ناشونال إنترست: ما تداعيات أزمة الغواصات على الناتو والمحادثات التجارية؟

حض الكاتب تيبو موزيرغيوز واشنطن على أخذ الغضب الفرنسي بعد إلغاء أستراليا صفقة الغواصات النووية الفرنسية واستبدالها بغواصات نووية أمريكية، بجدية، لافتاً إلى أن قرارات باريس تحتم ذلك.

الفرنسيون غير راضين عن إخراجهم من صفقة الغواصات، بعد سقوط 'صفقة القرن' ضحية جانبية لاتفاق أوكوس الأوسع الذي وقع في الأسبوع الماضي بين أستراليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.

وللمرة الأولى تستدعي باريس سفيرها من الولايات المتحدة 'للتشاور'، بينما يمكن وصف اللغة التي استخدمها الديبلوماسيون والوزراء والمحللون في وسائل الإعلام، وفي العالم الإفتراضي في الأيام الماضية، بكل شيء إلا بديبلوماسية.

ومع ذلك، فإن الدعوات لإعادة إطلاق نوع من الديغولية الجديدة، وإعادة ضبط علاقة باريس، وأوروبا، مع الصين يجب أن تؤخذا على محمل الجد، إذ أن الفرنسيين غاضبين حقاً، ولديهم طاقة على التسبب في ما يكفي من الإزعاج لأمريكا، التي تستثمر في انتصارها الديبلوماسي في أوروبا والمحيط الهادئ.

الضحية الغاضبة البريئة

وليس من الصواب أن يلعب الفرنسيون دور الضحية الغاضبة البريئة، ولم يكن سراً، بعيداً عن الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية على ما يبدو، أن العقد التاريخي لشراء 12 غواصة فرنسية للبحرية الأسترالية كان يعاني صعوبات.

وقالت صحيفة 'لوفيغارو' الفرنسية في يونيو (حزيران) الماضي، إن كانبيرا كانت تبحث بنشاط عن الخطة باء. والجميع يعرف أن التكاليف كانت خارج السيطرة، وأن العقد بات مشكلة داخلية في أستراليا، وكانت المعضلة الأمنية عند كانبيرا تتغير بسرعة في الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي كان تنمر الصين يستلزم علاقة أكثر قرباً من واشنطن. كل هذه العوامل كان يجب أن تدق ناقوس الخطر في باريس، ومن الواضح أنه لم يؤخذ بما يكفي من الجدية في العاصمة الفرنسية.

الخطأ الفادح

والأكثر أهمية، هو الخطأ الفادح لباريس الذي يثير فضيحة مع تجاهل الصورة الأكبر، ألا وهو تحالف أوكوس الأوسع، الذي يعد ضربة أولى وقوية لبكين التي تنتهج حالياً سياسة خارجية عدائية.

وحتى ولو كانت مقاربتهما للمسألة أكثر مرونة، فإن لفرنسا والاتحاد الأوروبي قلق متساوٍ من الطموحات الصينية، وكان عليهما أن يأخذا ذلك في الاعتبار ، قبل انتقاد شركاء، بما في ذلك في أوروبا، بسبب ما كان جزءاً فقط من إتفاق أكثر شمولاً.

ربما يبالغ الفرنسيون في رد فعلهم، لكنهم مع ذلك، غاضبون لأسباب وجيهة. فمن جهة، يمكن وصف الطريقة التي تخلت بها أستراليا عن الصفقة الفرنسية، بنتيجة لامبالاة على الأقل. وتكن فرنسا ضغينة مشروعة ضد شركائها الأستراليين بسبب طريقة معاملتهم، مع احتمال انعكاس ذلك على المفاوضات الجارية حالياً مع الاتحاد الأوروبي، وضد الولايات المتحدة لتجاهلها مصالحها، وهنا أيضاً مع عواقب محتملة على القمة المقبلة لحلف شمال الأطلسي في العام المقبل بمدريد.

نصر ديبلوماسي

ربما لا تكون فرنسا قوة عالمية، وأقل أهمية من أستراليا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ولكن الإزعاج الذي قد تسببه، أمر واقع في أوروبا. فرنسا قوة موجودة في المحيط الهادئ، مع 1.6 مليون فرنسي يعيشون عبر البحار في كاليدونيا الجديدة، وبولونيزيا الفرنسية، وواليس، وفوتونا، مع منطقة تجارية واسعة تشكل ثلاثة أرباع فرنسا، وتجعلها الثانية في العالم. كما أن فرنسا هي الرهان الأمريكي الأفضل إذا أرادت واشنطن أن يلعب الاتحاد الأوروبي دور الحليف في المنطقة.

حققت أمريكا نصراً ديبلوماسياً بتوقيع اتفاق أوكوس. وهي في حاجة الآن إلى البناء عليه من أجل شراكات أكبر، وحتى لا تتاح الفرصة للصين لإضعاف ما تبقى من تحالفات للولايات المتحدة.

إن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي طلبتها الولايات المتحدة، علامة على الإنفتاح، وهي خطوة أولى في هذا الإتجاه.