هل تخلي الإمارات قواتها من "بلحاف" بعد انسحابها من معسكر يمني؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

أواخر أكتوبر 2021.

أواخر أغسطس 2021.

في منشأة بلحاف النفطية.

بعد أكثر من عام ونصف على إعلانها إنهاء وجودها في اليمن، وسحب قواتها بشكل كامل، تعود الأحداث لتشير إلى تواجد للقوات الإماراتية في عدد من المناطق الجنوبية في اليمن، وسط توتر مستمر مع القوات الحكومية المعترف بها دولياً.

وبعد ضغوط من قبل السلطات المحلية والعسكرية في محافظة شبوة (شرق اليمن)،  انسحبت قوات إماراتية مؤخراً من قاعدة العلم العسكري شمال شرقي مدينة عتق مركز محافظة شبوة اليمنية، وتوجهت إلى منفذ الوديعة السعودي.

هذا الانسحاب جاء بعد توتر وتحشيد عسكري من قبل القوات اليمنية في شبوة، بعدما طالبت بانسحاب قوات أبوظبي من معسكرات ومنشأة بلحاف النفطية، فهل تكون هذه الخطوة بداية لإنهاء التواجد العسكري الإماراتي في المدينة اليمنية؟.

مغادرة قوات

قبيل انتهاء مهلة قادتها وساطة سعودية لمغادرة القوات الإماراتية من شبوة، قبل نحو شهرين، أخلت قوات عسكرية إماراتية تابعة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، في 26 أكتوبر 2021، وجودها من قاعدة 'العلم' العسكرية في محافظة شبوة.

وقالت وسائل إعلام يمنية إن 'تلك القوات توجهت نحو منفذ الوديعة السعودي اليمني'، فيما تولّت قوات الجيش الوطني التابعة لمحور عتق العسكري، تأمين محيط المعسكر؛ 'لإتمام إجراءات تسلُّمه، بالتنسيق مع الجانب السعودي'.

فيما نقلت وكالة 'شينخوا' الصينية، عن محسن الحاج القميشي مستشار محافظ محافظة شبوة، قوله إن القوات الإماراتية انسحبت على متن نحو 14 عربة عسكرية مدرعة، من المعسكر باتجاه منفذ الوديعة البري الذي يربط اليمن بالأراضي السعودية.

وقاعدة 'العلم' العسكرية واحدة من أهم القواعد العسكرية في محافظة شبوة، وتقع بالقرب من قطاع 'العقلة' ثاني أكبر حقول النفط باليمن.

وكانت القوات الإماراتية قد تمركزت في قاعدة 'العلم' العسكرية عام 2017. 

اتفاق الانسحاب

هذا الانسحاب جاء بناء على وساطة سعودية، بين الحكومة اليمنية والقوات الإماراتية المتمركزة في ميناء 'بلحاف' ومعسكر العلم بمحافظة شبوة أواخر أغسطس الماضي.

والتقى محافظ شبوة اليمنية، محمد صالح بن عديو، حينها وفداً عسكرياً سعودياً، وأبلغه ضرورة إخلاء الإمارات منشأة بلحاف لتصدير الغاز المسال فوراً، وطلبت الوساطة السعودية من المحافظ مهلة شهرين إلى 3 أشهر حتى تخلي القوات الإماراتية المعسكر ومنشأة بلحاف، تمهيداً لإعادة تشغيلها بعد توقفها منذ عام 2015.

وقبل تلك الوساطة كان 'بن عديو'، قد اتهم الإمارات بتحويل منشأة تصدير الغاز في بلحاف، 'والتي يجب أن تكون شريان حياة للشعب في هذا الوقت العصيب، من مصدر لتجميع الغاز وتصديره وإنقاذ العملة واقتصاد البلد إلى تجميع المليشيات وتصدير التمرد'.

وقال محافظ شبوة: إن 'استمرار أبوظبي في تعطيل منشأة بلحاف الغازية والمؤسسات الاقتصادية للدولة لن يغير الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعانيه المواطن'، داعياً إلى 'موقف وطني صلب ينقذ اليمنيين من هذا الحال'.

وكانت الإمارات أعلنت مطلع عام 2020، انسحاب قواتها بشكلٍ كلي من اليمن، وهو الثاني من نوعه، بعد أن أعلنت نهاية يوليو 2019، سحب جنودها بشكل جزئي لأول مرة منذ مشاركتها في تحالف دعم الشرعية في اليمن، أواخر مارس 2015.

بلحاف الأهم

يشير الصحفي اليمني ناصر أبو عوجاء إلى أهمية انسحاب القوات الإماراتية من معسكر العلم بشبوة'، لكنه يرى أن الأهم من ذلك 'هو انسحابها من منشأة بلحاف الغازية'.

إلا أنه في الوقت ذاته يستبعد أن يكون ذلك الانسحاب 'بريئاً'، موضحاً في حديثه لـ'الخليج أونلاين' بقوله: 'ثمة أمر مشكوك فيه أن الانسحاب الإماراتي من شبوة، يأتي ضمن مخطط لإتاحة المجال أمام مليشيات أخرى للسيطرة على المحافظة وإسقاط وجود الحكومة فيها'.

ويطرح 'أبو عوجاء' رأيه في ذلك الأمر بقوله: 'هناك ترتيبات لإسقاط هذه المحافظة التي نهضت بشكل كبير تنموياً خلال الأشهر الماضية، وأكبر دليل على ذلك سقوط 3 مديريات بيد مليشيا الحوثي خلال يوم واحد بمساعدة قيادات عسكرية اتضح لاحقاً أنه تم تمويلها من قبل أطراف خارجية'.

ويعتقد أن 'هناك سيناريو آخر يشير إلى أن الانسحاب يهدف لإعطاء المجال لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تموله الإمارات لإعادة السيطرة على هذه المحافظة حيث يتم التحشيد إليها في عدة مناطق'.

ويضيف: 'هذا الخروج غير بريء جداً، وأعتقد أن شبوة مقبلة على هذين السيناريوهين'، مرجحاً 'حدوث السيناريو الأخير لكونه سيأتي تحت مبرر منع تسليم المحافظة للغزو الحوثي القادم من جهة مديرياتها الغربية، أو غيرها من المبررات التي لن تعدمها'.

شبوة بيد الدولة

لا يُعرف ما إذا كانت القوات الإماراتية التي ترفض الانسحاب من ميناء بلحاف الاستراتيجي ستقوم بتلبية مطالب القوات الحكومية، أم أن الوضع سيتجه لاحقاً إلى الانفجار.

وكانت القوات الحكومية اليمنية أحكمت سيطرتها الكاملة على كافة مديريات محافظة شبوة جنوب شرقي اليمن، في أغسطس 2019، وذلك بعد انسحاب معظم القوات الإماراتية وقتال عنيف مع قوات النخبة التي كانت تمولها أبوظبي، قبل أن تلوذ تلك القوات بالفرار.

وتكمن أهمية محافظة شبوة في مواردها الطبيعية إذ تضم حقولاً ومنشآت نفطية، وميناءين استراتيجيين لتصدير الغاز والنفط.

وتفتح السيطرة على شبوة لأي جهة تسيطر عليها الطريق للوصول إلى بقية المحافظات الشرقية مثل حضرموت.  

كما فتح اكتمال سيطرة الحوثيين على محافظة البيضاء (وسط اليمن) التي تربط ثمان محافظات يمنية، الشهية نحو محافظة شبوة التي تمثل إلى جانب حضرموت التي تجاورها، ثقلاً وأهمية اقتصادية كبيرة لليمنيين، وتمكنت أخيراً من السيطرة على ثلاث مديريات في هذه المحافظة، وسط مخاوف من مواصلة الحوثيين تقدمهم نحو باقي مديرياتها.