الإمارات والنمسا.. ترسيخ السلام والاستقرار في العالم

أحمد عاطف وشعبان بلال (القاهرة)

قال خبراء ومحللون، إن التوافق السياسي بين الإمارات والنمسا من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في أنحاء العالم، وترسيخ السلام وإيجاد حلول للنزاعات من خلال الطرق السلمية والدبلوماسية، وتغليب لغة الحوار والتفاهم لما فيه خير الشعوب للتقدم والتنمية والازدهار وتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة. وأشاروا إلى التزام البلدين بنظام دولي قائم على جوهر مبادئ الأمم المتحدة، وتعزيز التسامح والحوار وحقوق الإنسان. ولفتوا إلى تأكيد البلدين على مبادئ التعايش السلمي وتعزيز قيم الاعتدال والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية، والعمل على مكافحة التطرف والإرهاب بجميع صوره وأشكاله وتجفيف منابعه ومصادر تمويله، والتصدي للأفكار التي تروج لها الجماعات المتطرفة والميليشيات المسلحة في العالم، ورفض كل أشكال العنف والترويع التي تمارسها هذه الجماعات مع تأكيد أهمية الحفاظ على الشباب وتحصينهم تجاه الفكر الإرهابي.

وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة لـ«الاتحاد»: إن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى فيينا، ومباحثاته مع معالي سيباستيان كورتس مستشار النمسا، مهمة جداً في طرح المجالات والقضايا المشتركة التي تخص المنطقة. وأضاف أن الأوروبيين يستمعون للإمارات في الملفات المتعلقة بالخليج والقضية الفلسطينية واتفاقات السلام والأوضاع الليبية وشرق المتوسط، كما يتطلعون لاستكشاف الرؤية الإماراتية في استراتيجيات التعامل بشكل غير تقليدي مع الملفات الصعبة.

واعتبر مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية محمد حامد أن العلاقات الإماراتية النمساوية تعد من أقوى العلاقات العربية الأوروبية، مشيراً إلى أن توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين جعلها ترتقي بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أوثق. وأكد أن توقيت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إلى النمسا يؤكد على أولويات متعلقة بالمتغيرات الدولية واستمرار خطر الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط، معتبراً أن الزيارة ستعمل على توطيد العلاقات وتوقيع المزيد من مذكرات التفاهم على الصعيد السياسي والتنسيق في مكافحة الإرهاب. ولفت إلى أن النمسا اتخذت أكثر من قرار في مواجهة التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة «الإخوان» الإرهابية.

وترتبط الإمارات والنمسا بعلاقات برلمانية وثيقة عبر المجلس الوطني الاتحادي والمجلس الوطني النمساوي. وقد تفاهم البلدان في هذا الشأن على تشكيل لجنة صداقة بين البرلمانين بهدف تبادل الخبرات والمعارف وتنسيق الرؤى والمواقف في المحافل البرلمانية الدولية في مختلف المجالات، إضافة إلى العمل على تعزيز الحوارات الثقافية والحضارية للإسهام في نشر قيم التسامح والاعتدال والتعايش الإنساني.

وأكد مصطفى عبد الله الكاتب المتخصص في الشؤون النمساوية أن علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، والقضايا الإقليمية والدولية زادت الاهتمام المشترك. وأشار في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى أن العلاقات بين الإمارات والنمسا هي علاقات متميزة، وتستند إلى تاريخ طويل من التعاون والتفاهم والمصالح المشتركة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1974. ولفت إلى أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إلى النمسا تدعم تقوية شراكات الإمارات مع الدول الصديقة في العالم.

وقال الدكتور أيمن سمير أستاذ العلاقات الدولية: «إن العلاقات بين الإمارات والنمسا قديمة بدأت منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولقائه مع مستشار النمسا برونو كرايسكي عام 1973 قبل أن يكون هناك تبادل سفارات بين البلدين». وشدد على أنه الآن في ظل القيادة الإماراتية القوية والحكيمة هناك مصالح واسعة مشتركة بين البلدين، مضيفاً أن هناك اتفاقاً بين البلدين ينم عن الهدف الكبير الذي يقوم على تعزيز قيم الشراكة والرخاء والتنمية والاستقرار، ليس فقط في منطقة الخليج لكن في المنطقة العربية وأفريقيا والعالم كله.

وأشار إلى أن الجهود الإماراتية في تعزيز التنمية والاستقرار تتفق مع أجندة فيينا، بالإضافة إلى عمل البلدين في تعزيز قيم المحبة والتعايش وقبول الآخر ما بين الشعوب، والوقوف على مسافة واحدة من كل الأجناس والألوان، وهي قيم مشتركة بين الإمارات والنمسا، بالإضافة إلى تعزيز لغة الحوار لإنهاء النزاعات. وأكد أن الزيارة تصب في دعم العلاقات المشتركة بين البلدين، والعمل على تعزيز دور الأمم المتحدة في نشر السلام في العالم، لافتاً أيضاً إلى التنسيق والتكامل بين الدور الذي تقوم به النمسا والدور المنتظر أن تقوم به الإمارات عند بدء عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي مطلع العام المقبل.

الإعلام النمساوي يحتفي بالزيارة

أجمعت الصحف النمساوية لاسيما الرصينة على أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لفيينا أمس، لقيت ترحيباً واسعاً مركزة على مكاسبها وفوائدها الاقتصادية التي ستعود على البلدين. كما أبرزت الصحف الاستقبال الحافل الذي حظي به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومراسم الاستقبال رفيعة المستوى، وبحضور كبار المسؤولين النمساويين، حيث حظيت الزيارة باهتمام جميع وسائل الإعلام حتى محطات التليفزيون الخاصة، التي تابعت على الهواء مباشرة وقائع الاستقبال وتوقيع الاتفاقية.

واستعرضت صحيفتا Die Presse وDer Standard وغيرهما من الصحف النمساوية المهمة الاتفاق على تدشين شراكة استراتيجية موسعة لتعزيز التعاون في مجالات كثيرة، تتضمن توثيق التعاون في مجال طاقة الهيدروجين. وأفردت الصحف مساحة تحريرية كبيرة مدعومة بصور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومعالي سيباستيان كورتس مستشار جمهورية النمسا الاتحادية الصديقة خلال فعاليات الزيارة مستعرضة أقوال كتاب مرموقين في صحف ومجلات عالمية عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ودوره المحوري في العالم.

كما تطرقت الصحف إلى مجالات التعاون التي ستشمل، الاقتصاد والتجارة والثقافة والتعليم وتوسيع الحوار في الشؤون السياسية والقضايا الخارجية.

وسلطت الصحف الضوء على التصريحات المشيدة والمثمنة للزيارة ونتائجها وخاصة الاتفاقية، التي «تمنح التعاون الممتاز بين البلدين المزيد من الديناميكية» بحسب رئيس الوزراء، الذي أوضح أن البلدين لديهما شراكة في مجال الطاقة تمتد لأكثر من 25 عاماً، عبر شركات وطنية، مشيراً إلى أن البلدين يعتزمان توسيع هذه الشراكة القائمة إلى مجال طاقة الهيدروجين، فيما قالت وزيرة الاقتصاد النمساوية مارغريت شرامبوك«تعليقاً على اتفاقية الشراكة» نظراً لموقعها الجغرافي.. تعد الإمارات الموقع المثالي للشركات النمساوية لدخول أسواق جديدة»، مؤكدة أن موقع الإمارات كأكبر شريك تجاري نمساوي في منطقة الخليج سوف يتم توسيعه وتعزيزه«من خلال هذه الشراكة الاستراتيجية».