اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
19 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: تهبُّ من جديد رياح الاتفاق بين حكومة إقليم كردستان العراق والحكومة الاتحادية في بغداد، لكنّها هذه المرّة مشروطة، هشّة، ومرتبطة بتسليم فوري لنفط الإقليم إلى شركة 'سومو'، بما لا يقل عن 230 ألف برميل يومياً، في مقابل وعدٍ بصرف مستحقات ورواتب طال انتظارها، ضمن ما يبدو أنه تكرار مألوف لنمط الاتفاقات 'الوظيفية' قصيرة الأمد.
وتتبدى في هذه الصفقة المعلنة آليات تبادل مشروط لا تخلو من نَفَسٍ نفعي، إذ ينص الاتفاق على أن تتولى بغداد دفع سلفة قيمتها 16 دولاراً عن كل برميل مستلم، سواء كان الدفع عيناً أم نقداً، استناداً إلى تعديل قانون الموازنة العامة، وهو ما يشي باستمرار العقلية الحسابية في إدارة العلاقة بين المركز والإقليم، لا سيما في ظل إرث من التوجس المتبادل وسوابق انهيارات الاتفاقات السابقة عند أول منعطف سياسي.
وتستمر محاصصة النفط في صيغة 'المعالجة الوقتية'، إذ يقتطع الإقليم من إنتاجه البالغ 280 ألف برميل، 50 ألفاً للاستهلاك المحلي، على أن تؤول الإيرادات المترتبة عن بيع هذه الكمية إلى الخزينة الاتحادية، بعد خصم التكاليف التشغيلية، في محاولة لإخضاع كل قطرة نفط للعدّ السياسي والمالي. ويبدو أن إعادة التكرير تجري هذه المرة ليس فقط على النفط، بل على لغة الاتفاقات نفسها، التي لم تخرج عن المفردات المتكررة: التزام، سلفة، لجنة مشتركة، تدقيق، ودفعة أولى.
وتبرز الإيرادات غير النفطية كميدانٍ ثانوي للجدل، إذ تسلم أربيل 120 مليار دينار كدفعة مبدئية لحصة بغداد، في انتظار 'تسوية لاحقة' بعد الفحص، وكأنّنا أمام دفتر حساب مؤجل تحكمه لغة التحاسب وليس التكامل، وهي مؤشرات تثير الريبة بشأن مصداقية التزامات الطرفين، وتفتح الباب لاحتمال وقوع انكسارات جديدة في هذا البناء المؤقت.
وتتعهد بغداد مجدداً بصرف رواتب موظفي الإقليم لشهر مضى، شرط تأكيد استلام كامل الشحنات النفطية في ميناء جيهان، في مشهد يعيد تدوير العلاقة وفق مبدأ 'النفط مقابل الرواتب'، بما يعكس استمرار غياب الثقة، وتثبيت مشهد سياسي تُدار فيه الثروات بمنطق الشرط والرهان، وليس بمنظور دستوري مستقر.
About Post Author
moh moh
See author's posts