صفقة الرافال بين الإمارات وفرنسا.. "ليست مصادفة"

مع إبرام الإمارات لصفقة شراء مقاتلات رافال الفرنسية، فإن هذا الأمر قد يكشف تبدلا في ميزان القوى في منطقة الخليج، حيث قد تبحث دول في المنطقة عن شركاء جدد غير واشنطن.

ووقعت الإمارات مؤخرا اتفاقا بقيمة 16 مليار يورو لشراء 80 طائرة رافال فرنسية من الجيل الجديد، في الوقت الذي لا تزال المباحثات حول شراء طائرات 'F35' الأميركية مجمدة بشكل غير رسمي.

وستكون الإمارات أول دولة تشغل نسخة حديثة من طائرات رافال خارج فرنسا، والتي تضم أجهزة استشعار رادار محدثة، وإلكترونيات متطورة، قادرة على حمل صواريخ يصل وزنها إلى 1000 كلغم.

رسالة من أبوظبي 

ويشير تحليل نشره موقع 'بريكينغ ديفنس' إلى أنه 'من الصعب النظر إلى الصفقة على أنها اتفاق مفاجئ لعدد كبير من الطائرات، أو اعتبارها مصادفة'.

ويوضح أن أبوظبي تريد توجيه رسالة إلى واشنطن مفادها 'أن الإمارات لديها خيارات إذا استمرت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن في تجميد صفقة شراء طائرات F-35'.

ونقل الموقع عن مصدر عسكري إماراتي مطلع قوله 'من الواضح أن الإمارات لن تلغي عقود تطوير الجيل الخامس مع الصينيين فيما يتوقع استمرار تجميد صفقة طائرات الـF-35 في الوقت الحالي'.

وتقول مصادر أن إدارة بايدن تضغط على الإمارات من خلال صفقة 'F-35' من أجل التخلي عن الشراكة مع شركة هواوي التي تطور شبكة الجيل الخامس.

رئيس مجلس الإدارة شركة داسو المصنعة لطائرات رافال، إريك ترابير، قال بعد 'استخدامهم لطائرات ميراج 5 وميراج 2000 يعزز عقد رافال العلاقة' بين الطرفين.

وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش في تصريحات إعلامية سابقة 'علينا أن نغير نموذج المواجهة المفتوحة' الذي كان سائدا في العقود الماضية، مقرا بأن الولايات المتحدة 'لن تحافظ على الالتزام ذاته في المنطقة' إلى ما لا نهاية.

ليست صفقة سياسية بحتة

المحلل المتخصص في الشؤون الدفاعية، براندون سي باتريك، قال لـ'بريكنغ ديفنس' إنه 'بالنظر إلى المفاوضات الفرنسية الإماراتية التي استمرت لعقد من الزمان فمن الصعب رؤية الاتفاق المفاجئ الذي يضم عددا كبيرا من الطائرات على أنه صدفة'.

وأضاف 'أن الإمارات تريد إرسائل رسالة بنفاد صبرها، والتي دفعتها لمثل هذه الصفقة'.

ويرى باتريك أن صفقة رافال 'ليست سياسية بحتة'، إذ أن الإمارات تريد الاستثمار في شراء رافال وطائرات F-35، فهي لا تزال تريد شراء 50 طائرة من لوكهيد مارتن، فيما ستقدم طائرات رافال بديلا لطائرات ميراج وF-16 التي تمتلكها أبوظبي حاليا.

وأشار المستشار الخاص لدى معهد البحث الاستراتيجي في باريس، فرانسوا هايسبور في حديث إلى وكالة فرانس برس إلى أن الإماراتيين 'يريدون أن يكونوا الأفضل تجهيزا في المنطقة، مع طائرة إف-35 من الجانب الأميركي، واختيار رافال من الجانب الأوروبي'.

وأضاف 'شراء طائرات رافال الـ80 يندرج في سياق سياسة النفوذ والقوة الإقليمية التي تعتمدها الإمارات، فهي مصممة على إثبات موقعها بمواجهة السعودية وكذلك قطر، خصمهما الكبير في شبه الجزيرة العربية الذي سيستضيف كأس العالم لكرة القدم عام 2022'.

جودت بهجت، متخصص بالأمن القومي يرى أن التوجه لصفقة رافال عززها 'الانسحاب الأميركي من أفغانتسان'، والذي قد يعني انسحاب واشنطن من المنطقة حيث تولي اهتماماتها لمناطق أخرى.

وأكد أن الإمارات ستحافظ على علاقات عسكرية واستراتيجية وثيقة مع الولايات المتحدة ولكنها 'لن تضع كل بيضها في سلة واحدة'.

تبدل ميزان القوى

نائبة رئيس معهد المتوسط والشرق الأوسط للبحوث والدراسات، أنياس لوفالوا، قالت في تصريحات لوكالة فرانس برس أن 'دول الخليج، وخصوصا السعودية والإمارات، تدرك أنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على الأميركيين كما من قبل' ولا سيما منذ وصول الديمقراطي بايدن إلى البيت الأبيض في يناير.

وأضافت 'رغم أن دول الخليج تملك الكثير من المعدات، إلا أنها تشعر أنها في موقع ضعف، فتقضي وقتها تشتري ضمانات من شركاء يمكنهم طمأنتها وطمأنة الذين يستثمرون فيها أيضا'.

وتشير إلى أنه 'ثمة إرادة في التحرر من الوصاية السعودية، وإثبات أنها لاعب أكثر استقلالية مما كانت من قبل، وأن لها مصالحها الخاصة'.

القوة الجوية الإماراتية

واعتبرت إيما سوبرييه الخبيرة في معهد الدراسات للشرق الأوسط في واشنطن، في رد على استفسارات وكالة 'فرانس برس' أن 'عقد طائرات رافال يؤكد أيضا على العنصر الجوي الطاغي للقوة العسكرية الإماراتية'.

وقالت إن 'هذا يؤشر إلى منعطف جديد محتمل، يترسخ بشكل حازم في علاقة مع فرنسا'.

وباختيارها طائرات رافال، تؤكد أبوظبي أيضا شراكتها الاستراتيجية القديمة العهد مع فرنسا التي تملك ثلاث قواعد عسكرية في هذا البلد.

وأضافت سوبرييه إن 'الصين شريك تجاري هام للإمارات... وبدأ شق دفاعي يتعزز' بين البلدين.

ولفتت إلى أن الإمارات زودت قواتها بطائرات مسيرة مسلحة صينية من طراز وينغ لونغ، كما 'يجري البحث عن بناء قاعدة صينية، ما يشكل خطا أحمر حقيقيا' لواشنطن.

وفي نوفمبر الماضي كشفت صحيفة 'وول ستريت جورنال'، أن وكالات الاستخبارات الأميركية اكتشفت، أن الصين كانت تبني سرا ما يشتبه منشأة عسكرية في ميناء في الإمارات.

وقادت 'صور الأقمار الصناعية السرية التي حصل عليها المسؤولون الأميركيون، الربيع الماضي، إلى استنتاج أن الصينيين كانوا يبنون منشآت عسكرية في الميناء'.

وبعد جولات من الاجتماعات والزيارات لمسؤولين أميركيين إلى الإمارات، توقف البناء مؤخرا في الميناء، حيث تبين أن الحكومة الإماراتية لم تكن على دراية بالطبيعة العسكرية للنشاط الصيني.