"العلم الزائف".. خديعة الحروب المتوارثة

وصفت روسيا اتهامات الغرب لها بقصف مركز تجاري في أوكرانيا على أنه عملية "علم زائف".

ومؤخرا، رفضت موسكو على لسان المتحدثة باسم خارجيتها، ماريا زاخاروفا، ادعاءات الغرب واتهاماته بقصف مركز تجاري خلال عمليتها العسكرية الجارية في أوكرانيا.

ووصفت زاخاروفا الإدعاءات بأنها تشبه 'عمليات العلم الزائف' التي تجريها دول غربية فى بعض الأحيان.ارتفاع قتلى قصف مركز تسوّق بأوكرانيا لـ16.. وإدانات دولية للحادث

فما هي 'عمليات العلم الزائف'؟

عملية العلم هي فعل يرتكب بقصد التمويه، يعمل خلاله الفاعل الأصلي على التنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم على الطرف الآخر، وهذا المصطلح كثيرا ما يستخدم في إشارة إلى العمليات السرية لمختلف الحكومات.

ووفقا لتقارير، نشأ مصطلح 'العلم الزائف' في القرن السادس عشر كتعبير رمزي يعني 'تحريفًا متعمدًا لهوية وانتماء وأهداف شخص ما'.

وتم استخدامه لاحقًا لوصف الخدعة في الحرب البحرية حيث ترفع سفينة علم دولة محايدة أو معادية لإخفاء هويتها الحقيقية.

وقد استخدم هذا التكتيك في الأصل من قبل القراصنة لخداع السفن الأخرى من أجل السماح لهم بالاقتراب قبل مهاجمتهم.

ويمتد المصطلح اليوم ليشمل البلدان التي تنظم هجمات على نفسها وتجعلها تبدو وكأنها من قبل دول معادية أو إرهابيين، مما يعطي الأمة التي يُفترض أنها تعرضت للهجوم ذريعة لاتخاذ سياسات معينة.

كما يمكن أن يستخدم لوصف العمليات التي تقوم بها منظمات مدنية في أوقات السلم تتبع فى الحقيقة وكالات حكومية سرية.

ويكثر استخدام هذه العمليات في أوقات الحروب إذا كان المُنفذ للعملية ينوي إخفاء هويته الحقيقة لتجنب اللوم.

أمثلة تاريخية

من الأمثلة البارزة لهذه العمليات، الحرب الروسية السويدية، ففى عام 1788، تلقى الخياط الرئيسي في الأوبرا الملكية السويدية أمرًا بخياطة عدد من الأزياء العسكرية الروسية.

وفي 27 يونيو/ حزيران من العام نفسه، استخدم السويديون الزي لشن هجوم على بومالا، وهي بؤرة استيطانية سويدية على الحدود مع روسيا، ما تسبب في غضب بستوكهولم لكن أثار إعجاب الجمعية الوطنية التي رفضت حتى ذلك الحين الموافقة على شن حرب ضد روسيا.

وبالحرب الصينية اليابانية الثانية في سبتمبر/ أيلول 1931، اختلق الضباط اليابانيون ذريعة لغزو منشوريا بتفجير جزء من السكك الحديدية.

ورغم أن الانفجار كان أضعف من أن يعطل العمليات على خط السكك الحديدية، إلا أن اليابانيين استخدموا الحادثة للاستيلاء على منشوريا وتشكيل حكومة دمية لما أطلقوا عليه اسم دولة مانشوكو 'المستقلة'.

وفى الحرب العالمية الثانية، وتحديدا فى عامها الأول (1939)، قام راينهارد هايدريش بتلفيق أدلة على هجوم بولندي على ألمانيا لحشد الرأي العام الألماني للحرب وتبرير الحرب مع بولندا.

وأدى ذلك إلى مقتل ضحايا معسكر الاعتقال النازي الذين كانوا يرتدون زي الجنود الألمان ثم أطلق الجيستابو (البوليس السري الألماني) النار عليهم ليبدو أنهم تعرضوا لإطلاق نار من قبل الجنود البولنديين.

وعبر العملية ذاتها، قام الطراد التجاري الألماني 'كورموران' في الحرب العالمية الثانية بإغراق الطراد الأسترالي الخفيف 'إتش إم إيه إس سيدني' في عام 1941 أثناء تخفيه باعتباره سفينة تجارية هولندية، مما تسبب في أكبر خسارة بالأرواح على متن سفينة حربية أسترالية.

وبينما أصيب 'كورموران' بأضرار قاتلة في الاشتباك وأسر طاقمه، مثلت النتيجة انتصارًا نفسيًا كبيرًا للألمان.

وأجرى البريطانيون عملية زائفة في غارة سانت نازير عندما زوِدت المدمرة القديمة 'كامبيلتاون'، التي خطط البريطانيون للتضحية بها في العملية، بتعديلات تجميلية تضمنت قص مداخن السفينة وشطب حوافها لتشبه قارب طوربيد ألماني من النوع 23.

وعبر هذه الحيلة، تمكن البريطانيون من الوصول إلى مسافة ميلين (3 كم) من المرفأ قبل رد الدفاعات، إذ نجحت 'كامبيلتاون' والقوات الخاصة في تعطيل أو تدمير هياكل الرصيف الرئيسية للميناء.

واستمر استخدام هذه العمليات حتى عصرنا هذا، وفى الولايات المتحدة، اتهم أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب منافسته الديمقراطية، هيلارى كلينتون، بشن عملية 'علم زائف' عندما أطلقت وروجت لما قالوا انها 'ادعاءات لا أساس لها' حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية عبر صلات مزعومة بأشخاص على صلة بترامب.