيق أهداف وتطلعات دولتنا خلال الخمسين عاماً المقبلة. ونجدد في هذا اليوم التزامنا التام وحرصنا الدائم على توظيف كافة الطاقات والإمكانات، وأن نكون الجند الأوفياء الذين يعملون بلا كلل لإعلاء اسم ومكانة دولة الإمارات في كافة المجالات».

وأكد معاليه أن الإمارات في أيدٍ أمينة، وطموحات أبنائها اليوم في عهدة قائد فذ قادر على المضي بها قدماً نحو كتابة فصل جديد من قصة نجاحاتها التي لا تعرف حدوداً، ونحو تعزيز حضورها العالمي المتميز، وإرساء أسس التنمية المستدامة فيها بما يتماشى مع المكانة الرائدة التي وصلتها اليوم، وبما يخدم الحرص على تميزها وتفوقها في المستقبل.

آفاق مستقبلية

تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة مقومات استثنائية تعزز من فرص التفاؤل بالمستقبل والولوج إلى حقبة أخرى من الانتعاش الاقتصادي، حيث تُعد دولة الإمارات اليوم مركزاً اقتصادياً هو الأنشط والأكثر تطوراً والأسرع نمواً في المنطقة، وتتمتع بموقع استراتيجي متميز واحتياطات مالية قوية وصناديق ثروة سيادية كبيرة وإنفاق قوي على المشاريع التنموية، واقتصاد متين ومستقر ومرن، واستقرار سياسي وبيئة آمنة ومجتمع متسامح ومميزات عالمية جاذبة للعيش والعمل والسياحة والاستثمار. وهي ضمن أفضل 20 دولة في العالم كمكان مثالي للعيش بحسب استطلاعات الرأي العالمية، الأمر الذي يمنحها ميزات تنافسية بين الأفضل في العالم، ويسهم في ترسيخ استدامة جاذبيتها الاستثمارية.

رجل مرحلة التطوير

من جهته، قال حمد مبارك بوعميم، مدير عام غرف دبي، إن تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان منصب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة تأكيد على أن الإمارات ماضية بقوة نحو صناعة حاضرها القوي، وبناء المستقبل المشرق لأبنائها.

وقال بوعميم «نتوجه اليوم بالتهنئة إلى مقام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبة انتخابه رئيساً لدولة الإمارات، وندعو الله أن يوفقه ويسدد خطاه في إرساء القيم الأصيلة والمبادئ التي نستمدها من فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه».

وأضاف: «نؤكد أننا على أتم الاستعداد والجهوزية لمواصلة العمل والعطاء، وكلنا ثقة وأمل في المضي قدماً نحو المزيد من الإنجازات النوعية التي ترسخ مكانة الإمارات العربية المتحدة دولةً متقدمةً ومتطورة على المستويين الإقليمي والعالمي تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أحب شعبه فأحبه الوطن».

مواصلة المسيرة

من جانبه، أكد هلال سعيد المرّي، مدير عام دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، أن انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة خلفاً للمغفور له فقيد الوطن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، هو تأكيدٌ على مواصلة المسيرة على الأسس التي وضعها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وسار على خطاها المغفور له الشيخ خليفة، والتي تتسم بالقيم الرشيدة والمبادئ الأصيلة لترسيخ مكانة الدولة بين مصاف الدول المتقدمة على كافة الأصعدة».

وأضاف المرّي: «لقد اكتسب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال مرحلة ولاية العهد في أبوظبي ثقة وولاء أبناء وطنه، ورعى جميع المبادرات التي ساهمت في تدعيم وتعزيز أمن الإمارات وتحفيز خطط تنويع النشاط الاقتصادي فيها. وعلى الصعيد الدولي، رسخ بأفعاله وأقواله نهج الإمارات كدولةٍ فاعلة وكوجهة عالمية مثالية وأرسى قواعد إنسانية تستحق التقدير، تمثلت في جهوده المتواصلة في تعزيز العمل الإنساني والإغاثي وقيم التعايش والتسامح بين الجميع».